حبوب الكتان ليست مصدرا لحمض الأوميكا 3 وإنما خزانا لهذا الحمض الذي لا يجب أن يكون ضحية للنصائح التجارية، والكمية الموجودة بحبوب الكتان كافية للجسم
تعتبر حبوب الكتان من الحبوب الدهنية وتحتوي على كمية هائلة من حمض الألفا لينولينك الذي يعطي حمض الأوميكا3. وهذا الحمض هو الذي أصبح يستعمل في كثير من المواد الغذئية، لأغراض تجارية نظرا لأهميتة الصحية. وحبوب الكتان موجودة ومتوفرة جدا في السوق على مدار السنة، ويمكن استهلاكها بدون أي تحفظ، كما يستحسن أن تستهلك طازجة، إما مدقوقة أو مباشرة، أو ربما تضاف إلى بعض الأغذية، وهو ما ننصح به ليكون تناولها دائم ولكل أفراد العائلة، ويستحسن أن تضاف كحبوب مباشرة إلى العجين إذا كانت المرأة لا تزال تعجن خبزها. وحبوب الكثان لا يعرفها الناس كثيرا، لأنها لا تدخل في طب الأعشاب، وإنما تدخل في الطب الغذائي dietarotherapy وهو علم جديد يستعصي على الأطباء، وعلى المعالجين بالأعشاب، لأنه يشمل طرق فقط، وليس وصفات تباع ويكسب بها الناس أموالا. والطب الغذائي يسبق الطب الكيماوي وطب الأعشاب والعلاج بالنحل لأنه هو الأساس الذي يجعل الجسم يقبل العلاج أو لا يقبله. فالسرطان مثلا لا يعالج بدون تحديد النظام الغذائي للمصاب، ولذلك نجد حالات تعالج وحالات تستعصي نظرا لما يتناوله الجسم من سموم ومسببات للسرطان.
المزايا الصحية
تحتوي حبوب الكتان على حمض الألفا لينولينك َ ALA alpha linolenic acid وهو الحمض الذي يتحول داخل الجسم ليعطي حمض الأوميكا 3 (Omega3) ، وبما أن هذا الحمض يكون في الزيت لأنه دهني، فاستهلاك زيت حبوب الكتان تحتوي على كمية كبيرة من حمض الأوميكا 3، لكن الزيوت عادة ما تستخرج من الحبوب بشتى الطرق، وقد تكون مغشوشة بزيوت أخرى للكسب، ولذلك فاستهلاك حبوب الكتان يبقى أضمن وأحسن بالنسبة للمصابين الذين يحتاجون لمكون الأوميكا 3. والمتداول علميا أن حمض الأوميكا 3 يوجد في الأسماك أو الحيوانات ذات الدم البارد، ويوجد في زيوت السمك لأنه كما سيق الذكر دهني فهو يوجد على شكل ذائب في المادة الدهنية.
يتحول حمض الألفا لينولينك alpha linolenic acid إلى حمض الكاما لينولينك أو حمض الأوميكا 3 الذي يساعد الجسم على مقاومة التأكسدات الداخلية ويمنع تكون التجلطات داخل الأوعية الدموية، ويحول دون نمو التورمات السرطانية. ويستقلب حمض alpha linolenic acid إلى حمض الكاما لينولينك أوميكا 3 داخل الجسم بواسطة أنزيم الديلتا 6 ديساتوريز delta-6desaturase وهذا الأنزيم قد لا يوجد عند بعض الأشخاص، كما أنه قد يكون غير نشيط عند كثير من الأشخاص، أو قد يكون مثبط يعني لا يعمل كما هو الشأن بالنسبة للمصابين بالسكري، والأشخاص الذين يستهلكون كثيرا من الشحوم الحيوانية أو الكحول. وفي هذه الحالات يجب استهلاك كميات كبيرة من حبوب الكتان لتزويد الجسم بحمض الأومكا 3 ، أو استهلاك السمك بدل اللحوم، ويجب استهلاك السمك يوميا بشرط ألا يكون مشويا في زيت المائدة، بل يجب أن يكون مطبوخا بزيت الزيتون. وقد بينت بعض الأبحاث أن استهلاك ما يعادل 50 غرام من حبوب الكتان يرفع كمية الأوميكا 3 بالدم بنسبة 60 في المائة لدى كثير من الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة.
يساعد ضد الإلتهابات المؤلمة
يتحكم حمض الأوميكا 3 في تمثيل فئة 1 و3 من الروسطاكلاندين 1 and 3 prostaglandins وهي جزيئات شبيهة بالهرمونات المزيلة للإلتهابات المؤلمة، وهو على عكس إنتاج فئة 2 من البروسطاكلاندين التي قد تسبب الألم. ونشير إلى أن هذه الفئة من البروسطاكلاندين يدخل في تمثيلها أو إنتاجها حمض الأوميكا 6 الموجود في الدهون أو الشحوم الحيوانية، وكذلك في بعض أنواع زيوت المائدة مثل زيت نوار الشمس وزيت نخيل الدوم والفول السوداني والذرة. ويلعب حمض الأومكا 3 دورا بارزا في إزالة الإلتهابات المؤلمة في كل من الربو والإلتهابات العظمية والمفصلية والروماتيزم وألام الرأس وهشاشة العظام، وهي التهابات خاصة بالدورة الدموية والعظام.
وقاية العظام
من المعلوم أن حمض الأومكا 3 يسكن آلام العظام، وذلك بخفض نسبة حمض الأومكا 6 الحيواني، وهو الذي يعطي البروسطكلاندين المسبب للألم، وهناك محاولات كثيرة لتفسير الكيفية التي يتمكن من خلالها حمض الأومكا 3 من تسكين آلم العظام. لكن المهم والثابت هو أن حمض الأوميكا 3 يقوم بحبس إنتاج البروسطكلاندين من الحمضيات الدهنية الأخرى حيث يمكن أن يتراكم ويسبب آلام في العظام.
الوقاية من أمراض القلب ومضاعفات السكري والسرطان
من خصائص حمض الأوميكا 3 القصوى، منع تكون التخترات والسدادات داخل الأوعية الدموية، وهذه التكونات الخطيرة هي التي تسبب الجلطة الفلبية والإنسدادات في الأوعية المغذية للقلب، وهي التي تسبب بعض المضاعفات الخطيرة كذلك لأصحاب السكري، ويلعب حمض الأوميكا 3 دور الملين لجدار الخلايا، لتصبح لينة وقابلة للتبادل خصوصا دخول الأنسولين عند المصابين بالسكري، ولذلك لا يرجى استهلاك الدهون الحيوانية التي تسد الخلايا، وتمنع التبادل لتتراكم البقايا داخل الأوعية وداخل الخلايا نفسها. وكلما كانت الخلايا لينة flexible كلما كان الامتصاص سهلا، بينما يقع العكس عند الأشخاص الذين يستهلكون الشحوم الحيوانية والأحماض الدهنية من نوع trans الموجودة في المارغارين والمأكولات المشوية في الزيت. ويحمي حمض الأوميكا 3 خلايا جدار المعي الغليظ أو القولون ضد كل الطوكسينات والجذور الحرة المسببة للسرطان، ويخفض من حدة احتمال ظهور سرطان على مستوى القولون.
ويعمل حمض الأوميكا 3 على خفض نسبة الكوليستيرول بشكل ملفت للنظر، إذ أن استهلاك مقدار 20 غرام فقط من حبوب الكتان في اليوم مع الامتناع عن تناول اللحوم والقيام بحركات كالمشي، يمكن من خفض نسبة الكوليستيرول بشكل نهائي. ويعمل حمض الأوميكا 3 على توازن الكوليستيرول الثقيل والخفيف بمنع تحول الكوليستيرول الحميد إلى النوع الخطير.
أما فيما يخص ارتفاع الضغط فإن حبوب الكتان تلعب دورا خاصا في خفض الضغط الدموي بالنسبة للعلوي والسفلي على حد سواء، وبما أن حبوب الكتان تخفض نسبة الكوليستيورول في الدم فإن الأشخاص المصابين بارتفاع الضغط مع ارتفاع نسبة الكوليستيرول، أو الشحوم في الدم قد يستفيدون من مزايا حبوب الكتان، التي تكمن في منع تصلب خلايا الأوعية الدموية وكذلك منع تكون بعض الزوائد التي تسد الأوعية، لكن يجب اجتناب الدهون الحيوانية أثناء تناول حبوب الكتان، فالطب الطبيعي يعتمد على إصلاح الخلل وليس على ترقيع الخلل، فالفرق بين الطب الطبيعي والطب الكيماوي أو التجاري هو أن هذا الأخير لا ينظر إلى جميع الأعضاء أو كل الجسم، وإنما ينظر إلى العضو المريض فقط، ولذلك فإن علاج بعض الأعضاء قد يقتل أعضاء أخرى، بمعنى أن تناول أقراص خفض الضغط ليست علاج لأنها تستعمل طول الحياة، ومع هذا الاستعمال الطويل الأمد، فإن الكلية والقلب والمعدة والأمعاء تصبح في خطر، ولذلك فكل الأشخاص المصابين بارتفاع الضغط، والذين يستعملون أقراص مخففة للدم يشتكون من المعدة والأمعاء، ومع الاستمرار في تناول الأقراص تصاب الكلية والقلب، وقد يصاب الشخص بشلل نصفي أو جلطة دماغية أو أي مرض أخر يترتب عن ارتفاع الضغط الذي لا يزال بدون علاج لأن الأقراص تخفف الدم فقط.
ولذلك فعلاج ارتفاع الضغط يجب أن يكون غذائيا وليس كيماويا، والعلاج يبدأ بخفض كمية الدهون بما في ذلك زيوت المائدة، وتناول زيت الزيتون ويجب الكف عن تناول اللحوم. ثم تناول حبوب الكتان بكمية معقولة 50 غراما يوميا أو أكثر مع الحركة وعدم القلق والإرهاق. وهذا جزء من العلاج فقط لأن هناك منتوجات أخرى تكمل وتساعد على خفض الضغط لكن لا نخرج عن موضوع خصائص حبوب الكتان، وكذلك لأن الموقع ليس لغاية تجارية.
اجتماع أمراض مختلفة في نفس الوقت
في حالة وجود أعراض مختلفة عند بعض الأشخاص وهو أمر وارد فإن العلاج يتعقد شيئا ما، ونلاحظ أن اجتماع السكري مع ارتفاع الضغط، أو اجتماع الكوليستيرول مع السمنة وارتفاع الضغط والسكري يكون عند كثير من الأشخاص، وفي هذه الحالات يبقى السكري هو الذي يحظى بالحذر والعلاج و المراقبة بينما لا يخشى الشخص من الأعراض الأخرى وهو خطأ، لأن في حالة وجود ارتفاع الضغط مع السكري فإن علاج ومراقبة ارتفاع الضغط يجب أن تكون هو الأولى، لأن السكر لا يمكن أن يضبط مع ارتفاع الضغط، ولذلك نجد أن مضاعفات السكري تزداد عند المصابين بارتفاع الضغط والسمنة والكوليستيرول. وفي هذه الحالات يجب تناول حبوب الكتان بكمية كبيرة والتوقف عن استهلاك اللحوم (كل أنواع اللحوم والبيض) والحلويات لأن فيها سكر وبيض وزيت. وحيث يتم خفض الضغط يكون تركيز السكر بالدم مضبوطا كذلك، إما بالأنسولين أو الأقراص، وربما تكون حالات لا تحتاج لأقراص إذا بقي تركيز السكر مضبوطا لمدة تفوق ستة أشهر بالنسبة للذين لا يستعملون أنسولين.
الوقاية من سرطان التدي وسرطان العظام
يحتوي الكتان على مركبات تجعى اللينيانات lignans وهي مركبات توجد كذلك في الخضر وبعض الحبوب الطبية كالحبة السوداء والخردل والحلبة والسمسم, وهي مركبات تحولها باكثيريا الأمعاء إلى مركبات أخرى شبيهة بالهرمونات تدعى الأنتيروديول والأنترولكطون Enterolactone and enterodiol وهي مركبات في غاية الأهمية بالنسبة لحماية المرأة من سرطان التدي، وهي المركبات التي تفسر عدم الإصابة بسرطان التدي عند النباتيين، كما بينت بعض الأبحات أن تناول كمية 25 غرام يوميا من حبوب الكتان يقي من سرطان الثدي عند المرأة بعد سن اليأس، وهو السن المعرض لسرطان الثدي خصوصا إذا كانت المرأة تستعمل حبوب منع الحمل. وقد تبت أن مركبات اللينيان ترفع من مستوى الهايدروكسيستيرون2 (hydroxysterone2) وهو الهرمون النشط والمانع لظهور سرطان الثدي. والعجيب أن الأوستروجينات الموجودة في الدم تبقى دون تغيير لأنها تساعد على بقاء العظام مكتلة من حيث لا تصاب المرأة بهشاشة العظام ومن هذه الهرمونات الأستراديول والإستيرون والإستيرون سولفات. وبتعبير أخر فإن حبوب الكثان تساعد على الضبط الهرموني عند النساء خصوصا فيما يخص مدة الدورة الشهرية وتمديد مدة النصف الثاني بعد الدورة.
ويضاف مفعول حمض الأميكا 3 إلى مفعول الضبط الهرموني بواسطة الألياف الموجودة في حبوب الكتان، ليتم منع ظهور سرطان العظام أو تسكين الألم في حالة طهوره، وقد يساعد تناول حبوب الكتان على الشفاء من سرطان العظام، لكن بوضع برنامج متكامل للعلاج يدخل فبه تناول حبوب الكتان بكمبة كافية وبطريقة منتظمة.