السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مدلول القانون الدولي الإنساني
ومجالات الحماية القانونية التي يشملها
نقلت مختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة الصورة البشعة لحرب الإبادة الجماعية التي شنتها دولة إسرائيل ضد جارتها دولة لبنان مدعمة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية ولمدة 34 يوما استعملت خلالها كل الوسائل الحربية الجديدة متحدية بذلك كل المعايير الدولية المعمول بها في إبان الحرب، بحيث اختارت وسائل إلحاق الضرر بدولة لبنان رغم ما تنص عليه مبادئ القانون الدولي الإنساني وخصوصا إعلان بطرسبورغ لسنة 1868 والمادة 22 لاتفاقية لاهاي التي تنص على أنه ليس للمتحاربين الحق المطلق في اختيار وسائل إلحاق الضرر بالعدو وكذا الفقرة "أ" من المادة 35 من البروتكول الأول الإضافي لسنة 1977 والتي تنص على " أن حق أطراف أي نزاع مسلح، في اختيار أساليب ووسائل القتال ليس حقا لا تقيده أي قيود" بل إن إسرائيل تجاوزت كل الحدود والضوابط الدولية عندما قامت بالتدمير العشوائي لبعض المدن اللبنانية وقراها وتدمير الممتلكات خاصة التي تتعلق بأفراد أو جماعات دون أن تكون هناك العمليات الحربية التي شنتها تقتضي حتما هذا التدمير.
واستخدمت إسرائيل في هذا الحرب الغازات الخانقة أو السامة وأسلحة مفرطة الضرر وعشوائية الأثر وعطلت ودمرت الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين من مواد غذائية والمناطق الزراعية ، ودمرت القناطر ومنافذ مياه الشرب وشبكتها ومحطات توليد الكهرباء رغم أن ما ذكر ليست أهدافا عسكرية وألحقت أضرار جسيمة بأرواح المدنيين وإلحاق الإصابة بهم، كما أصابت قوافل المساعدة البشرية بالشلل.
والسؤال الذي يطرح هنا هل تملك الدول بصفة عامة حقا مطلقا في شن الحرب ، وإذا كان الجواب بالنفي ما هي الضوابط المعمول بها، وهل هناك قوانين دولية تنظم الحروب والتعامل مع الأسرى والجرحى، والممتلكات ذلك ما سنتناوله في هذا العرض من خلال ما يعرف بالقانون الإنساني الدولي ومجالات الحماية القانونية التي يشملها.
وهكذا سنعرف بالقانون الدولي الإنساني وتطوره التاريخي، ونظرا لتقارب هذا القانون مع قانون حقوق الإنسان فإننا سنتوقف عند معايير التمييز بينهما، لننتقل بعد ذلك للحديث عن نطاق القانون الدولي الإنساني.
وبالنظر إلى بعض الأشياء ورد النص عليها في الاتفاقيات المرتبطة بهذا القانون الإنساني والبروتكولات اللاحقان بها فإننا سنتوقف أيضا عند المقصود بالأعيان والأشياء المحمية.
المبحث الأول: مفهوم القانون الدولي الإنساني وتطوره التاريخي:
عرفت الإنسانية عبر المد التاريخي صراعات وحروبا بين القبائل والشعوب ، حيث لم تكن هناك أي معايير لهم تنظيم الحروب والتعامل مع الأسرى والجرحى والممتلكات وكانت هذه الحروب تتميز بالمغالاة في سفك الدماء وبالوحشية التي لم ينج منها لا أطفال رضع ولا نساء حوامل ولا شيوخ، مما فرض مع تطور العصور ظهور قواعد وضوابط تطبق تلتزم بها المجتمعات المتحضرة أثناء الحرب، وهكذا ظهر مصطلح "قانون الحرب" والذي ظل سائدا حتى إبرام اتفاقية الأمم المتحدة، ليتحول بعد ذلك هذا المصطلح إلى "قانون النزاعات المسلحة"، والذي استمر إلى غاية بداية السبعينات، وأمام نشاط حركة حقوق الإنسان على الصعيد الدولي شاع استخدام مصطلح القانون الدولي الإنساني، خاصة في أعقاب مؤتمر طهران سنة 1968.
والقانون الدولي الإنساني هو مجموعة المبادئ والقواعد التي تحد من استخدام العنف أثناء المنازعات المسلحة، أو من الآثار الناجمة عن الحرب تجاه الإنسان بصفة عامة، فهو فرع من القانون الدولي العام الذي ترمي قواعده العرفية والمكتوبة إلى حماية الأشخاص المتضررين من الحرب، كما تهدف قواعده أيضا إلى حماية السكان الذين لم يشاركوا بصفة مباشرة أو الذين كفوا عن الاشتراك في الحرب مثل الجرحى والغرقى وأسرى الحرب.
ويمكن القول بأن قواعد القانون الدولي الإنساني تستعمل في أوقات النزاع المسلح الدولي أو الداخلي بغية تحقيق التوازن بين الضرورات العسكرية والاعتبارات الإنسانية.
والقانون الدولي الإنساني ليس بالعمل الجديد الذي تعرفه الإنسانية إذ أنه عمل عرفته البشرية منذ العصور القديمة ونادت به مختلف الأديان السماوية، وهكذا نجد لمسات لهذا القانون لدى السامريين حيث أصدر حمو رابي ملك بابل القانون الذي يحمل اسمه والذي ورد في ديباجته إنني أقرر هذه القوانين كما أحول دون ظلم القوي للضعيف"، وفي هذا العهد كان يتم تحرير الرهائن مقابل فدية.
وفي الحضارة المصرية ظهرت "الأعمال السبعة للرحمة الحقيقية" والتي كانت تنص على أنها:
1-إطعام الجياع.
2-إرواء العطاشى.
3-كساء المرأة.
4-إيواء الغرباء.
5-تحرير الأسرى.
6-العناية بالمرضى.
7- دفن الموتى.
وجاءت التعاليم الهندية القديمة وخصوصا منها قانون مانو في الهند القديمة بمجموعة من المبادئ الإنسانية حيث كانت تحرم على المقاتل قتل عدوه إذا استسلم أو وقع في الأسر، ومن كان نائما أو مجردا من السلاح ، أو غير المقاتلين من المسالمين ، وعلى نفس الشاكلة نجد هذه المبادئ ترسخ في الحضارة اليونانية القديمة.أما في العصور الوسطى فقد كان للمسيحية أثرها في ترسيخ مبادئ القانون الدولي الإنساني حيث نجد شعار المسيحية آنذاك هو أن البشر إخوة وقتلهم جريمة ، كما منعت الرق.
وجاء الإسلام ليعلن ال لحماية الدعوة الإسلامية ودفع العدوان عن المسلمين كما جاء الإسلام بمجموعة من المبادئ الإنسانية فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لجيش أرسله"انطلقوا باسم الله، وبالله، وعلى بركة رسول الله، لا تقتلوا شيخا فانيا، ولا طفلا صغيرا، ولا امرأة، ولا تغلو وضعوا غنائمكم واصلحوا واحسنوا إن الله يحب المحسنين".
وفي نفس السياق أوصى سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يزيد ب، أبي سفيان عندما أرسله على رأس جيش إلى الشام قائلا له:
"أوصيك بعشر:
- لا تقتلن امرأة؛
- ولا صبيا؛
- ولا كبيرا هرما؛
- ولا تقطعن شجرا مثمرا ولا نخلا؛
- ولا تحرقنها؛
- ولا تخربن عامرا؛
- ولا تعقرن شاة ولا بقرة إلا لمأكلة؛
- ولا تجبن؛
- ولا تغلل.
ومن خلال ما ذكر يتضح أن الإسلام يفرق بين المقاتل وغير المقاتل من المدنيين، كما أن الإسلام نادى بالمحافظة على الكرامة الإنسانية في الحروب.
حيث أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإكرام الأسرى والتعامل معهم بالإحسان "استوصوا بالأسرى خيرا".
وفي العصور الحديثة:
مع بداية حركة الإصلاح الديني أبدى جروسيوس الذي يعتبر مؤسس القانون الدولي العام الحديث، اهتماما كبيرا بقانون الحرب وقدم مجموعة من القيود التي ينبغي أن تفرض على المحاربين تتطابق مع مبادئ الدين والإنسانية والاعتبارات السياسية.ومع بداية القرن الثامن عشر ظهرت بعض القواعد العرفية والعادات المتعلقة بسير عمليات القتال تتجلى في:
1-حصانة المستشفيات.
2-عدم اعتبار المرضى كأسرى الحرب.
3-إعفاء الأطباء ومساعدوهم والمرشدون الدينيون من الأسر.
4-المحافظة على حياة الأسرى وتبادلهم دون فدية.
5-حماية السكان المدنيين المستسلمين.
"من خلال هذه القواعد العرفية استنتج جان جاك روسو عام 1782 قاعدة اجتماعية ذكرها في العقد الاجتماعي مؤداها أن الحرب ليست علاقة بين إنسان وإنسان وإنما هي علاقة دولة بدولة أخرى، والأفراد فيها أعداء بشكل عرفي فقط، وعداؤهم لا يقوم على أساس أنهم بشر أو مواطنون، بل على أساس أنهم جنود، وبإلقائهم أسلحتهم واستسلامهم فإنهم يعودون من جديد ليصبحوا بشرا لا يحق لأي إنسان الاعتداء على حياتهم".
ومع تزايد الحروب وما تخلفه من مآسي إنسانية تصدى هنري دونان الشاب السويسري إلى تأليف كتاب أسماه "تذكار سولفرينو" والذي يحكي فيه مآسي الحرب التي رآها وتكدس القتلى والجرحى في الشوارع والكنائس في حرب "سولفرينو" التي دارت بين النمساويين والفرنسيين والإيطاليين سنة 1859 فجاءت أمنيته تتمثل في:
أ-أن تنشأ في كل بلد جمعية غوث تطوعية تعد نفسها في زمن السلم لتقديم خدمات صحية في وقت الحرب.
ب-أن تصادق الدول على مبدأ يؤمن حماية للمستشفيات العسكرية وإجراء الخدمات الطبية.
ومن الشق الأول لأمنية هنري دونان خرجت منظمة الصليب الأحمر واتخذت من مقلوب علم سويسرا رمزا لها، ومن الشق الثاني لنفس الأمنية ظهر اتفاقية جنيف سنة 1864 ثم ظهر البروتوكولين الإضافيين لعام 1977.
ويمكن القول بأن القانون الدولي الإنساني يتوفر ألبوم على إطار قانوني دولي يتجلى فيما يلي:1-اتفاقية جنيف لسنة 1864 بشأن تحسين حال الجرحى العسكريين في الميدان.تعتبر هذه الاتفاقية الأولى من نوعها وتمثل نقطة الانطلاق للقانون الدولي الإنساني.
وتحتوي هذه الاتفاقية على عشر مواد تتضمن حياد عربات الإسعاف والمستشفيات العسكرية ووسائل النقل الصحي وأعوان الخدمات الصحية، واحترام المتطوعين المدنيين الذين يساهمون في أعمال الإغاثة وتقديم المساعدة الصحية دون تمييز وحمل شارة خاصة هي الصليب الأحمر على رقعة بيضاء، وتقتصر هذه الاتفاقية على العسكريين الجرحى في الميدان البري فقط.
ب-اتفاقية لاهاي بشأن تعديل مبادئ اتفاقية جنيف لسنة 1864 لملاءمة النزاع المسلح في البحار:
نظرا لكون الاتفاقية الأولى كانت تقتصر على العسكريين الجرحى في الميدان البري فقط فإنه تم تعديل هذه الاتفاقية في المؤتمر الأول بلاهاي للسلام سنة 1899 لتشمل الاتفاقية أيضا المجال البحري.
ح-اتفاقية جنيف لسنة 1906 الخاصة بتحسين حال الجرحى والمرضى العسكريين في الميدان:
بلغ عدد بنود هذه الاتفاقية 33 مادة وقد وقعت في 6 يوليوز 1906 حيث وسعت نطاق الاتفاقية الأولى لتشمل "المرضى" كما نصت على شرط له آثار قانونية هامة وهو شرط المعاملة بالمثل أو المشاركة الجماعية ، وبمقتضاه فإن الاتفاقية لا تطبق إلا بين الأطراف إذا نشبت الحرب بين طرفين أو أكثر.
د-اتفاقية جنيف المتعلقة بتحسين حال الجرحى والمرضى العسكريين في الميدان:
وتضم هذه الاتفاقية 39 مادة وقد اهتمت بالطيران الصحي والإسعاف وأقرت استخدام شارتين إلى جانب الصليب الأحمر وهما الهلال الأحمر والأسد والشمس الأحمرين.
ح-اتفاقية جنيف لمعاملة أسرى الحرب بتاريخ 27 غشت 1929:
تناولت هذه الاتفاقية أهم ما يتصل بحياة الأسير وضمنت له التمتع بخدمات الدولة الحامية والاستفادة من خدمات اللجنة الدولية للصليب الأحمر ووكالتها المتخصصة بجمع المعلومات عن الأسرى وتبادل الأخبار مع أهليهم وذويهم، وتعتبر هذه الاتفاقية هي أول تنظيم دولي يتعلق بأسرى الحرب.
ج-اتفاقية جنيف الأربع غشت 1949:
عقب الحرب العالمية الثانية دعت الحكومة السويسرية المجتمع الدولي إلى عقد مؤتمر بمدينة جنيف سنة 1949 والذي أسفر عن إبرام أربع اتفاقيات هي المعمول بها حاليا في النزاعات المسلحة تهدف إلى مراجعة وتطوير اتفاقتي "جنيف لعام 1929 وقانون لاهاي واقتراح اتفاقية ثانية لحماية وتحسين حال جرحى ومرضى وغرقى القوات المسلحة في البحار، وتوسيع مجالات القانون الإنساني لضحايا النزاعات والفتن الداخلية للدول، وأخيرا الاتفاقية الرابعة لجنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب والاحتلال، ولم توافق على صيغة هذه الاتفاقية إلا سنة 1977.
• البروتوكولان الإضافيان لاتفاقية جنيف لعام 1977:
أقر المؤتمر الدبلوماسي الذي انعقد في جنيف ما بين سنـــــــــة 1974 و 1977 وبطلب من الحكومة السويسرية بروتوكولين إضافيين لاتفاقيات جنيف لعام 1949.
• البروتوكول الأول الإضافي الخاص بالنزاعات المسلحة:
هذا البروتوكول الإضافي الأول يعتبر مكملا لاتفاقيات جنيف الأربعة الصادرة عام 1949 و من أهم ما جاء في الباب الأول منه ان حروب التحرير الوطني تعد نزاعا مسلحا دوليا و وسع مجال الحماية القانونية للوحدات الصحية , و أعوان الخدمات الطبية على غرار الوحدات العسكرية , و ضمن نفس الحماية للمدنيين و تناول الباب الثالث من البروتوكول الإضافي الأول أساليــــب و وسائل القتال , و الوضع القانوني للمقاتل و أسير الحرب , كما اعترف البروتوكول لمقاتلي حرب العصابات بصفة المقاتل , و نص على إرسال جهاز للاضطلاع بمهام التحقيق في حالة الخرق الساخر للقانون الدولي الإنساني.
*البروتوكول الإضافي الثاني لحماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية:
قدم البروتوكول الإضافي الثاني تعريفا للنزاع غير الدولي بأنه نزاع تتم أحداثه على إقليم أحد الأطراف المتعاقدة بين القوات المسلحة و قوات مسلحة منشقة , أو جماعة نظامية مسلحة أخرى , و اقر مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة حتى لا يكون القانون الإنساني مطية للتدخل في الشؤون الداخلية للدولة , كما تناول الضمانات الأساسية لغير المقاتلين و تقديم الخدمات اللازمة لمساعدة الأسرى في ضمان الحقوق القضائية لهم عند متابعتهم.
و بالإضافة إلى الاتفاقيات و البروتوكولين السالفة الذكر، يمكن أن نشير إلى بعض المواثيق الدولية التي لها علاقة بقانون " جنيف " أو القانون الدولي الإنساني نذكر منها:
*إعلان سان بتيرسبوغ لعام 1868 المتعلق بحظر استخدام بعض القذائف المتفجرة.
*إعلان لاهاي لعام 1899 لحظر استخــدام الرصاص من نـــــوع " دمدم" .
* بروتوكول جنيف لعام 1825 لمنع استخدامك الغازات السامــــة و الأسلحة الجرثومية و البكتريولوجية .
* اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1954 بشأن حماية الممتلكات الثقافية في زمن النزاعات المسلحة و بروتوكولاتها الإضافية .
* اتفاقية الأمم المتحدة لسنة 1980 بشأن حظر استخدام بعض الأسلحة التقليدية و البروتوكولات الملحقة بها .
* اتفاقية أوطاوا لعام 1977 بشأن حظر استخدام الألغام المضادة للأفراد.
* النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولة الذي ابرم في روما عام 1998.
" لذلك قيل أن قواعد القانون الدولي الإنساني كانت دائما متأخرة بحرب فموقعة ليسا البحرية لعام 1866 دفعتنا إلى اتفاقية حماية الجرحى و المرضـــــى و الغرقى في البحار لعام 1899 و التي تم تعديلها عام 1907 و الحرب العالمية الأولى أظهرت الحاجة إلى حماية أسرى الحرب و هي الاتفاقية الثانية لعام 1929 و الحرب العالمية الثانية جعلت مراجعة أحكام القانون الدولي الانساسي و تعديلها أمرا ضروريا و من ثم خطونا خطوة جديدة في مجال حماية المدنيين موضوع الاتفاقية الرابعة و كذلك الحرب الأهلية في إسبانيا دفعت لأول مرة إلى معالجة أوضاع ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية بإقرار المادة 3 المشتركة بين الاتفاقيات الأربع، كذلك كان الأمر بالنسبة للبروتوكولين الإضافيين لعـــــام 1977 و التي أظهرت الحاجة خلال السنوات التي سبقتها إلى أن الحماية المقررة في اتفاقيات 1949 لم تكن كافية سواء بالنسبة للأشخاص كما حدث في فيتنام وأنجـــــولا و زيمبابوي , أو فيما يتعلق بوسائل و أساليب القتال.
و هكذا و على عدة مراحل طوال أكثر من قرن من الزمن اتسعت دائرة الأشخاص المحميين بأحكام القانون الدولي الإنساني لتشمل الحماية كافة الأشخاص الذين لا يشاركون في القتال أو الذي كفوا عن المشاركة فيه .
و بذلك اقترب النظام القانوني للحماية في القانون الدولي الإنساني من النظام الحماية المقررة وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يشمل جميع الأفراد دون تمييز."
ا لمبحث الثاني : معايير التمييز بين القانون الدولي الإنساني و قانون حقوق الإنسان :
كثيرا ما يقع الخلط بين القانون الدولي الإنساني و قانون حقوق الإنسان مما يتعين معه التمييز بين هذين الفرعين القانونيين ذلك أن كل منهما فرع من القانون الدولي العام و يهدفان معا لحماية الإنسان إلا انهما يختلفان في أن القانون الدولي الإنساني ينطبق في زمن النزاعات المسلحة سواء الدولية أو الداخليــــــة , و يشتمل على قواعد خاصة لحماية ضحايا هذه النزاعات أو ما يسمــــــــــــــــــى " بقانون جنيف "( اتفاقية جنيف لعام 1949 و البروتوكولان المكملان الصادران عام 1977) و قواعد أخرى خاصة بأساليب و وسائل القتال و هو ما يعرف بقانون لاهاي ( اتفاقية لاهاي لعام 1907) فهو قانون بحكم حق الاشتراك في القتال و إدارة العمليات العسكرية و العلاقة بين الدول المتحاربة و الدول المحايدة علما أن اتفاقيات جنيف تطبق بالتعاون مع وتحت إشراف الدولة الحاميــــة و اللجنة الدولية للصليب الأحمر من حيث آليات المراقبة إضافة إلى أن أحام القانون الدولي الإنساني إلى جانب أنها ملزمة للدول فهي ملزمة أيضا بالنسبة للإفراد مباشرة حيث يمكن أن تعاقب الدولة أفرادا ارتكبوا انتهاكات معينة معتمدة في ذلك على القانون الدولي و تقدمهم للمحاكمة.
أما قانون حقوق الإنسان فهو قانون يحرص على ضمان حقوق الفـــرد و احترام حقوقه و حرياته المدنية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية ضد أي تعسف لسلطات دولية فهو قانون يشتمل على حقوق لا أهمية لها في المنازعات المسلحة مثل الحقوق السياسية و بعض الحريات السياسية كحرية الصحافة و حرية التعبير و حرية الاجتماع الخ ...
و قد تكفلت الدساتير بكل دولة بضمان هذه الحقوق ,كما تكفل المجتمع الدولي ببيان الحد الأدنى لهذه الحقوق و الحريات من خلال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 ثم العهد الدولي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعيـــــــة و الثقافية عام 1966، و هذه الحقوق و الحريات تسهر الدول على توفيرها لمواطنيها و النص عليها في دساتيرها و هذا يعني أن قانون حقوق الإنسان يعمل به في زمن السلام , أما القانون الإنساني الدولي فانه يعمل به في مواجهة ضحايا النزاعات في حق غير المقاتلين في زمن النزاعات المسلحة فهو قانون خاص مرهون بحالات النزاعات المسلحة بل أن اتفاقيات جنيف تمنح ضحايا المنازعات المسلحة قدرا من الحماية أكبر مما تتيحه لهم اتفاقيات حقوق الإنسان لأنها أكثر ملاءمة لظروفهم .
" ويبقى الاختلاف بين القانون الدولي الإنساني و حقوق الإنسان اختلافا جوهريا فحيث يتعلق الأمر بحقوق الإنسان تقوم الأطراف المتضررة أساسا باتخاذ الإجراءات اللازمة أمام المحاكم الوطنية، و إذا اقتضى الأمر أمام سلطة دولية. أما في القانون الدولي الإنساني , فان اتخاذ إجراءات قانونية بواسطة الأطراف المتضررة أمر مستبعد بصورة عامة لسببين , أولا : لأن الإجراءات القانونية ليست ملائمة لتقويم الانتهاكات التي يرتكبها الجنود و ثانيا :لأن القانون الدولي الإنساني يحمي أولا أفرادا لا حول لهم و لا قوة و لا يستطيعون في العادة أن يلجأوا لأي إجراء قانوني وطنيا كان أو دوليا . و بناء على ذلك فان تطبيق الاتفاقيات الإنسانية يكون أكثر ضمانا بتدخل هيئة محايدة , تعمل مستقلة عن أي تأثير و يعززها وجود أحكام عقابية .
أما اتفاقيات حقوق الإنسان فهي تقضي بأنه يجوز للدول المتعاقدة او للافراد الذين انتهت حقوقهم أن يقدموا شكوى ضد الدولة التي ارتكبت هذا الانتهاك , و هي إجراءات قد تستغرق سنوات عديدة و لكن ما يصحبها من دعاية و إعلام قد يكون رادفا قويا .
المبحث الثالث : نطاق القانون الدولي الإنساني
يتناول هذا المبحث النزاعات الدولية المسلحة و النزاعات المسلحة غير الدولية و الحالات التي لا يشملها القانون الدولي الإنساني و نعني بها التوثرات و الاضطرابات الداخلية .
1- النزاعات الدولية المسلحة :
يعتبر النزاع دوليا عندما يتم بين دولتين أو أكثر و هذا ما نصت عليه الاتفاقيات الأربع في مادتها الثانية المشتركة على أنها " تطبق في حالة الحرب المعلنة أو أي نزاع مسلح آخر ينشب بين طرفين أو أكثر من الأطراف السامية المتعاقدة حتى و إن لم يعترف أحدهما بحالة الحرب " و تطبق الاتفاقيات أيضا في جميع حالات الاحتلال الجزئي أو الكلي لإقليم أحد الأطراف السامية المتعاقدة حتـــى و إن لم يلق هذا الاحتلال ضمن إطار النزاع المسلح الدولي أيا كانت مدته أو مــــداه و سواء كانت هناك مقاومة مسلحة أم لا , حيث تطبق الاتفاقيات.
كما أن البروتوكول الأول لعام 1977 تضمن في مادته الأولى الخاص بالنزاعات المسلحة الدولية هذه الأحكام حيث جاء في الفقرة الثانية من المـــــــادة الأولى و أضاف في فقرتهــــــا الرابعة عندما نصت على تطبيق اتفاقيات جنيــــــف و البروتوكول الإضافي الأول على " النزاعات المسلحة التي تناضل الشعوب بها ضد التسلط الاستعماري و الاحتلال الأجنبي و ضد الأنظمة العنصرية و ذلك في ممارستها لحق الشعوب في تقرير المصير كما كرسه ميثاق الأمم المتحدة و الإعلان المتعلق بمبادئ القانون الدولي الخاصة بالعلاقات الودية بين الدول طبقا لميثاق الأمم المتحدة " و بذلك فان حرب التحرير ارتقت إلى مستوى النزاعات بين الدول .
2- النزاعات المسلحة غير الدولية :
يقصد بالنزاعات المسلحة غير الدولية تلك النزاعات التي تنشب داخل حدود إقليم الدولة , و قد تبنى القانون الدولي التقليدي مبدأ عدم التدخل في الحروب الأهلية , كما تجلى ذلك في لائحة معهد القانون الدولي لعام 1900 حول حقـــــــــوق و واجبات الدول الأجنبية و رعاياها في حالة حركة تمرد إزاء الحكومات القائمة المعترف بها و المتنازعة مع التمرد , و واجب على الدول الأجنبية مراعاة للحكومة الشرعية بصفتها الممثل الوحيد للدولة , و للدولة المتنازعة مع الثوار أن تعترف لهم بصفة المحاربين " إلا أنه بحكم السنين الأخيرة ظهرت الحاجة الى ضرورة تأثيم الانتهاكات التي ترتكب في زمن النزاع المسلح غير الدولي و كانت المادة 5 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا سابقا قد منحت للمحكمة صراحة صلاحية النظر في الجرائم ضد الإنسانية عندما تقترف في أثناء نزاع مسلح ذي طابع دولي او داخلي و توجه ضد سكان مدنيين .
و قد جاء نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 بالنص صراحة على معاقبة جرائم الحرب سواء في النزاعات المسلحة الدولية او الغير الدولية , و هذا التقارب مرده ما أسفرت عنه النزاعات المسلحة الغير الدولية في يوغوسلافيا السابقة و رواندا من مآس فاقت العديد من النزاعات المسلحة الدولية " .
3- الحالات التي لا تشملها حماية القانون الدولي الإنساني :
نصت المادة الأولى من البروتوكول الثاني في فقرتها الثانية على أنه " لا يسري هذا البروتوكول على حالات الاضطرابات و التوترات الداخلية " باعتبار أن هذا النزع من أنواع العنف المسلح لا يعتبر نزاعا مسلحا حسب معايير القانون الدولي الإنساني , رغم أن هذه الاضطرابات و التوترات الداخلية " قد تواكبها ايقافات جماعية و ارتفاع عدد المعتقلين السياسيين أو المعتقلين بسبب آرائهم و معتقداتهم . و ظروف الاعتقال اللا إنسانية و المعاملة السيئة و تعطل الضمانات القضائية السياسية عند إعلان حالة طوارئ مثلا و ظهور حالات الاختفاء .
و قد تكون هذه الظواهر منفردة أو مجتمعة لكنها تعكس رغبة النظام الحاكم في تطويق آثار التوتر من خلال اللجوء إلى وسائل وقائية للسيطرة على الأوضاع .
وهذا لا يعني أن الأمور تسير على هوانها بل تظهر هنا المواثيق الدولية حول حقوق الإنسان التي تطبق في الميدان كبديل للقانون الدولي الإنسان ، حيث " تتضمن الصكوك الدولية لحقوق الإنسان أحكاما تسمح للدول لدى مواجهتها لخطر عام جسيم ان توقف العمل بالحقوق الواردة بهذه الصكوك وذلك باستثناء حقوق إنسانية معينة مبينة في كل معاهدة يجب احترامها في جميع الأحوال ولا يجوز المساس بها بصرف النظر عن المعاهدة التي اوردتها وتشمل هذه بصفة خاصة الحق في الحياة وخطر التعذيب والعقوبات او المعاملة الانسانية وخطر العبودية والاسترقاق ، ومبدأ الشرعية وعدم رجعية القوانين . ويطلق على هذه الحقوق الأساسية التي تلتزم الدول باحترامها في جميع الأحوال ، حتى في أوقات النزاعات او الاضطرابات اسم " النواة الصلبة LE Noyau dur لحقوق الإنسان "
المبحث الرابع : الجانب المادي للقانون الدولي الانساني او ما يعرف بالأعيان والأشياء المحمية
بعد ان تعرضنا للأشخاص الذين تشملهم حماية القانون الدولي الإنساني نتناول في هذا المبحث الأعيان والأشياء المشمولة كما سبق هذا القانون والمبادىء والقوانين التي تحكمها.والأعيان والممتلكات الخاصة المشمولة بهذه الحماية يمكن تقسيمها إلى قسمين :
أ - الأعيان والممتلكات العادية ( بما فيها الأهداف العسكرية والأعيان المدنية )
ب – الأعيان والممتلكات الثقافية.
فبالنسبة للأعيان والممتلكات العادية تتضمن هذه الأخيرة الأهداف العسكرية والأعيان المدنية.
1/ الأهــــــــــــداف العسكريــــة :
طبقا للمادة 52 من البروتكول الأول الإضافي الخاص بالنزعات المسلحة فان الهدف العسكري هو الذي :
- بطبيعته ، وبالنسبة لموقعه ، وغرضه ، او استخدامه يساعد في العمل العسكري.
- والذي يحقق تدميره– كليا أو جزئيا–أوالاستيلاء عليه أو تحييده ميزة عسكرية.
- وبذلك يلاحظ ان الأهداف العسكرية هي وحدها التي يمكن ان تكون هدفا للعمل الحربي والهجوم من الطرف الآخر ويشير البروتكول المذكور انه حتى مع مهاجمة هذه الأهداف فانه يتعين القيام باتخاذ مجموعة من الاحتياطات اللازمة بواسطة كل طرف عند إعداد والقيام بالهجوم عليها اذ كان من شأن ذلك الإضرار بالأعيان المدنية.
2/ الأعيـــــــــــــــــــــان المدنـــــــــية :
تتمتع الأعيان المدنية بحماية القانون الدولي الإنساني أثناء عملية الحرب بما في ذلك إيضاحات الاحتلال الحربي وتتجلى هذه الحماية فــي :
أولا : عدم المساس بهذه الأعيان في شتى العمليات الحربية.
ثانيا : ضرورة مراعاة الاحتياطات أثناء الهجوم وضد اثاره كما تنص على ذلك المادتين 57 و 58 من البروتوكول الأول.
ثالثا : طبقا للمادتين 15 و 50 من الاتفاقية الأولى والمادتين 18 و 51 من الاتفاقية الثانية والمواد 53,33,16،143 من الاتفاقية الرابعة والفصول 58،57،52،51 من البروتكول الأول فانه لا يجوز نهب او تدمير او مصادرة ملكية العدو ، الا اذا حتمت ذلك الضرورات الحربية.
رابعا : طبقا للمادة 19 من الاتفاقية الثالثة لا يجوز مهاجمة المستشفيات الا اذا استخدمتا في أغراض تضر بالعدو وبعد توجيه اندار لها يتضمن مدة زمنية.
خامسا : خطر تجويع المدنيين او مهاجمة الأعيان او المواد التي لا غنى عنها لبقائهم مثل مياه الشرب والمواد الغذائية ومياه الري طبقا للمادتين 54 و 15 من الاتفاقية الأولى والمادتين 1 و 2 من البروتكول.
سادسا : طبقا للاتفاقية الأولى في مادتها 50 والثانية من مادتها 51 والرابعة من مادتها 143 فان انتهاء الحماية المقررة للأعيان المدنية تعتبر بمثابة جرائم حرب ، وقد أشارت المادة 8 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية إلى ان التدمير على نطاق واسع للممتلكات والذي لا تبرره الضرورة الحربية والذي يتم تنفيذه بطريقة غير مشروعة وعمدا وتوجيه الهجوم عمدا ضد الأهداف المدنية كل ذلك يعتبر بمثابة جريمة حرب.
سابعا : خطر تدمير الممتلكات والأموال وهكذا جاء في المادة 35 من اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949" يحظر أي تدمير من قبل السلطة القائمة بالاحتلال للعقارات والممتلكات الشخصية المملوكة للأشخاص العاديين ملكية فردية او جماعية ، او المملوكة للدولة او لأية سلطة عامة غيرها ، او لمنظمات اجتماعية او تعاونية ، الا اذا كان لهذا التأخير ضرورة مطلقة بسبب العمليات العسكرية كما جاء في المادة 46 من اتفاقية لاهاي لسنة 1907 " يجب احترام شرف الأسرة وحقوقها وحياة الأشخاص والملكية الخاصة ، بالاضافة إلى المعتقدات والممارسات الدينية ولا يمكن مصادرة الملكية الخاصة " . وبالإضافة إلى ذلك فان المادة 55 من اتفاقية لاهاي نصت على انه " ينظر لدولة الاحتلال على أنها مجرد مدير منتفع للمباني العامة والعقارات والغابات والأملاك الزراعية المملوكة للدولة المعادية والواقعة في بلد المحتل ، ويجب عليها المحافظة على رأس مال هذه الأملاك وادائها حسب قواعد الانتفاع هذه . وتعامل باعتبارها أملاكا خاصة: أملاك البلديات والمؤسسات الموقوفة على الدين والإحسان والتعليم والفنون والعلوم ، حتى لو كانت ملكا للدولة وبحظر على استيلاء على مؤسسات من هذا النوع، او على اثار تاريخية او اعمال فنية وعلمية او تدمير هذه الأشياء او إتلافها عمدا "
3 – الأعيــان والممتلكات الثقافية :
الأعيان والممتلكات الثقافية باعتبارها تراثا انسانيا يتعين حمايتها وفقا لقواعد القانون الدولي الانساني اثناء النزاع المسلح او اثناء الحماية ومعلوم ان الأعيان الثقافية قد تكون عقارا او منقولا ، وقد تشمل الأعمال الفنية او الاثار التاريخية ، المتاحف الارشيف ، اماكن العبادة او المكتبات الخ...
- ويشترط عدم استخدامها لأغراض عسكرية ، وعدم التعرض لها ما لم تحتم الضرورة العسكرية القهرية تذميرها.
- طبقا للمادة 2 من اتفاقية 1954 يتعين على الأطراف المحافظة على احترام تلك الأعيان وذلك بعدم القيام باي عمل عدائي ضدها كما تمنع نفس الاتفاقية تعرض هذه الأعيان للسرقة او النهب اوسلب الملكية وعدم استخدامها في العمل العسكري المادة 4 من نفس الاتفاقية أعلاه.
- طبقا للفقرة 4 من المادة 4 من اتفاقية 1954والفقرة "ج" من المادة 53 من البروتكول الاضافي الأول لسنة 1977 فانه يخطر ممارسة الأعمال الانتقامية ضد الأعيان الثقافية.
وحتى تبقى هذه الأعيان في حماية من الاعتداء عليها اثناء فترة الحرب او الحماية فانه يتعين وضع علامة او شعار خاص يميزها طبقا للفقرة الأولى من المادة 16 من اتفاقية 1954.
اعتبرت المادة 8 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية من بين جرائم الحرب " سواء في المنازعات الدولية المسلحة او المنازعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي " كل هجوم يتوجه عمدا ضد المباني المخصصة للعبادة ، او التعليم او الفني او العلوم ، او الأغراض الخيرية ، او الاثار التاريخية ، او المستشفيات بشرط ان لا تكون أهدافا عسكرية.
تلتزم الدول طبقا للمادة 4 من الاتفاقية بخطر او منع أي سرقة او نهب تتعرض له الأعيان الثقافية اثناء النزاع المسلح.
كما شملت العديد من الاتفاقيات مسألة تصدير الممتلكات الثقافية من إقليم محتل كليا او جزئيا.
وحتى تخضع هذه الاثار التاريخية للحماية المعززة فانه يتعين تطبيقا للمادة 10 من الاتفاقية.
ان يكون الاثر الثقافي ذو اهمية قصوى للانسانية.
ان يكون محميا بإجراءات محلية قانونية او ادارية تعترف بقيمته الثقافية والتاريخية الاستثنائية وتكفل اقصى مستوى من الحماية.
الا يستخدم في الأغراض العسكرية مع إصدار الطرف المعني إعلانا يفيد ذلك والسؤال الذي يطرح هنا ما المقصود " بالضرورة العسكرية القهرية " تعدي البروتوكول لتفسير ذلك عندما اعتبر ان معنى ما ذكر إمكانية توجيه الأعمال العدائية إلى الأعيان الثقافية اذا توفر الشرطان التاليين :
الأول : " ان يكون العمل الثقافي بمقتضى وظيفته ، قد تم تحويله إلى هدف عسكري.
الثاني : ان يوجد عملا : أي حل آخر لتحقيق ميزة عسكرية تساوي تلك التي تترتب على توجيه العمل العدائي ضد الأعيان الثقافية ، وقد تحدث البروتكول عن احوال المسؤولية الجنائية والجهة المختصة للبث في المسؤولية عن هذه الجريمة التي تعتبر جريمة حرب وشروط المحاكمة
4/ حماية البيئة الطبيعة أثناء النزاعات المسلحة في القانون الدولي الانساني :
من بين المسائل التي اهتم بها القانون الدولي الانساني بشكل مباشر مسألة حماية البيئة اثناء النزاعات المسلحة.
ذلك انه اعتبر حق الأطراف في النزاع المسلح في اختيار وسائل القتال ليس حقا مطلقا وهكذا فقد نصت المادة 22 من اتفاقية لاهاي على انه " ليس للمتحاربين الحق المطلق في اختيار وسائل الحاق الضرر بالعدو " كما ان الفقرة ( أ) من المادة 35 من البروتوكول للأول الاضافي لسنة 1973 جاء فيها " ان حق الأطراف في نزاع مسلح في اختيار أساليب ووسائل القتال ، ليس حقا لا تقيده قيود " .
كما ان البند " ب " من الفقرة الخامسة من المادة 51 من البروتوكول الأول الاضافي لسنة 1977 اعتبر " انه بمثابة هجمات عشوائية ، الهجوم الذي يتوقع منه ان يسبب خسارة في أرواح المدنيين او اصابتهم او الأضرار بالأعيان المدنية او ان يحدث خليطا من هذه الخسائر والاضرار يفرض في تجاوز ما ينتظر ان يسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة وهو مبدأ يعني ضرورة الأخذ بعين الاعتبار بين المكاسب العسكرية المتوقعة وما يمكن ان يصيب من خسائر.
واشار البند ( ب) من الفقرة الثانية من المادة 57 من البروتوكول الأول الاضافي لسنة 1977 إلى انه " يلغى او يعلق أي هجوم اذا تبين ان الهدف ليس هدفا عسكريا ، او انه مشمول بحماية خاصة ، او ان الهجوم قد يتوقع منه ان يحدث خسارة في أرواح المدنيين او الحاق الاصابة بها ، او الأضرار بالاعيان المدنية دون ان يحدث خلطا من هذه الخسائر والاضرار ، وذلك بصفة عرضية تفرض في تجاوز ما ينتظر ان يسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة "
كما ان القانون الدولي الانساني اهتم بشكل غيرمباشر بالبيئة ولم ترد اية عبارة في هذا القانون سواء في اتفاقية لاهاي او اتفاقية جنيف تفيد حماية البيئة الا انه يمكن ان نستخلص من بنود بعض الاتفاقيات حماية البيئة من ذلك مثلا :
الفقرة " ز " من المادة 23 من اتفاقية لاهاي والتي تحذر من تدمير " ممتلكات العدو او حجزها ، الا اذا كانت ضرورات الحرب تقتضي حتما هذا التدمير او الحجز " .
الفقرة " ب " من المادة 6 من نظام محكمة نورمبرغ التي نصت على ان " حرب التدمير العشوائي للمدن والقرى او الاتلاف غير المبرر للضرورات العسكرية ".
المادة 55 من اتفاقية لاهاي التي اوردت انه " لا تعتبر دولة الاحتلال نفسها سوى مسؤول اداري ومنتفع من المؤسسات والمباني العمومية والغابات والأراضي الزراعية التي تملكها الدولة المعادية والتي توجد في البلد الواقع تحت الاحتلال وينبغي عليها صيانة باطن هذه الممتلكات وإدارتها وفقا لقواعد الانتفاع ".
المادة 53 من اتفاقية جنيف.الرابعة التي جاء فيها : " يخطر على دولة الاحتلال ان تدمر أي ممتلكات خاصة ثابتة او منقولة تتعلق بأفراد او جماعات او بالدولة او السلطات العامة او المنظمات الاجتماعية او التعاونية ، الا اذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتما هذا التدمير".
المادة 56 من الاتفاقية التي نصت على انه " لا تكون الأشغال الهندسية والمنشآت التي تحمل قوى خطيرة الا وهي السدود والجسور والمحطات النووية لتوليد الطاقة الكهربائية ، محلا للهجوم حتى لو كانت أهدافا عسكرية ".
والاعتداء على البيئة في النزاع المسلح الداخلي غير مسموح به ذلك طبقا للمادتين 14 و 15 من البروتوكول الثاني.