الفرع الأول : الرقابة الإدارية على شرعية الحبس المؤقت
لقد أعطى المشرع الجزائري لرئيس غرفة الاتهام صلاحية مراقبة قضاة التحقيق، من خلال المراقبة الإدارية فتنص المادة 203 من ق. إ. ج ( يراقب رئيس غرفة الاتهام ويشرف على مجرى إجراءات التحقيق المتبعة في جميع مكاتب التحقيق بدائرة المجلس )
وتشمل رقابة رئيس غرفة الاتهام ،بالإضافة إلى سلطة الإشراف على سير التحقيق سلطة مراقبة الحبس المؤقت
طبق للمادة 204 من ق. إ. ج من خلال تلقيه كل ثلاثة أشهر قائمة تحتوى على جميع القضايا المتداولة وقائمة
خاصة تتضمن أسماء المتهمين المحبوسين مؤقتا كما له أن يزور كل مؤسسة عقابية في دائرة المجلس القضائي لكي يتحقق من حالة المحبوسين مؤقتا ،وإذا ما بدا له أن الحبس المؤقت غير قانوني وجه إلى قاضي التحقيق الملاحظات الشفوية ،ويستطيع أن يقدم طلب إلى غرفة الاتهام لكي تنعقد بطلب منه كي تفصل في مسألة الحبس المؤقت للمتهم طبق للمادتين 178 . 205 من القانون الإجراءات الجزائية
الفـرع الثانـي : الرقابة القضائية على شرعية الأمر بالوضع في الحبس المؤقت
تتمثل الرقابة القضائية في غرفة الاتهام الذي أعطها المشرع الجزائري صلاحية مراقبة شرعية الأوامر الصادرة عن الحبس المؤقت،وذلك على اعتبار أنها جهة التحقيق الدرجة الثانية وهذا في حد ذاته ضمانة للمتهم في احترام حقوقه التي كفلها له القانون وضمان حماية الحق العام في سير إجراءات التحقيق على الوجه الذي رسمه المشرع من جهة أخرى
وتختص غرفة الاتهام على مراقبة شرعية الامر بالوضع في الحبس المؤقت ،من خلال نظرها في استئنافات المرفوعة إليها من طرف المتهم أو النيابة العامة سواء من وكيل الجمهورية أو النائب العام لدى المجلس القضائي أو من خلال طلب المرفوع إليها من طرف المتهم تظلما من تقاعس قاضي التحقيق عن الفصل في طلب الإفراج بعد انقضاء أجل 8 أيام من تاريخ تقديم الطلب طبق لما تقتضيه المادتين 126 / 1 . 126 / 2 من ق. إ. ج.
و حق المتهم في استئناف أمر بالوضع في الحبس المؤقت، هو حق مستحدث بموجب التعديل الجديد لقانون الإجراءات الجزائية، ويكون ذلك في أجل ثلاثة أيام من تاريخ تبليغ الأمر بالوضع في الحبس المؤقت شفاهة وبالكيفية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 123 مكرر من ق . إ . ج، والتي نصت على انه ( يبلغ قاضي التحقيق الأمر المذكور شفاهة إلى المتهم وينبهه بأن له ثلاثة أيام من تاريخ هذا التبليغ لاستئنافه )
وبهذه الضمانة التي منحت للمتهم في استئناف الأمر بالوضع في الحبس المؤقت، يكون المشرع الجزائري قد أضفى الطبيعة القضائية على هذا الأمر، بعدما كان مجر أمر ولائي مجرد من أية رقابة قضائية ( 1 )
وتتمثل هذه الرقابة في كفاية الأسباب التي بني عليها أمر الوضع في الحبس المؤقت ،بالنظر في الشروط القانونية وسلامة الإجراءات كذلك
وتتسع صلاحية غرفة الاتهام في مراقبة الحبس المؤقت، من خلال نظرها في بطلان إجراء من إجراءات التحقيق وبالتحديد فإنها حين تقرر بطلان الاستجواب الأولى فإنها تقرر بصفة تبعية بطلان الحبس المؤقت ،وهذا بموجب المادة 157 من ق. إ. ج التي نصت على أنه تراعي الإحكام المقررة في المادة 100 المتعلقة باستجواب المتهمين
---
1 / الأوامر الولائية التي تصدر عن القضاة لحسن سير العدالة دون أن تكون قابلة لرقابة القضائية كأمر الإحضار وأمر القبض
والمادة 105 المتعلقة بسماع المدعى المدني وإلا تترتب على مخالفتها بطلان الإجراء نفسه وما يتلوه من إجراءات
وتصدر غرفة الاتهام قراراتها سواء بإلغاء أمر الوضع في الحبس المؤقت ،أو إلغاء أمر تمديده والأمر من جديد بالإفراج عن المتهم ،وقد تأمر بتأييد أمر قاضي التحقيق بالوضع في الحبس المؤقت أو تمديده .
غير أنه تجدر الإشارة بأن قرارات غرفة الاتهام في مادة الحبس المؤقت ،غير قابلة للطعن بالنقض طبق للمادة 495 من ق . إ . ج .
المبحـث الثالــــــث
حقوق وواجبات المتهم المحبوس مؤقتا داخل المؤسسة العقابية
إن حقوق وواجبات المتهمين المحبوسين مؤقتا وما يترتب عن الإخلال بهذه الواجبات من جزاءات وعقوبات قد تضمنتها قواعد أساسية احتوتها وشملها القانون رقم 05 / 04 المؤرخ في 06 فبراير 2005 المتضمن تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين
وعليه فإننا سنتناول هذا المبحث في مطلبين ، نخصص الأول للحديث عن حقوق المتهم المحبوس مؤقتا، ونخصص المطلب الثاني لواجباته داخل المؤسسة إعادة التربية وذلك وفقا للقانون الجديد رقم 05 / 04 المشار إليه أعلاه
ا لمطلـب الأول : حقــوق المتهـم المحبـوس مـؤقتا داخل المؤسسة العقابية
إن الحقوق التي منحها القانون رقم 05 / 04 للمحبوس مؤقتا كثيرة ومتنوعة وهي حقوق لا تختلف عن حقوق المحبوسين بأحكام نهائية وتتمثل هذه الحقوق في الأتي :
1 ) – حق المتهم المحبوس مؤقتا في رعاية صحية : لقد نصت المادة 57 من قانون 05 / 04 المتعلق بتنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين في القسم الثاني الفرع الأول، في حق المحبوسين في الرعاية الصحية مضمونة لجميع فئات المحبوسين. وتنص المادة 58 من نفس القانون على أنه ( يتم فحص المحبوسين وجوبا من طرف الطبيب و الأخصائي النفساني عند دخوله إلى المؤسسة العقابية وعند الإفراج عنه وكلما دعت الضرورة لذلك )
ومعنى ذلك أن المحبوس سواء كان حبسه حبسا مؤقتا ،أو تنفيذا لحكم نهائي، فإن له الحق في الرعاية الصحية في المؤسسة الوقائية أو إعادة التربية أو في المؤسسة استشفائية إذا دعت الضرورة لنقله للعلاج
2 ) – حق المتهم المحبوس مؤقتا في زيارة الأقارب والأصهار وغيرهم : لقد أشارت نص المادة 66 من قانون 05 / 04 على هذا الحق حيث نصت على أنه ( للمحبوس الحق في أن يتلقى زيارة أصوله وفروعه إلى غاية الدرجة الرابعة وزوجته ومكفوله وأقاربه بالمصاهرة إلى غاية الدرجة الثالثة ) 1
فتسلم رخصة زيارة للأقارب من طرف قاضي التحقيق أو وكيل الجمهورية إذا أمر بإيداعه طبق للمادة لمادة 68 فقرة 03 من قانون 05 / 04
3 ) – حق المتهم المحبوس مؤقتا في الاتصال بمحاميه : لقد نص القانون 05 / 04 على زيارة محامي المتهم سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب المحبوس مؤقتا أو أحد أقارب المتهم بشرط أن يكون موكلا في القضية
---
1 – أصوله : ابوه . جده .أب جده . وأمه وأم أمه - وفروعه : إبنه . وإبن إبنه وبنته وبنت بنته وإبن بنته وبنت إبنه أصهار : والدة زوجته وأخوت وأخوات الزوجةوزوجنه
حيث تنص المادة 67 من نفس القانون على أنه ( للمحبوس الحق في أن يتلقي زيارة الوصي عليه والمتصرف في أمواله ومحاميه أو أي موظف أو ضابط عمومي متى كانت أسباب الزيارة مشروعة ) وتنص المادة 70 منه على
أن ( للمحامي عند تقديمه رخصة الزيارة المسلمة له من السلطة القضائية المختصة الحق في الاتصال بالمتهم بكل حرية من دون حضور عون الحراسة في غرفة المحادثة المعدة خصيصا لذلك ) كما أشارة الفقرة الثانية على أنه
( لا يقيد أو يبطل المنع من الاتصال ولا التدابير التأديبية مهما تكن طبيعتها حق المحبوس في الاتصال الحر بمحاميه )
4 ) – حق المتهم المحبوس مؤقتا في المراسلة : لقد جاء في المادتين 73 . 74 من القانون 05 / 04 أنه يحق للمحبوس تحت رقابة مدير المؤسسة العقابية مراسلة أقاربه أو أي شخص آخر شريطة ألا يكون ذلك سببا في الإخلال بالأمن وحفظ النظام داخل المؤسسة العقابية أو بإعادة تربية المحبوس وإدماجه في المجتمع
وعليه فإن المتهم المحبوس مؤقتا، يمكنه بسهولة أن يكتب الرسائل إلى أفراد عائلته و إلى كل شخص يرغب في مراسلته والكتابة إليه، بشرط أن لا تتضمن رسائله هذه والرسائل الواردة إليه ما يضر بنظام إعادة تربية ،وتخضع هذه الرسائل إلى رقابة مدير المؤسسة باستثناء رسائل الموجه إلى المحامي من طرف المحبوس مؤقتا ،حيث نصت المادة 74 على انه ( لا تخضع لرقابة مدير المؤسسة العقابية المراسلات الموجهة من المحبوس إلى محاميه أو التي يوجهها هذا الأخير إليه ولا يتم فتحها لأي عذر كان إلا إذا لم يظهر على الظرف ما يبين بأنها مرسلة إلى المحامي أو صادرة منه )
5 ) – حق المتهم المحبوس مؤقتا في القيام بالواجبات الدينية : إن دخول أي شخص إلى السجن بتهمة معينة سواء أثناء التحقيق أو يصدر حكم نهائي عليه، لا يعني أنه فقد أخلاقه و مرؤته أو انحرف عن واجباته الدينية بل له الحق في ممارسة شعائره الدينية بكل حرية داخل المؤسسة العقابية ،وهذا ما وفره القانون رقم 05 / 04 المتعلق بتنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين في مادته 66 فقرة 03 حيث نصت على انه ( للمحبوس الحق في ممارسة واجباته الدينية وفي أن يتلقى زيارة رجل دين من ديانته )
6 ) – حق المتهم المحبوس مؤقتا في التظلم والشكوى : لقد جاء في المادة 79 من القانون 05 / 04 على أنه
( يجوز للمحبوس عند المساس بأي حق من حقوقه أن يقدم شكوى إلى مدير المؤسسة العقابية الذي يتعين عليه قيدها في سجل خاص والنظر فيها و التأكيد من صحة ما وردا بها واتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة في شأنها ) ،ويتعين بعد ذلك على المدير أن ينظر في هذه الشكوى، وأن يحقق في الوقائع التي تضمنتها ويوليها ما تستحق من عناية و اهتمام، وإذا رأى مدير المؤسسة أن الوقائع تكتسي طابع جزائي أو من شأنها الإخلال بالنظام داخل المؤسسة العقابية أو تهديد أمنها، فإنه يجب عليه أن يراجع حينا وكيل الجمهورية لدى المحكمة التي توجد المؤسسة بدائرة اختصاصها ويجب أن يبلغ قاضي تطبيق على الفور ( 1 ) .
وإذا تقاعس مدير المؤسسة العقابية ولم يتلقى المحبوس ردا على شكواه بعد مرور 10 أيام من تاريخ تقديمه للشكوى جاز له إخطار قاضي تطبيق العقوبات مباشرة، ويحق له كذلك أن يرفع شكواه إلى كل من الموظفين المؤهلين والقضاة المكلفين بالتفتيش الدوري للمؤسسة العقابية وله حق في مقابلتهم دون حضور موظفي المؤسسة العقابية .
-------
الأستاذ / عبد العزيز سعد – إجراءات الحبس الاحتياطي والإفراج المؤقت –المؤسسة الوطنية للكتاب –ص 108
هذا وهناك حقوق أخرى متنوعة لا يسع المجال الحديث عنها، وهي تتراوح ما بين حق المحبوس مؤقتا في تلقي حاجياته الشخصية ..... الخ
المطلـب الثانـــي : واجبـات المتهـم المحبـوس مــؤقتا داخل المؤسسة العقابية
لقد تضمن قانون 05 / 04 المتعلق بتنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين مجموعة من القواعد التنظيمية اللازمة للمحافظة على الأمن والصحة وعلى النظام والطاعة داخل المؤسسة العقابية
كما تضمن قواعد أساسية أخرى تشمل على الجزاءات أو العقوبات التي يمكن تسليطها على المحبوسين الذين يتعمدون مخالفة هذه القواعد التنظيمية و يخلون بواجبات الطاعة
أما النصوص القانونية التي احتوت هذه القواعد، فهي نصوص المواد من 80 إلى 87 من قانون تنظيم السجون
و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين حيث تنص المادة 80 منه على انه ( يجب على المحبوس أن يحترم قواعد الانضباط وأن يحافظ على النظام والأمن والصحة والنظافة داخل المؤسسة العقابية )
ومجمل هذه المواد تتعرض إلى واجبات المحبوسين وإلزامهم باحترام كل القواعد والأنظمة الداخلية للسجون التي تتعلق بالأمن والنظام والصحة وبالطاعة اللازمة للحراس والمراقبين أثناء قيامهم بمهام وظيفتهم وأن مخالفة أي محبوس مؤقتا أو محكوم عليه لأنظمة السجون والقواعد اللازمة للحفاظ على الأمن والنظام فيها تعرض المخالف إلى إجراءات وعقوبات تأديبية ما بين الإنذار والتوبيخ من الدرجة الأولى حسب ما جاء في نص المادة 83 من قانون المشار إليه أعلاه وبين وقف حق المراسلة لمدة لا تتجاوز شهرين على الأكثر ومنع من الزيارة مؤقتا لمدة لا تتجاوز شهرا ما عدا زيارة المحامي ومنع من التصرف في الأموال للأغراض الشخصية لمدة لا تتجاوز شهرين والوضع في عزلة لمدة 30 يوما
أما إذا كانت الإعمال المخلة بالنظام أو الأمن تكون إعتداء على الأموال العامة التابعة للمؤسسة كالإتلاف والتخريب العمدي والضرب والجرح والقتل فإنها تصبح جريمة من الجرائم التي يطبق عليها قانون العقوبات
وتجدر الملاحظة أن حقوق وواجبات المتهم الأجنبي المحبوس مؤقتا ( 1 ) لا تختلف في مجملها عن واجبات المتهم الوطني بصفة عامة غير أنه إذا تعلق الأمر بزيارة أحد ممثلي قنصلية بلاده فإنها تخضع هذه الزيارة إلى مبدأ المعاملة بالمثل حسب ما ورد في المادة 71 من قانون 05 / 04 حيث تنص على أنه ( المحبوس الأجنبي الحق في أن يتلقى زيارة الممثل القنصلي لبلده وذلك مع مراعاة مبدأ المعاملة بالمثل وفي حدود النظام الداخلي للمؤسسة العقابية
وتسلم رخصة زيارة المحبوس الأجنبي المحكوم عليه للممثل القنصلي لبلده من المصالح المختصة بوزارة العدل وتسلم له طبق لأحكام المادة 68 فقرة 03 أعلاه إذا كان محبوسا مؤقتا )
-----------
1 / الأستاذ عبد العزيز سعد – مرجع سابق – ص 112
المبحـــــث الـرابـــــع
التعـــويـض عـــــن الحبــــس المـــؤقت غيـــر المبـــــرر
مما شك فيه أن عدم إلزام قضاة التحقيق بإصدار أمر مسبب بالوضع في الحبس المؤقت في مواد الجنح والجنايات وكذلك السهولة التي كانت تحاط بتقرير الحبس المؤقت وبساطة هذا الإجراء الخطير في بعض التشريعات، من الأسباب التي شجعت اللجوء إليه مما أدي بالمشرع الجزائري إلى إقرار مسؤولية الدولة عن أعمال السلطة القضائية ،وذلك من خلال المادة 49 من القانون الدستور والذي كرسه فيما بعد القانون رقم 01 / 08 المؤرخ في 26 يونيو 2001 المعدل لقانون الإجراءات الجزائية في القسم السابع مكرر تحت عنوان في تعويض عن الحبس المؤقت بالمواد 137 مكرر إلى 137 مكرر 14
وعليه سوف نتعرض لدراسة هذا المبحث من خلال مطلبين، نخصص المطلب الأول لشروط الحصول على التعويض والمطلب الثاني نخصصه في كيفية الحصول على هذا التعويض
المطلب الأول : شـــروط الحصــول علـى التعـويــض
إن التعويض عن الحبس المؤقت غير المبرر ليس تلقائيا ولا أكيدا في كل الحالات، بل قيده المشرع الجزائري بشروط منصوص عليها بالمادة 137 مكرر من ق. إ. ج ،ويجب على طالب التعويض استفاءها وذلك إذا كان محل حبس مؤقت غير مبرر انتهى بقرار نهائي قضى بألا وجه للمتابعة أو بالبراءة وألحق به ضررا ثابتا ومتميزا
( 1 ) وهذه الشروط تتمثل في التالي :
01 ) أن يكون طالب التعويض محل حبس مؤقت غير مبرر انتهى في حقه بألا وجه للمتابعة أو بالبراءة
ويقصد به ما عبرت عنه المادة 137 مكرر بأنه كل حبس أمر به خلال متابعة جزائية وانتهت في حقه بصدور قرار نهائي قضى بألا وجه للمتابعة أو بالبراءة
والقرار النهائي هو عدم قابليته لأي طريق من طرق الطعن ( 2) أي حائز لقوة الشيء المقضي فيه
02 ) أن يكون الحبس المؤقت قد ألحق بالشخص ضررا ثابتا ومتميزا والمقصود بهذا الشرط هو تقييد نطاق التعويض من خلال اشتراط المشرع أن يكون الضرر ثابتا ومتميزا
وما يزيد من صعوبة تطبيق هذا الشرط أن المشرع الجزائري لم يحدد مفهوما لهذا الضرر الثابت والمتميز وعليه وجب الرجوع إلى تطبيقات للجنة التعويض الفرنسية وكيف عبرت عن أوصاف هذا الضرر ( 3) فالضرر غير العادي هو ذلك الضرر الذي توجب قواعد العدالة التعويض عنه أما الضرر المتميز ذي الخطورة الخاصة فيقصد به أن تقييم الضرر يكون حسب كل حالة بالنسبة لنتائج الحبس المؤقت غير المبرر سواء منها المادية أو المعنوية التي تلحق بالشخص
وبتوافر هذين الشرطين فإنه يحق للمضرور من حبسه أن يقدم طلب إلى الجهة المختصة بالتعويض في أجل ستة
( 06 ) أشهر من صيرورة القرار القاضي بألا وجه للمتابعة أو البراءة نهائيا
-----
1 / مجلة المحاماة – منظمة الجزائر ناحية الجزائر – العدد 1 – ص 16
( 2) د / الأخضر بوكحيل – مرجع سابق – ص 350
( 3 ) ) د / الأخضر بوكحيل – مرجع سابق – ص 352 وما بعدها
المطلب الثاني : كـيفيــة الحصـول علـى التعـويـض
أن تحديد الحصول على التعويض يتم عن طريق جهة مختصة تسمى لجنة التعويضات المنشأة ،على مستوى المحكمة العليا حسب ما نصت عليه المادة 137 مكرر 1 وهي جهة قضائية ذات طابع مدني وتشكل من
- الرئيس الأول للمحكمة العليا رئيسا
- قاضين حكم لدى نفس المحكمة أعضاء يتم تعينهما سنويا من طرف مكتب المحكمة العليا الذي يعين كذلك الأعضاء الاحتياطيين
- النائب العام لدى المحكمة العليا
- أمين ضبط اللجنة يعين من طرف الرئيس الأول للمحكمة العليا
ويتم تقديم طلب التعويض من طرف طالبه أو محاميه بموجب عريضة موقعة في اجل لا يتعدى ستة أشهر من صيرورة القرار القاضي بألا وجه للمتابعة أو البراءة نهائيا
ويجب أن تتضمن العريضة وقائع القضية وبعض البيانات المحددة بالمادة 137 مكرر 4 بصفة إلزامية وهي :
1- تاريخ وطبيعة القرار الذي أمر بالحبس وكذا المؤسسة العقابية التي نفذ فيها
2 – الجهة القضائية التي أصدرت قرار بألا وجه للمتابعة أو بالبراءة وتاريخ القرار
3 – طبيعة الإضرار وقيمة التعويض المطالب به
4 – عنوان المدعى الذي يتلقى فيه التبليغات
وتودع العريضة مقابل إيصال لدى أمين اللجنة الذي يتولى إرسال نسخة منها إلى العون القضائي للخزينة باعتباره مدعى عليه في هذه الدعوى في أجل 20 يوما من تاريخ استلام العريضة ويطلب أمين اللجنة الملف الجزائي من أمانة ضبط الجهة القضائية التي أصدرت قرار بألا وجه للمتابعة أو البراءة
ويتم إخطار الإطراف بالمذكرات التي يودعونها حسب ما نصت عليه المادة 137 مكرر 6 ليتمكن المدعى من الرد على مذكرة العون القضائي للخزينة في أجل أقصاه 30 يوما من تاريخ تبليغه بهذه المذكرة وبانقضاء الأجل يحول الملف إلى النائب العام لإيداع مذكراته في شهر الموالي ويعين مقرر من بين الأعضاء اللجنة من طرف رئيس اللجنة والذي يحدد تاريخ الجلسة بعد استشارة النائب العام يتم تبليغ هذا التاريخ من طرف أمين اللجنة برسالة موصى عليها مع إشعار بالاستلام إلى المدعى والعون القضائي للخزينة في أجل شهرين قبل تاريخ الجلسة طبق للمادة 137 مكرر 10
وبعد تلاوة التقرير من المستشار المقرر يمكن الاستماع إلى المدعى والعون القضائي للخزينة ويقدم التائب العام بتقديم ملاحظاته
وتصدر الغرفة المشورة قرارها في جلسة علنية وتكون هذه القرارات باتة لا تقبل أي طريق من طرق الطعن ولها القوة التنفيذية
وإذا قررت اللجنة منح التعويض فإنها لها مطلق الحرية في تقدير التعويض ويتم دفع مبلغ التعويض وفق التشريع المعمول به من طرف أمين خزينة ولاية الجزائر وبعد استعراضنا لأهم الإجراءات في طلب التعويض عن الحبس
المؤقت غير المبرر فإنه تجدر بنا الإشارة إلى أنه هناك ملفات كثير جدا على مستوى المحكمة العليا لم يتم الفصل فيهم إلى حد الساعة ولم نرى أي تطبيقات عن ذلك ويبقى السؤال مطروح هل هذه المواد عن الحبس المؤقت غير المبرر هي مواد مطبقة في الواقع أم هي حبر على ورق فقط ؟
خــــــاتمــــــة :
نخلص في ختام دراستنا للحبس المؤقت، إلى انه أخطر إجراء يمس بحرية وكرامة الإنسان ، إذ به تسلب حرية المتهم خلال مرحلة التحقيق، فلا يجوز بأي حال من الأحوال أن تسرف هيئة التحقيق في هذا الاستثناء الذي يمس مبدأ قرينة البراءة
ولذالك فإن المشرع الجزائري في تعديله الأخير لهذا الامر، بالقانون 01 / 08 قد تدارك النقص الذي كان موجود في القانون القديم لهذه المادة ،وأضفى ضمانات للمتهم في هذا التعديل من خلال التسبيب هذا الامر تسبيب يستند إلى وقائع الدعوى وإخضاعه إلى الاستئناف من طرف المتهم أمام غرفة الاتهام، ليكون المشرع قد أضفي الطبيعة القضائية لهذا الامر بالاظافة إلى تقريره حق التعويض عن الحبس غير المبرر الذي تتحمله الخزينة الدولة عن الخطأ القضائي
وبهذا يمكن القول بأن المشرع قد أقر نظاما قانونيا للحبس المؤقت، فيه ضمانات أكثر لحقوق المتهم مطابقته بالقانون القديم الذي وسع لقاضي التحقيق في الامر بالحبس المؤقت
ومهما يكن فإن الضمانات التي قررها المشرع في التعديل الأخير لصالح المتهم، سوف لن تكون فعالة إذا أهمل قاضي التحقيق، روح النصوص التي تنصب في نقطة واحدة ،وهي أن إجراء الحبس المؤقت هو إجراء استثنائي، لا يلجأ إليه إلا إذا لم يكن التزامات الرقابة القضائية غير متوفرة ،وتقييده بالنص المادة 123 مكرر واستعماله بدائل أخري لحد من الامر به