لالة بثينة
رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي  0213_f291b456b0ec1
لالة بثينة
رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي  0213_f291b456b0ec1



 
الرئيسيةbawabaأحدث الصورالتسجيلدخول
المواضيع الأخيرة
»  liاللحم المقلي المغربي ب توابل قليلة جدا وطريقة بسيطة و مذاق جديد
رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي  I_icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 19, 2017 1:39 am من طرف لالة بتينة

»  غريبة باللوز و الكركاع / حلوى ملوزة الكركاع المغربية الشهية بخطوات سهلة و ناجحة Ghriba Walnut
رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي  I_icon_minitimeالجمعة أغسطس 25, 2017 4:25 am من طرف لالة بتينة

» السكر كلاصي سبيسيال (الممتاز) في البيت بأسهل طريقة ل تزيين الحلويات
رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي  I_icon_minitimeالخميس أغسطس 24, 2017 2:15 pm من طرف لالة بتينة

» شربة بالعدس الأحمر و الخضر و الدجاج صحية ومقوية وغنية بالحديد /soupe lentille corail/chorba 3dess ahmar
رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي  I_icon_minitimeالأربعاء أغسطس 23, 2017 4:51 am من طرف لالة بتينة

»  حصريا و لاول مرة الجديد و العجيب في حلويات اللوز حلوى السيمانة (أسبوع) روعة في التعليكة ؛المذاق والرائحة منعاودش ليكم تعالو اكتشفوها معي
رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي  I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 22, 2017 2:46 pm من طرف لالة بتينة

» بريوش مظفور قطني سهل وسريع Brioche tressée moelleuse à la mie filante
رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي  I_icon_minitimeالإثنين أغسطس 21, 2017 4:34 am من طرف لالة بتينة

» غريبة معلكة ب البرتقال إقتصادية بكل أسرار نجاحها مع طريقة تحضير سكر سبيسيال في البيت halawiyat l3id
رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي  I_icon_minitimeالأحد أغسطس 20, 2017 9:36 am من طرف لالة بتينة

» الموز المجفف
رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي  I_icon_minitimeالأحد أغسطس 20, 2017 9:27 am من طرف لالة بتينة

» ارز مبخربالكبدة او قطع الدجاج
رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي  I_icon_minitimeالأحد أغسطس 20, 2017 9:23 am من طرف لالة بتينة

» صدر الدجاج المشوي
رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي  I_icon_minitimeالأحد أغسطس 20, 2017 9:22 am من طرف لالة بتينة


شاطر
 

 رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
معلومات العضو
لالة بتينة

لالة بتينة

Admin

Admin
معلومات إضافية
كيف تعرفت علينا : غيره
الجنس : ounta
المهن : jami3i
الهواية : rkoub elkhayl
المزاج : ray9
الدولة : france
عدد المساهمات : 4981
تاريخ التسجيل : 14/05/2012
معلومات الاتصال
http://www.lalaboutayna.com/
مُساهمةموضوع: رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي    رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي  I_icon_minitimeالسبت فبراير 16, 2013 8:16 am

الملخص
مفاجأة العمر
· يبحث عنها منذ خمس سنوات . . . امرأة من نسج احلامه . . ملاك ، دون اسم ،
نجح في هدفه الليلة في تبديد ظلام حياته الي الأبد ، حلم الصين .. حلم
ليلة . .

و أخيرا وجدها . . مبتسمة و مشرقة ، كانت هنا أمام عينيه . . خطيبة شقيقه



مقدمة


هي !
حملق "هيرمان نايت " في الصورة بينما كان يضغط بكل قوته علي الرسالة التي يمسك بها في يده .
و نسي تماما الجو السيئ ل"مانهاتن " الذي طالما ظل يلعنه و هو يقبع في منزله .
كما نسي الشعور الرهيب بالضيق الذي كان يزرح تحت طائلته اثناء مشاهدته
لبرامج التلفزيون و مقدمها الغبي . هكذا راح عن فكره كل ماكان يشغله و
يؤرقه منذ ثوان معدودة و لم يبق سوى ذكرى هذا العشاء الذي أسرع لقضائه مع
اجمل فتاة في العالم .
هي !
إنه ينتظر هذه الرسالة منذ وقت طويل ! و لآن حل محل السعادة احساس بالحقد و الضيق . . .
حقد ظالم و غير عادل ن و لكن قلما تخضع المشاعر الانسانية لما يمليه عليها العقل و النزاهة .
كان الاحساس بالضيق و المرارة يسيطر عليه ضد سخرية هذا الموقف ، و مع ذلك
دلف الي المطبخ الحديث جدا و بدا يعد القهوة بيد غاضبة ن ثم بدأ يتخلص من
سترته المبللة بينما ظلت عيناه عالقتين بالصورة التي ثبتها امامه علي
التلفزيون .
كان منذ خمسة اعوام لا يتناول سوى المشروبات الكحولية و ليست القهوة ن كان
منذ خمسة اعوام يخرج هائجا علي وجهه في الشارع ليهدئ من ثائرته ، او يحطم
اى شيئ يجده أمامه و ينثر حطامه في كل مكان كأنه يحاول ان يتحدى قدره
القاسي .
وربما فكر في البحث عن أي امراة تؤنس وحدته ، و مع ذلك يجد نفسه دائما وحيدا في النهاية .
و لكن منذ رآها ، منذ ان رأي فتاة الصورة ، لم يعد ، كما كان ن فريسة النزوات المدمرة .
هي الفتاة التي يراها تضحك امامه بين ذراعين رجل آخر . . .
بفضلها ، نجح في السيطرة علي مشاعره السلبية با و حولها الي افكار و افعال
ايجابية ، و ها هو ذا الآن يتحسن وجهها بأصابعه ، و لكنه لا يلمس إلا
الصورة .
ان مجرد لمسة لصورتها يشعره بالاضطراب ، نعم انها هي ! لقد تغير لون شعرها ،
و لم تعد نحيفة و هزيللة كما كانت ، و لكن عينيها ظلتا كما هما . . .
بلونها الاخضر و تعبير السعادة و ثقة في الحياة .
لم تضف عليها هذه الاعوام الخمسة اي تغييرات .. و لكن ليس بغريب :فلن
تستطيع عوالم الزمن تغير معالم الملائكة ، و لكنها تزيدها روعة و جمالا فقط
.
" ملاك في الظلمات " ... هكذا كان يراها ، و كان مجرد لمسها يبدد الظلمات من كابوس او تخلص من عماه .
لم تكن " هونج كونج " الا ميناء يرسو عليه لمدة قليلة و هو في طريقه
الذييؤدي به الي المعركة جديدة مسرح جديد للأحداث الدموية التي تذيع شهرته
كصحفي ناجح و تجعله يعتلي القمة دائما .
لقد استيقظ في اليوم التالي لوصوله عند الظهيرة و هو يعاني آلما مبرحة في
رأسه نتيجة لتناوله المشلاوبات الكحولية طوال طريقه من امريكا الجنوبية .
لم يكن يعرف اين هو و لكنه يشعر بالراحة لسماع دوي طلقات من حوله .
ثم أتي الليل ، عندما ذهب الي هذه الامسية يائسا كأنه يحاول بذلك خنق الاصوات التي تؤرقه في الظلمات و تملأ رأسه بطنين مستمر .
فأينما ذه تلاحقه الدعوات نظرا لشهرته الذائعة الصيت و رذائله التي ارنكبها
طوال سنوات عمره كانها درع له ، إنه يدخن و يرتكب المعاصي و يزج نفسه في
مغامرات عاطفية لمجرد اللذة الجنسية و يهتم بكتابه القصص المنسوجة بعناية .
و لكن ما الشيء المختلف الذي يجده فيها و لا يجده في غيرها ؟
لقد لاحظها و اختارها من بين الجميع و كانت تجلس وحيدة و لكن ليست منعزلة .
عندما رآها هيرمان شعر في داخله بمزيج غريب من الحاجة و التحدي و الرغبة . .
كانت صغيرة و هزيلة . .كان جمالها يحمل طابعا شرقيا و يبدو متناقضا تماما
مع لون بشرتها و لون شعرها المتكلف .
و لكنه شعر ان بها طاقة داخلية و قوة اضطرته لأن يسلم لها .
و علي الرغم من تصرافاتها العدوانية ، إلا أنها لم تفقد ابدا رقتها و صفاءها ، و كان دائما و ابدا يغفر لها ويصفح عنها .
وكان أول لقاء بين غريبين فب حجرة منعزلة في احد الفنادق المجهولة ن و علي
الرغم من ان اللقاء لا يحمل معني نظيفا إلا انه في نظر هيرمان لقاء حب بكل
ما تحمله الكلمة من معان سامية ن حب خلق من العدم . .
لذلك يبدو كل شيء في عينيه مختلفا .. لقد رحلت بدون ان تقول له الوداع و
لكنها تركت لديه هذا الانطباع الرائع و هو ... عاد من جديد الي ساحة
المعركة و لكنه تخلص من يأسه الكئيب ... و منذ ذلك اليوم ، بدات كتاباته
تتسم بالحب و الرحمة و اختفت الكآبة و السخرية من حياته .
لقد كان تحولا عميقا و عسيرا في نفس الوقت و لكنه لم يفقد وحيه و ظل يتذكر .. و ظل يتأمل .
و خلال خمسة اعوام طوال ، ظل مجنونا بحب هذه الفتاة القربية من الخيال ن و
لكن ها هي ذي الان اخيرا اصبحت سهلة المنال .. لقد عرف اخيرا اسمها و اين
تكون .. و لكن هل ترغب هي ايضا في رؤيته ! و هل يشعر هو انه مستعد لمواجهة
نتائج هذا اللقاء ؟
انه سعيد بهذا التحدي ويشعر اخيرا ان جسده و عقله ينعمان بالراحة .
إن هيرمان نايت لن يتغير ابدا











<blockquote class="postcontent restore ">


الفصل الآآولـ


- أي !
قفزت العروس من مكانها ن فهمهمت " هانا " و هي تضع في فمها دبابيس الحياكة :
- معذرة يا " هيلين " .
جلست قرفصاء و تنهدت قبل ان تمسك الدبابيس بيدها و قالت :
- من المستحيل ان تبدو قامة الثوب منتصبة و رائعة ، لابد أنني أخطات عند
تصميم الاترون ، و الان من المستحيل علاج ذلك الخطأ .. كيف اخرج من هذا
المأزق الآن ؟
ابتسمت هلين سميث ابتسامة هادئة لحماتها المقبلة ، إن هانا خياطة لا نظير لها و تتقن عملها بعناية شديدة فينال اعجاب الجميع .
قالت هلين برقة :
- إنه رائع يا هانا ن و يروقني كثيرا .. انه حقا هائل .. و سترين ذلك بعد الانتهاء منه ..
و إلي الان كان الثوب الحريري ذو اللون العاجي مغطي بالدبابيس و علامات
الخياطة .. و لكن هلين كان بإمكانها تقدير شكل الثوب علي الرغم من عدم
إلمامها بأعمال الحياكة .
قالت هانا :
- الحق أنني بدات اتساءل هل كنا فعلا محقين في اختيار هذا الموديل ؟ ،
فثوب العروس مقترن دائما بالدانتيل و الازياء الفضفاضة ..
انفجرت هيلين في الضحك .
- و لكن هذه الفكرة كانت فكرتنا من البداية يا هانا !
و انت التي اقنعتني باختيار موديل غير عادي و لا يمكن التراجع الان ، لقد تاخر وقت التراجع كثيرا !
هبت هانا واقفة في مكانها بخفة شديدة لا تلائم سيدة في الستين من عمرها ، و
عادت قليلا الي الوراء و هي تعقد ذراعيها علي صدرها لتتأمل عملها عن بعد
بعين فاحصة ، ثم قالت :
- من المؤكد أن " إيدا " ستدهش كثيرا ، أليس كذلك ؟
فأجابت هيلين :
- بالتاكيد .
لم تكن إيدا شقيقة هانا لتحسد هذه الأخيرة علي مواهبها كخياطة ، فقد زوجت
ابنتها من ثلاثة اشهر و كان ثوب العروس رائعا جدا في طرازه التقليدي .
و كان من الواضح جدا ان هناك منافسة دائمة بين الشقيقتين مما جعل هانا تصر
علي استبعاد فكرة الثوب العروس التقليدي لتصمم ثوبا غير مألوف و الحق ان
هيلين سعدت كثيرا بهذه الفكرة .
و استوحت هانا هذه الفكرة من معرض للملابس اليابانية كان مقاما في الـ "
أرت جالاري " بـ " اوكلاند " ، فالتقطت عدة صور لبعض الملابس عرضتها فيما
بعد علي هيلين بحماس شديد .
- لماذا لا نستوحي فكرة الثوب من جداتك .. فيكون عبارة عن كيمونو فوق ثوب
ملصق بالجسد و تستطيع مدام هاريسون تنفيذ ذيل الثوب بالتطريز و الجواهر .
فعلقت هيلين التي اعجبت بالفكرة قائلة :
- لقد كانت جدتي الولي من الصين و ليست من اليابان .
و الحق ان هيلين لم تكن تشبه سيدات نيو زيلنده بقامتها التي يصل طولها الي
162 سم ، و شعرها الاسود البراق و عينياها اللتين يميل لونهما الاخضر الي
الرمادي و بشرتها التي يميل لونها الي العاجي .
و اخيرا استقر رأي الفتاة و حماتها المقبلة علي ثوب ذي كمين من الحرير
الرقيق ترتدي فوقه ثوبا آخر يشبه الـ كيمونو أما الظهر ن فكان له ذيل طويل ،
مطرز و رسم عليه شكل استوحته المرأة من كتاب رسومات شرقية بينما ثم تطريز
نهاية الثوب الذي يلامس الأرض و الحق ان قماش الـ كيمونو الحريري كان باهض
الثمن جدا و لكن هيلين لم تعان من هذه المصروفات لأن اسرة جريج اصرت علي
القيام بكل تكاليف الفرح .
و هيلين فتاة يتيمة ليس لها سوى اخت وحيدة اكبر منها تدعي سوزان و هي سيدة
متزوجة في الخارج و تعيش بصحبة زوجها و اطفالها الثلاثة الصغار و لذلك لم
تستطيع سوزان المجيء للمشاركة في تجهيزات الفرح و كان علي هيلين ان تعترف
بجميل هذه العائلة الثانية التي تكرمت بمنحها المساندة المعنوية و المادية .

صاحت هيلين سعيدة :
- لن أضع هذا الثوب الرائع في الصوان ابدا بعد الزواج فهو رائع جدا لأن
اقضي به اي امسية أما بالنسبة للـ كيمونو المطرز فيمكنني استخدامه كتابلوه
علي الحائط مثل هذه التي رأيتها في المعرض .
قالت هانا بفرح :
- إنها فكرة رائعة يمكنك اذن وضعه علي الحائط الكبير في حجرة استقبال
الضيوف الخاصة بـ جريج بدلا من هذا التصميم الحديث المزعج الذي يضعه هو
هناك .
قالت هيلين : التي تشارك هانا في رأيها :
- إنه يؤكد ان هذا التصميم يساوي ثروة .
- علي كل حال لحسن الحظ انه لم يفكر في ابداء رأيه بشأن ثوب العروس و في
رأيي ان جريج يعاني من الذوق السيء .. و الا لكا كان ترك هذا الديكور
الرهيب علي الحائط في منزله ؟ الحق أنني لا احتمل ان يقرر شخص غيري الألوان
او الموبيليا التي اعيش بينها 1 و لكن هذا الولد له تصرفات كثيرة لا
افهمها ...
ابتسمت هيلين .. ان هذا الولد في السادسة و الثلاثين من عمره اي انه اكبر منها بحوالي ست سنوات .
كما انه رجل مثقف و يعرف كيف يدير مشاريع الاستيراد و التصدير بمهارة شديدة و دائما مسافر في رحلات العمل .
و لو كان قد اضطر للأستعانة بمهندس ديكور لتصميم ديكور منزله ذلك لأن حياته
مضطربة لا تسمح له بالقيام بذلك هذا بلأضافة الي انه لا يثق في ذوق والدته
البرجوازي .
تقابل جريج مع هيلين لأول مرة في الطائرة بين سيدني و أوكلاند و كان جريج
في طريق العودة بعد رحلة الي معارض اليابن اما هيلين فقد كانت تقوم بآخر
مرحلة في الرحلة التي دامت عامين ..
و كانت عبارة عن جولة في جميع انحاء اوروبا مع بعض الاصدقاء و كان هناك من
يمول الرحلة نظرا لكونها من افضل السيدات اللاتي ينفذن الملابس الصوفية
المصنوعة من التريكو و كانت تبيعها في كل مكان تذهب اليه .
و عندما تقابلت مع جريج كانت تنوي القيام برحلة جديدة و لذلك نوت مرافقته
في جميع رحلاته الي الخارج و بفضله تعاقدت مع شركات كثيرة و بدأت اعمالا
كثيرة لدرجة انها فكرت بفض الشركة المقامة بينها وبين شركين آخرين و كانت
عبارة عن محل صغير في فيكتوريا بارك و لكنها عدلت عن فكرتها لرغبتها في
الاتصال بالعملاء دائما كما انها كانت تشعر بسعادة شديدة عندما تسمع كلمات
الاعجاب بعملها من افواه الجميع حتي من لم يفكر في الشراء .
قالت هانا فجأة بينما كانت تجمع الخيوط و قطع القماش المتناثرة علي ارض الحجرة الصغيرة التي تستخدمها كــ أتيليه :
- انا سعيدة جدا بزواجك من جريج .. فأنا لم أره ابدا بمثل هذه السعادة علي
الاقل منذ سنوات بعيدة .. لقد ظننت في يوم ما انه لن يتزوج ابدا .
وقفت هانا و هي مرتبكة بعض الشيء فقالت لها هيلين :
- لا تنزعجي يا هانا .. لقد حكي لي جريج كل شيء و اخبرني انه كان متيما بحب
فتاة فيما مضي كما اعرف المشاكل التي سببها هذا الارتباط في العائلة و
لذلك اتفقنا ان ننسي الامر تمام و لا نذكره ابدا .. و ما حدث حدث .. و لكن
كل ما يضايقني انه تالم في يوم ما ...
- لقد تألمنا كلنا بطريقة او باخرى و لكننا لحسن الحظ مازلنا اسرة متماسكة
مع ابني و الحق انه يوجد بعض المنافسة و لكن ذلك يحدث كثيرا بين الاخويين
المتقاربين في السن ن غير مهم ، و لكن هذه القصة ،، علي العموم ، ماحدث حدث
كما قلت .
و لكن من الواضح ان هناك عواقب اخرى واضحة فقد لاحظت هيلين بوجود تناقض في
مشاعر جريج اتجاه اخيه فكان يشعر انه يبدو دائما في الظل بالمقارنة بشقيقه
الاكبر الذي تكلل مواهبه و اعماله النجاح و لكنه لم يفكر ابدا في ايذاءه و
في النهاية وقع في حب خطيبة شقيقه و هي ايضا نفس الشيء علي الرغم من
موحاولاتهما المتسميتة لمنع هذه العاطفة من الاشتعال ... و في النهاية وقف
الشقيقان كل منهما في وجه الآخر في مشهد رهيب تبادلا فيه التهم و الكلمات
الجارحة و اخيرا هربت الفتاة و تركت الشقيقين لهول الوقف ...
و عندما كان جريج يحكي لهيلين هذه الفترة من حياته كان يبدو حزينا كان الجرح لم يندمل بعد .
استرقت هانا السمع للأصوت التي بدت عالية في الخارج اي في البهو ثم قالت :
- تري مع من يتحدث نيك .. اتمني الا يكون علي وشك استقبال احد الان ...
فموعد العشاء قد حان ، هيلين لا داعي لعودتك الي منزلك بعد العشاء و يمكنك
ان تقضي الليل في حجرة الضيوف ..
فأجابت هيلين التي كانت لا تفضل العودة الي منزلها :
- نعم افضل ذلك م و اشكرك كثيرا .
و الحق انها كطانت تسكن في منزل مشترك مع فتاة تدعي جين و تعمل ممرضة ليلية
و فتاة اخرى تدعي سيرينا و تعمل مربية و الان تعمل لدي رجل دبلوماسي يعيش
مع عائلته في اوكلاند .
- ان جريج ينوي الاتصال بي اليوم ن و اعتقد انه اذا لم يجد احدا في المنزل فسيتصل بي هنا .
و كان جريج يتصل بها كل يومين عندما يذهب في رحلة عمل .
كان صوت الزائر الذي حضر لتوه يبدو مألوفا و فجاة صاحت هانا قائلة :
- يا الهي هل هذا جريج ؟ مستحيل ، انه لن يعود قبل يوم الاثنين ، اليس كذلك ؟ و مع ذلك اشعر انه حضر !
و بسرعة شديدة بدات هانا تفك الحزام العريض الخاص بالـ كيمونو و تنزع عنه
الدبابيس و هذه الدبابيس كانت موضوعة مكان الازرار العاجية التي ستغلق
الثوب من بدايته الي نهايته .
-اتمني الا يكون جريج غبيا حتي يأتي الي هنا ؟ فهو يعرف جيدا اننا نعمل في
الثوب ... و الان اصعدي بسرعة و غيري ثوبك ! فمن امؤكد انه سيأتي فورا لو
علم بوجودك ...
و فجاة ظهر زوج هانا الرجل الطيب القلب عند مدخل فحاولت هيلين اخقاء الثوب ، عندما قال الرجل بينما كانت عيناه تلمع بفضول شديد :
-معذرة يا سيدتي و لكننا لدينا ضيف و اعتقد انكما ستتوقفان عن عمل اي شيء اذا عرفتما من يكون الضيف !
-هيرمان !
توقفت هانا من هول المفاجاة لثوان معدودة قبل ان تجري عبر الغرفة كانها
طفلة صغيرة لترمي بنفسها في احضان الرجل الذي وقف بجانب زوجها عند المدخل .

-مساء الخير يا أمي .
احتضن هيرمان والدته بينما ترسم علي ملامحه ابتسامة هادئة و يبدو من تعبير
وجهه كانه لم يبتعد عنهم الا اسبوعا واحد و ليس عاما كاملا .
-هيرمان .. هل ستظل طويلا هكذا ؟

همس هيرمان كانه يقول نفسه :
-اطول وقت ممكن .
ثم نظر الي يدي هيلين اللتين تمسكان بالثوب الحريري فارتسمت علي شفتيه
ابتسامة هادئة و اخيرا قال برقة شديدة عندما لاحظ ارتباك الفتاة :
-مساء الخير .
ثم صاحت هانا :
-يا الهي يان عقلي ؟ تعال لاعرفك علي هيلين و لكن بشرط الا تخبر جريج بأي شيء عن ثوب العروس !
ثم جذبت ابنها نحو هيلين :
-هيلين انه كما تخمنين بالتأكيد ... انه هيرمان .. اشهر رجل في العائلة .. هيرمان اقدم لك هيلين سميث .
-سميث ؟ هل هذا اسمك حقا ؟
شعرت هيلين بالضيق هل يظن انها تخفي حقيقتها وراء اسم مستعار ؟
-بالضبط !
ثم مدت يدها نحوه بخشونة ن و اضافت :
-انا سعيدة بمعرفتك يا سيد نايت .. فانا لم اقابل اي شخص شهير مثلك من قبل .
شدد هرمان نايت قبضته علي يد الفتاة و قال :
-فيما عدا انا يا هيين .
و كان ينطق اسمها بأصرار واضح فشدت هيلين يدها منزعجة :
- انا .. نعم ، و لكننل لم نتقابل من قبل .
-حقا ؟
كان صوته رقيقا و لكن جراته الواضحة و ثبات نظراته كانا يشعرانها بالارتباك قالت هيلين :
-حقا .
-يبدو انك واثقة جدا من نفسك .
-نعم .
بدات هانا و نيك ينظران اليهما باستغراب ربما كان ذلك ما يشد هيرمان نحو خطيبة شقيقه ..
ولكن هل يتعامل دائما بهذه الطريقة مع كل السيدات اللاتي يتقابلن معهن ؟ او ربما يجد فيها شيئا رومانسيا يجذبه ككاتب قصصي ؟
اكدت الفتاة بثبات :
-لو كنت قد رأيتك من قبل اعتقد انني ساتذكر ذلك .
قاطعت هانا :
- انت تظن انك رأيت هيلين من قبل لأنني ارسلت لك صورتها .. هل اتيت من المطار علي الفور ؟ نيك .. هل يمكنك الاهتمام بامر حقائبه ؟
اجاب هيرمكان بعد ان ابتعد اخيرا بنظراته عن وجه هيلين –الذي اكتسي بحمرة الارتباك و الضيق .
-ان حقائبي في الفندق .
ردت هانا بدهشة بينما قطب نيك جبينه :
-في الفندق ؟
-لقد اهتم الناشر الخاص بي بالحجز لي و لم يكن امامي وقت الا لصعود سلالم
الطائرة كما انني حاولت بشتي الطرق الهروب من الاستقبال المخصص لي في
المطار و لكني تركت الحقائب هناك اما الآن فاعتقد انها في ريجن .. علي كل
حال كنت لتساءل فربما يكون لديكم ضيرف ...
-ليس لدينا الا هيلين .. و انت تعرف اننا نرحب بك في اي وقت .
لمع بريق في عيني هيرمان الذي استدار نحو هيلين :
-هل تسكنين هنا ؟
-هذه الليلة فقط و لكني اعتقد انك تريد القضاء هذه الليلة مع اسرتك و انا ..
قاطعتها هانا :
-مستحيل ، كما انم شخص من العائلة يا هيلين ولا يوجد ليدك شك في هذا .
ثم استدارت نحو ابنها :
-فندق يا هيرمان يا لها من فكرة ! .
قال هيرمان بوجه جامد :
-اعرف ان خدمات في ريجن تعتبر سيئة جدا بالمقارنة بك .
-مم لا تعتقد اننا سنبذل قصارى جهدنا من اجلك بحجة سعادتنا بحضورك .. كمان
اننا نعرف من خطاباتك انك اتعدت علي الحياة في الفنادق الضخمة .

-اتفق معك في الرأى يا أمي .
نظر هيرمان الي والده نظره لئيمة و لأول مرة شعرت بالعطف نحوه ،ثم قال :
-اعتقد انك ستوافقيني في الرأى ؟
-ربما تكون في حاجة الي ذلك يا طفلي كما يبدو انك متعب للغاية .
-فروق التوقيت يا امي كما ان قصة الكتاب تسيطر علي تفكيري و تؤرقني ليلا ..
و صدوره يعد مشقة كبيرة بالنسبة لي الصحافة و النتلفزيون و اخيرا اكون في
حاجة الي حنان امي ... سأذهب الي المدينة لأحضر حوائجي فما رأيك ؟
و عند عودتي اتمني ان اجد وجباتك الشهية في انتظاري ..
ربت الب علي كتف ابنه و قال :
-كلا ابق هنا لتتحدث مع والدتك فانت في حاجة الي الحديث معها اما انا فلم
افعل شيئا طوال اليوم الا ببعض التمرينات في الحديقة لذلك سأذهب لأحضار
امتعتك ... و الآن اتصل بالفندق و اخبرهم بذلك .. فأمامي عشر دقائق فقط
للوصول الي هناك .
-اشكرك يا أبي و يمكنك اذن ان تستقل السيارة الموجودة في الممر لقد اجرتها
لتوي .. ان جميع تكاليف تنقلاتي علي حساب الناشر دائما و هكذا سأريحهم من
تكاليف الاقامة في الفندق .
ابتسم هيرمان بينما حاول الاب التقاط مفاتيح السيارة التي قذفها نحوه ابنه ليكتشف طراز السيارة ن ليقول :
-كنت احلم دائما بقيادة سيارة سريعة مثلها ...
-يمكنني ان اشتري لك واحدة اذا اردت .
تهجم وجه نيكولا حقا يشعر الأب بنجاح ابنه مما يملؤه بالفخر و لكنه لا يؤثر فيه كثيرا .
-لقد قلت احلم بقيادته يا هيرمان و ليس امتلاكها ان وحشا مثلها يسبب ازعاجا دائما .. الي اللقاء يا هانا .
ثم اغلق الباب وراءه و عندما لاحظ هيرمان ارتباك الام قال لها :
-لاتنزعجي يا أمي ، فانت تعرفين انه حذر جدا علي الطريق .
-انه لا يزال مراهقا عندما تعرفت عليهلول مرة كان مغامرا خطيرا .
-وها أنت ذي قمت بإنجاز رهيب في تغيره .
ثم ابتسم لـ هيلين محاولا جذب انتباهها لمشاركتهما الحديث و لكنها كانت لا تزال تشعر باضطراب بدون سبب واضح .
قالت هانا :
-وفي انتظار والدك يمكنك تناول اي شيء يا هيرمان .. و سأذهب لإعداد العشاء .
فأسرعت هيلين بقولها :
-سأتولي انا ذلك بينما تبقين انت مع ابنك لتتحدثي معه .
همس هيرمان :
-في ثوب الزفاف ؟
ثم نظر اليها ليؤكد لها انه فهم انها تحاول الهروب من صحبته فقط .
فقالت هانا :
-هذا صحيح ، اذهبي لتغير ملابسك الآن يا هيلين ثم يمكنك بعد ذلك البقاء مع
هيرمان لتتعرفا علي بعضكما ، اما انا فأمامي وقت طويل لتحدث معه طالما نوي
الاقامة هنا ، بالمناسة يا هيرمان ، ان التلفيون في البهو الآن و ليس في
المطبخ، لقد غيرنا مكانه العام الماضي بعد ان اصبح والدك علي المعاش و اصبح
يزعجني بكثرة اتصالاته ..
كانت هانا تخرج من الحجرة و هي تواصل حديثها بينما كانت هيلين تتجه نحو
الباب محدثة حفيفا بثةبها الحريري و لكن هيرمان اسرع نحوها كانه قرر الأ
يتركها تبرح الغرفة .
ثم قال بتهكم :
-والآن ... يا آنسة سميث ؟
-اتسمح لي هيرمان ؟ اريد تغير هذا الثوب .
وعندئذ كان هيرمان يركز نظراته علي فتحة ما موجودة في ثوب تظهر ساقيها .
ففكرت هيلين انه شخص كريه و لكن ربما ذلك يكون نتيجة للإرهاق الذي يشعر به
لفروق التةقيت و حاولت الفتاة ان تتماسك و توجه اليه ابتسامة مضطربة رغما
عنها و عندما اقترب منها لاحظت حدقتي عينيه تبدوان صغيرتي جدا بالنسبة
لقزحية العين ... ربما يكون ذلك لانه مدمن قد يكون من مدمني كوكايين او اي
شيء أخر .
رددت الفتاة بصوت اكثر ثباتا :
-معذرة اتسمح لي ؟

اذن انه الهروب مادامت هانا ليست موجودة لحمايتك و لكنك لن تذهبي بعيدا يا هيلين ..و لا بد ان نتحدث معا .
و اخيرا تنفست الفتاة صعداء عندما ابتعد عن طريقها فقالت لاهثة :
-بالتأكيد الي اللقاء .
ثم ابتعدت عنه و انطلقت مسرعة تصعد السلالم و بينما كانت في طريقها كانت
تشعر بنظراته مثبته علي ظهرها ولو طاوعت نفسها لكانت رفعت الثوب و جرت علي
السلالم بسرعة شديدة .
و اخيرا ها هي ذي في حجرة الاصدقاء .. وقفت هيلين اما المرآة المثبته علي
الحائط و قلبها يكاد يتوقف .. هل هي غبية لدرجة انها ترتبك الي هذا الحد !
انها ليست المرة الولي التي تواجه فيها مثل هذا الموقف و لكن المر يختلف
تماما امام هذه الطريقة اللعوب التي يتبعها هيرمان معها .
نزعت الفتاة الـ كيمونو و بدات تنزع بعناية الثوب المثبت بالدبابيس و ذهبت
بملابسها الداخلية لتعلق الثوب علي الشماعة و عندما عادت نحو الفراش لترتدي
ثوبها و جدت هيرمان في الحجرة و كان يقف مستندا علي الباب بعد ان اغلقه
معقود الذراعين ككا يبرز عرض كتفيه فقالت هيلين بضيق :
-اين تظن نفسك انها ليست حجرتك !
ثم امسكت بالثو بسرعة ووصعته علي جسدها .
قال هيرمان ببرود :
-اعرف ، ان حجرتي عند البهو .
-حسنا ماذا تفعل هنا اذن ؟
لم يكن ثوبها مفتوحا من الامام لذا كان عليها ن ترتديه من عند الرأس و
بالتأكيد لورفعت يديها لأمكنه عندئذ رؤية جسدها بوضوح ،و عندما تفحص هيرمان
الثوب فهم علي الفمر المشكلة التي تعترضها ثم سألها :
-الم تنتظريني ؟
-ما الذي تريد قوله بالضبط ؟
-ألم نتفق علي ان نتحدث معا ؟
-و لكنني ارتدي ملابس االآن .
رفع هيرمان كتفيه قائلا :
- لاتشغلي بالك بوجودي .
اجابت الفتاة بغضب شديد :
-آه ولكنني لا افعل الا ذلك الآن .
و الحق ان مجرد النظر اليه كان يوترها : مزيج غريب من الغربة و الضيق ان
جريج لا ينظر اليها بهذه الطريقة ابدا ، و عيناه تشعان بالهدوء و الرقة و
الحب دائما .
فكرت الفتاة في ان تؤكد له تجاوزه للحدود كما انها تشعر بالخجل الشديد امام هذه النظرة فقالت لاهثة :
-كيف تجرؤ علي البقاء هنا ...
-هذا يكفي يا هيلين !
استند هيرمان علي الباب و رفع كفتيه بنفاذ صبر فبدا علي الرغم من هيئته
العريضة نحيفا جدا كما ان قامته كانت متوسطة الطول ومع ذلك تبدو عليه القوة
و الثقة بالنفس مما يجعله مهيبا .
- اننا وحدنا الان فر داعي لذلك اذن ...
- انا لا اعرف عن اي شيء تتحدث !
بدا الضيق في عيني هيرمان .
- انا افهم جيدا ان هذا المر يشعرك بالضيق امام عائلتي ، و لكن لماذا تصرين علي اداء نفس اللعبة معي الآن ؟ هل تخافين ان اخبر جريج ؟
- ما الذي يمكنك ان تخبره به ؟
نظرت اليه الفتاة بريبة مقطبة الجبين و قالت :
- انت تحت تأثير مخدر ما ؟
- انا لا اتناول حتي الأسبرين .
- ربما تكون قد افرطت في تناول الكحوليات في الطائرة ؟
- انا اشرب قليلا و الحق انني كنت مثاليا في هذه الاعوام الاخيرة .
- ماذا ؟ ان والدتك نفسها لن تصدق ذلك !
- الهذا السبب ترفضين التحدث الي ؟ انت تحقدين علي لنك تعتقدين انني نسيتك ؟
و لكن انا الذي يجب ان احقد عليك فلم يكن باستطاعتي العثور عليكي اما انت
فكان يمكنك ذلك لأنني –كما تقولين – من المشاهير ... لماذا لم تحاولي ذلك ؟
... الا اذا كانت خطبتك لشقيقي وسيلة للوصول الي ؟

صاحت هيلين في ضيق :
- لقد وافقت علي الزواج من اخيك لسبب واحد هو انني احبه ككما انني لا اعرف
عن اي شيء تتحدث ! هل يمكنك الآن التفضل بتركي وحدي : اريد ارتداء ملابسي !

- انت تعرفين ان ذلك مستحيل ... ليس قبل انو نوضح كل شيء .
- ما الذي تريد توضيحه ؟
- نحن ... قصتنا
- نحن ؟ لا يوجد نحن . لقد تعارفنا من ساعة واحدة .
و فجاة تجاهلت هلين وجوده تماما و بدأت ترتدي ثوبها و بعد ذلك تنفست بعمق و جاهدت لان تتحدث بصوت هادئ :
- سمع يا هيرمان يبدو ان هذه الرحلة ارهقتك كثيرا .. لو تذهب لتستريح قليلا ...
- ارجوك الا تتحدثي معي بهذه الطريقة المتعجرفة يا هيلين .
- انا لا اتحدث بعجرفة .. و لكنك مضطرب ..
- هكذا كان تأثيرك علي دائما .
- تقول ذلك ثانية ! كف عن الحديث معي كأننا تقابلنا من قبل ! فانا لم اراك قبل الآن ... الا علي غلاف كتبك ..
نظر اليها هيرمان بقسوة و تهديد ثم قال :
- هل تنوين الاستمرار في هذه اللعبة طويلا ؟
- و لكنني لا ألعب يا هيرمان ! حقا لا افهم عن اي شيء تلمح !
- هل لك اكثر من عشيق حتي تنسي اول رج اخذك بين ذراعيه ؟
انفجرت هيلين في الضحك بينما كانت في داخلها تحتقر نفسها و تحتقره
- كنت اعتقد ان المراة لا تنسي ابدا اول عشيق لها .
اكتسحت ملامح هيلين بالغضب و صرخت قائلة :
-يبدو انك تهذي تحت تأثير المخدر ! او انك مجنون ! فنحن لم نتقابل ابدا من قبل ، و لم نكن ابدا ...
- تذكري يا هيلين .. "هونج كونج " منذ خمسة اعوام كان شعرك يميل الي اللون الأشقر و لكن ذلك كان متنافرا مع لون بشرتك الطبيعي .
صاحت الفتاة :
- تأكد انني لم افكر في تغيير لون شعري طوالي حياتي !
و هكذا كنت دائما سمراء ! كما اني لم اذهب ابدا الي هونج كونج ! و يمكنني
ان اثبت لك ذلك فلدي جواز سفر عمره حوالي ست سنوات ن هل تريد ان تراه ؟
جمد هيرمان في مكانه و ظل مسلطا نظراته علي الفتاة كأنه يريد ان يتأكد ما اذا كانت حقا صادقة ام كاذبة .
و فجاة تغير تعبير وجهه تماما و بدا مذهولا و نفس الشيء بالنسبة لـ هيلين
التي كادت تفقد وعيها لشدة غضبها و الحق انه لك يكن يسخر منها و لكنه يعتقد
انه رآها من قبل .
و اخيرا سألها بهدوء :
- اذن اين كنت منذ خمس سنوات ؟
استراحت هيلين بعض الشيء و اخذت تفكر قليلا ثم قالت :
- كنت في انجلترا ... نعم كنت هناك لقد وصلت الي انجلترا في بداية شهر
اكتوبر (تشرين الآول ) و بقيت هناك مدة شهرين ثم توجهت الي الولايات
المتحدة حيث تقيم شقيقتي مع زوجها و اقمت هنناك لمدة عاك كامل قبل ان اعود
ثانية الي نيزويلندة .
- كم كان عمرك انذاك ؟
- 24 عاما .
همس هيرمان :
- 29 عاما .
و فجاة ابتعد عن الباب نحوها و لكن هيلين لم تشعر بأي خوف تجاهه .
- هل هذا حقيقي ؟ متأكدة ؟
- بدون شك ... و اكرر لك انني علي استعد لأن استعداد لن اريك جواز سفري و
الاختام موجودة عليه كدليل علي صدق كلامي اسمعني انا لا اعرف من هذه الـ
سميث و لكنها ليست انا بالتأكيد .
وضع هيرمان يديه في جيبي سترته و توقف امامها و قال :
- انا لا اعرف .. لنقل اسمها مثلا .
ثم اخذ يتامل ملامح وجهها كأنه يقارن بينها و بين الصورة المحفورة في ذاكرته .

- لقد اخبرتني انها تسمي سميث و لكنني كنت اعتقد ان ذلك مجرد مزاح ...
- ربما لا فهناك عدد كبير جدا من الناس يحمل لقب سمث .
نظقت هيلين بهذه الجملة الاخيرة و هي تحاول بكل جهدها السيطرة علي نفسها حتي لا تفقد توازنها امام حدة نظراته .
- انت تشبيهنها كثيرا ... ربما يكون لديك اخت توأم ؟
هزت الفتاة رأسها بالنفي، فقال هيرمان :
- شبيهة لك ؟ يا الهي كنت متأكدا ان ...
بدا تائها وسط افكاره و كأنه يتحدث الي نفسه .
قالت هيلين :
- هل ... كان بها شيئ مميز ؟
و الحق انها كانت تشعر بالفضول لمعرفة هذه الفتاة التي اتثرت في مثل هذا الرجل كل هذا التأثير .
- نعم .. شيء مميز جدا .. لقد ادركت ذلك لتوي .
- هل كنت تحبها ؟
فجاة بدا لها هذا السؤال غير معقول .
- كلا بالتأكيد لا يمكن ان تكون قد احببتها فأنت لا تعرف حتي اسمها .
- لم يكن ليدنا الوقت لنتعارف .
فهمت الفتاة مغزى كلامه فشعرت بالارتباك و تمتمت :
- حسب فهمي كنت انت و هي ...
- مجرد مغامرة عابرة ... ليلة .
فوجئت الفتاة بالأجابة ثم قال هيرمان :
- و يا لها من ليلة !
- و هل تظن انني من طراز هؤلاء الفتيات ... من النوع الذي يغامر بقضاء ليلة مع رجل لا اعرفه ؟
اكتسي وجه الفتاة بالضيق و اضافت :
- كيف تجرؤ علي ان تراني مثل الغانية ؟
- لم اكن اقصد ذلك ! كما و انني لو ارد اقول اي شيء يخصك و لكن الآنسة سميث
لم تكن ابدا غانية فقد كانت عذراء و كانت في غاية الخجل هي الاخرى و اعتقد
انها لن تفقد حياءها ابدا مهما اقتربت منها ...
قاطعته هيلين :
- لا داعي لذكر التفاصيل فهذا شيء لا يعنيني .
كان هيرمان قد نسي تماما الي من يتحدث و الحق انه بمجرد ان ينظر اليها كانت تشتغل رغباتها
- هيرمان ارجوك .
- ماذا ؟
كان لا يزال ينظر اليها بنفس الطريقة .
- معذره يا هيلين .. و لكنك قرينتها و اخشي ان اسبب لك ازعاجا دائما بسبب ذلك ..
سألته الفتاة بعصبية :
- ماذا كنت تفعل لو كنت انا هي .. اقصد الآنتسة سميث ؟
- و لماذا هذا الؤال ؟
شعرت الفتاة بالشك في عينيه و لاحظت انه لم يقتنع تماما بانه لم يتقابل معها من قبل ، فتمتمت قائلة بينما كان ينظر اليها هامسا :
- لأن ... جريج ...
- أه فهمت اذن لقد حكي لك جريج ما حدث بيني و بينه ؟
- بالتاكيد فنحن لا نخفي شيئا عن بعضنا .
رفع هيرمان حاجبيه متشككا .
- و هل انت متأكدة انك لم تخفي عنه شيئا ؟ اذن حسب ما فهمت انت تعتقدين
انني افكر في ازعاجكما فأحاول الثأر منع باءدعاء هذا اللقاء بيننا للمرة
الثانية يا هيلين . هل انت هي ؟
- كلا !
فجاة ظهر صوت هانا علي السلالم و كانت تنادي :
- هيرمان !
زال التوتر عنه و ابتسم قائلا :

- للأمهات دائما طريقة معينة في نداء ابنائهن الا ترين ذلك ؟ و مهما كان ما يردنه من ابنائهن فنحن نتساءل دائما ما السبب في طلبنا !
قالت هيلين :
- و لكنها طريقة تبعث في انفسنا الطمأنينة مهما تقدم العمر بنا فأنا افتقد
والدتي دائما و ظللت حتي اخر لحظة في عمرها ابنتها الصغيرة في حين انني كنت
في الثامنة عشرة من عمري و كنت اعيش بعيدا عنها انذاك .
ابتسمت الفتاة بدفء و اضافت :
- والآن تحل هانا محل أمي ... فعندما تناديني اتذكر والدتي علي الفور .
- يبدو انها تحبك كثيرا فلم تتوان عن المدح فيك في رسالتها الي عندما بعثت
الي بصورتك و الآن اعذريني علي نا سببته لك من ازعاج يا هيلين ، كما انه
افضل للجميع ان اكون مخطئا في ظنوني .
ثم انحني نحوها ووضع شفتيه علي خدها فشعرت الفتاة بالقشعريرة تسري في جسدها
ثم ابتعد عنها مترددا و قطب جبينه بينما كان ينظر الي شفتيها ففهمت الفتاة
علي الفور فيم يفكر ..
تري هل كان لشفتيها نفس المذاق الرائع لشفتي الفتاة التي تشبهها .
صاحت هيلين :
- هيرمان ، كلا .
فنظر اليها و قال لها :
- فنظر اليها و قال لها :
- اعتقد اننا نفهم بعضنا بسهولة جدا ..
ثم اضاف ببطء :
- فانا لم انطق بكلمة واحدة ... و مع .. ذلك ..
علا صوت هانا ثانية :
- هيرمان لقد اعددت لك الطعام !
تماسكت هيلين و قالت بصوت ضعيف :
- من الافضل ان تذهب .. ان هانا تتحرق شوقا للحديث معك كما انني سألحق بكما في الحال بعد ان اقوم ببعض الاعمال .
جاهد هيرمان في تهدئة نفسه ثم قال :
- اتفقنا .. لن تفوتنا الفرصة لنتعارف مادمت سأبقي هنا عدة اسابيع اخري ..
ثم ابتسم لها ابتسامة جعلتها ترتجف .. ان ذلك حقا ما تخاف منه !
قطبت الفتاة جبينها فرفع هيرمان يديه نحو السماء و قال و هو يرجع ال الوراء :
- سأتركك ! الي اللقاء !
- و كانت ابتسامته مشوبة بسخرية واضحة .
- فانا لا اريد لأمي ان تصعد الي هنا فتجدني في حجرتاك فتظن بك السوء ! .
- لا يمكن لأي شخص ان يظن بي السوء كما انني لا اسمح بذلك !
همس قائلا و هو يبتسم :
- سأتذكر ذلك .
ربما يكون ذلك وعدا مكنه ! .
بعد ان غادر هيرمان الحجرة اخذت هيلين تقطع المكان جيئة ذهابا يعصبية شديدة
و شعرت انها متورطة في شيء ما بطريقة غير واضحة تري ما الذي يملكه هيرمان
ليوصلها الي حد الشك في نفسها
يتبع بإذن الله

</blockquote>
 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
معلومات العضو
لالة بتينة

لالة بتينة

Admin

Admin
معلومات إضافية
كيف تعرفت علينا : غيره
الجنس : ounta
المهن : jami3i
الهواية : rkoub elkhayl
المزاج : ray9
الدولة : france
عدد المساهمات : 4981
تاريخ التسجيل : 14/05/2012
معلومات الاتصال
http://www.lalaboutayna.com/
مُساهمةموضوع: رد: رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي    رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي  I_icon_minitimeالسبت فبراير 16, 2013 8:20 am

الفصل الثآآني

كان الجو متوترا اثناء تانول العشاء والحق ان هانا و نيكولا كانا سعيدين
جدا بعودة ابنهما و لكن ما ان راح اثر المفاجاة حتي لاحظت هانا ان علاقتهم
ببعضهم يشوبها بعض التحفظ و في البداية لم تستطيع تعليل ذلك و لكنها ادركت
بعد قليل انهم يتحاشون التحدث عن الابن الاصغر خاصة ان خطيبته تشاركهم
الجلسة و لم يذكره احد الا عندما اخبرا هيرمان ان جريج يقيم حاليا في سيدني
و لن يعود قبل يومين تري هل ستتسبب زيارة هيرمان المفاجئة في توتر عائلي
الآن ؟
و لم يفكر هيرمان في طمانتهم كما انه لم يذكر عن كتابه الجديد الا القليل فقال :
- انها مجرد فكرة غير مؤكدة و لا اعرف حتي الآن ما اذا كنت سأفعل فيه شيئا
ام لا الحقيقة اني حضرت الي هنا خصيصا بحثا عن العزلة و كان زواج هيلين و
جريج حجة لي .
ثم ركز نظراته علي هيلين التي اخفضت نظرها و نظرت الي الطبق الموجود امامها و أضاف :
- انني في حاجة الي بعض الهدوء ...
ثم سألته والدته بقلق :
- الا تعاني اي شيء ؟ الست مريضا ؟
- كلا ، كوني مطمئنة يا امي .. و كما قلت لك كل ما احتاج اليه هو القليل من الراحة .
تقبل نيكولا و هانا حديث ابنهما بنظرة شك و الحق ان هانا لم تقتنع بما قاله
و كان هيرمان علي الرغم من ارهاق السفر يتألق حيوية و من الواضح انه ليس
من طراز الرجال الذين يفضلون البطالة ولو كانت مؤقته .
ظلت هيين تراقبه طوال الوقت خلسة محاولة تذكر كل ما قيل عنه من قبل ، ففي
السادسة و الثلاثين من عمره وصل هيرمان نايت الي قمة مجده و لكن النقاد لم
يستطيعو ايدا ان يؤكدوا ما اذا كان ينوي الاستمرار في مجال كتابة القصة أم
لا .
و قبل ذلك بعشر سنوات كان هيرمان من افضل الصحفيين في نيوزلنده و بعد فشله
في تجربة زواجه رحل تاركا بلاده ليعمل كمراسل صحفي لجريدة استرالية ثم حدث
ان تم اختطاف الطائرة التي كان يسافر علي متنها مما أثار ضجة عالمية و بعد
عدة اعوام من هذه الحادثة اصبح لتوقيع هيرمان نايت علي بعض مقالاته الصحفية
شهرة تخترق الآفاق .
لم تكن اي حادثة تقع او اي معركة تدور الا و يزج هيرمان بنفسه في خضم
احداثها و خلال فترة التي يكرسها لكتابة هذه المقالات الشهيرة بدأ يكتب
ايضا سلسلة من القصص التي لاقت رواجا لا مثيل له و الحق ان قصصه كانت حافلة
بمشاهد العنف و اليأس مما كان يؤثر في هيلين كثيرا .
و بعد ان أفل نجم هيرمان لفترة ما و جرت الشائعات التي تؤكد قيامه بتحقيق
ما حول عملية سرية و خطيرة و مع ذلك رجع من جديد بخفي حنين فاعتبره البعض
انتهي ككاتب و صحفي و يبدو و انه كان غير سعيد بمهنته كمراسل صحفي خارج
البلاد و اكتفي بعد ذلك بإنفاق الثروة التي جمعها خلال هذه الفترة و كان
يرفض تماما الاجابة عن الاسئلة التي وجهت اليه بصدد الاشهر الستة الاخيرة
التي قضاها بعيدا .
و بعد عدة اسابيع بدأ اسم مؤلف جديد يدعي ستيفان ايرانت يجوب الافاق و من
المدهش ان قصته التي ظهر بها نالت اعجاب الجميع و لاقت رواجا فائقا و كانت
قصة عاطفية تدور حول رجل انتقل فجأة من حياة بائسة الي مستقبل مشرق و حر ،
فأعجب الجميع بحبكة الرواية و اسلوبها الابطال الذي جذب انتباه الآف القراء
و كانت قصة ملاك في الظلمات هكذا كان عنوانها تدور في جو غريب يتأرجح بين
الحقيقة و الخيال و بعد قراءة القصة كان القارئ يعجز عن التأكيد ما اذا
كانت البطلة هذه ثمرة خيال البطل ام انها حقيقة و اقعة .
و بعد فترة عرف الجميع حقيقة شخصية المؤلف و كان :
هيرمان نايت فقوبل بترحاب عظيم و علقت الجرائد علي هذه القصة بل ووصل بعضها ان اعتبرت نايت ما هو الا بطل القصة الحقيقي .
ثم ظهرت قصة ثانية تحت اسمه الحقيقي بعد عام واحد فوضعت حدا لهذه الشائعات
حيث كانت تختلف تماما عن قصة ملاك في الظلمات و لكنها احدثت دويا عظيما في
عالم الادبي ايضا .
و نالت هاتان القصتان جوائز عديدة و بعد عام اخر ظهرت له قصة ثالثة حققت الرقم القياسي في المبيعات .
شعرت هيلين بالاستغراب كثيرا عندما وجدت نفسها جالسة امام الرجل الذي اشتهر
بأنه عملاق الأدب فعلي الرغم من الحياة التي كان يعيشها الا انها لم تلاحظ
عليه اي شيء غير مألوف و كان قميصه الابيض يعكس لون بشرته و ذبولها و كانت
حركاته غاية في المرونة و الحق انه كان رائعا في كل شيء .
ثم وجدت هيلين نفسها معجبة جدا بمظهره القوي البرونزي الذي يظهر من خلال
فتحة قميصه و فجاة لاحظت انه يلاحظ نظراتها نحوه فلم تستطيع تحويل نظراتها
عنه و خاصة وان الريق الغريب الذي كان يشع من عينيه كان يجعلها ترتجف بشدة .
- الست جائعة ؟
فوجئت هيلين بصوت هيرمان الدافيء و المسترسل .
و لاحظت انها ابعدت الطعام الموجود امامها بدون ان تعي ذلك .
- ليس بالضبط .
-ان الوقت يبدو لك طويلا بدون جريج ...
هل كان يسخر منها ؟ لقد تركت له هيلين فرصة الريبة في تصرفاتها ، فأجابت بلطف :
- لست من النوع الذي يشعر بالملل .
- عين الحكمة ! عدم التفكير في المصير و الاستفادة من الحياة هذا صحيح !

رفع هيرمان حاجبيه ساخرا و لاحظت هيلين انه فهم انها تقصده بحديثها هذا .
قاطعتها هانا قائلة :
- يبدو ان طعامي دسم جدا بالنسبة لـ هيلين فهي ترفض تناول المواد الدهنية ..
فاعترضت هيلين بصدق :
- انت طباخة ماهرة با هانا ان طعم الدجاج رائع ! و لكنني لا اتناول ابدا كمية كبيرة من الطعام .
قال هيرمان و هو يشير الي الكوب الفارغ امام هيلين :
- و لكنك لن ترفضي قليلا من العصير علي ما اعتقد !
اجابت هيلين :
- انا لا ارفض شيئا كما انني اعتقد انني معتدلة في كل شيء .
- الاعتدال في كل شيء ، اليس كذلك ؟ اذن لقد وجد جريج نموذجا للفضيلة فيك ! .
- الحقيقة انا التي وجدت جريج في الوقت الذي كنت اطمح فيه لشيء اقل من ذلك !
كانت هيلين تقول الحقيقة فقد كانت تفكر في عدة مشاريع انذاك و اكن الزواج
احدها و لكنها تعرف ايضا ايضا ان الانسان قد يشعر بالندم علي اشياء لم
يفعلها لذلك لم تترد لحظة واحدة عند\ما وقعت في حب جريج ولا داعي اذن لأن
تدعي انها لم تكن تنوي الزواج بسرعة .
تدخلت هانا قائلة :
- هيرمان هل اخبرتك في رسالتي ان هيلين تصمم البلوفرات ؟ وقد كانت مجموعتها
الاخيرة تحتل المكانة الاولي لأزياء مجلة فوج في الطبعة الاسترالية انها
تصمم فعلا بلوفرات رائعة ! كما نجحت في تصميم بلوفر رائع يحمل رسومات بعض
الاشجار و الفواكه لوالدك و انت تعرف والدك في البداية رفض ارتداءه ثم بدأ
يبحث عنه بعد ذلك ليرتديه اليس كذلك يا نيك ؟
فقال نيكولا :
- لقد فعلت ذلك لسبب ملموس و هو انك قمت بتبرع بكل ملابسي الصوفية .
فابتسمت هيلين بخبث لـ نيكولا فقد اهدته هانا هذا البلوفر في عيد ميلاده و
هي تجهل تماما ان هيلين اتفقت معه مسبقا علي الموديل فقد خشيت هيلين ان
تنفذ البوفر بدون الاستعانة برأي نيك حتي لا يرفضه و الحق انه كان مولعا
بالأزهار لذلك سعد كثيرا بالفكرة هيلين كما انه ابدي استيائه في البداية
لهذا العمل حتي لا يضيع علي هانا سعادتها بالمفاجاة التي اعدتها من اجله .
ففهم هيرمان مغزي النظرات التي تبادلتها هيلين مع والده و قال :
- ربما احتج انا ايضا الي بلوفر جديد .
فاقترحت هانا :
- لماذا لا تطلب من هيلين تصمم لك واحدا اثناء اقامتك هنا ؟ ما رأيك يا
هيلين ؟ انها دعاية رائعة لك عندما يرتدي هيرمان نايت بلوفر من تصميمك !
اجابت هيلين :
- ان وقتي مزدحم بأعمال كثيرة .
قال هيرمان كأنه يرجوها لقبول العرض :
- ان الشتاء في نيويورك غاية في الربودة .
- هل تقضي الشتاء في نيويورك ؟ كنت اعتقد انك تقضيه دائما مع .. اقصد في البلاد الحارة .
- كاتنك تحاوين دائما معرفة اشياء كثيرة عني فانت ملمة بمعلومات كثيرة !
صاحت هانا :
- كف عن مضايقة هيلين ... ان حياتك الخاصة لا تخفي علي احد .
اشار هيرمان نحو رأسه قائلا :
- كلا ! ان تفاصيل حياتي الخاصة هنا و ما هو معروف عني يخص حياتي العامة مادام ذلك يرفع عدد مبيعات قصصي ...
رفع هيرمان كتفيه ثم استدار نحو هيليت التي بدأت تشعر ببعض الهدوء و قال :
- اقسم ان حياتي خالية من اي مساوئ و افعال خارجة كما يقال يا هيلين ... و
الآن هل توافقين علي حمايتي من عناء البرد القارس خلال الشتاء القادم ؟
جاهدت الفتاة لكي تبتسم و هي تقول :
- ما الشكل الذي تفضله بالضبط ؟
- ما رأيك في هالة ؟ نعم ... هالة وسط خلفية سوداء ... فكرة تلائم الظروف
اليس كذلك ؟ كما لو كنت ابحث عن .. الملاك الذي يتنمي الي هذه الهالة حجة
رائعة لاحتضن بها الفتيات .
نظرت اليه هيلين في غضب فانفجر هيرمان في الضحك .
- لنحاول اذن ، عديني بذلك فقط ! و اذا لم تعجب السيدات بهذه الهالة فسأبعدهن عنها فورا !

- و لكني احذرك ان اسعاري باهضة جدا .
قال هيرمان بصوت هادئ :
- لا اهمية للمال نهائيا .
تدخل نيكولا قائلا :
- ليس بالنسبة لهيلين فهي تدخر اموالها من اجل تمويل رحلاتها ..انها متعة
حقيقة يا هيلين ، اليس كذلك ؟ لقد سافرت كثيرا ... اروبا .. اسيا ..
فقال هيرمان موجها حديثه لاسرته كأنه يحاول ضبطها متلبسة بالكذب :
- هونج كونج ؟
فاجابت هيلين بصوت حاد مما ادهش هانا :
- كلا لم اذهب الي هونج كونج .
و هنا قالت هانا :
- ليس بعد و لكن من المؤكد انك ستذهبين هناك لزيارة شقيقتك .
- شقيقتك ؟
قفز هيرمان من مكانه و اضاف :
- لقد اخبرتني ان شقيقتك تقيم في الولايات المتحدة .. ربما كان لك شقيقة اخري ..
- كلا ان سوزان شقيقتي الوحيدة و زوجها يعمل في شركة د\ولية للمنتجات الكميائية و لذلك ينتقلان كثيرا و الآن هما في هونج كونج .
- هل هي هناك لأول مرة في حياتها ؟
اجابت هيلين بجفاء :
- نعم ..
فهي تعرف جيدا ما الذي يردي الوصول اليه ..
قالت هانا و هي تنهض لتنظيف المكان :
- فيما عدا الفترة القصيرة التي قضتها هناك عندما كانت مريضة .
ساد صمت رهيب بعد حديث هانا البريء و هنا جاهدت هيلين لتقول :
- اه نعم ... هذا حقيقي !
و الحق ان هيلين نسيت فعلا هذه الفترة و لكن هيرمان لن يصدق ذلك بالتأكيد .
همس هيرمان قائلا :
- مريضة في هونج كونج ؟ لابد ان ذلك كلفها كثيرا .
- لقد تكفلت الشركة بكل مصارف العلاج لقد رحل جاك و سوزان الي المانيا و
منها الي الولايات المتحدة ثم سنغافورة و اخيرا هونج كونج و هناك اصيبت سو
يالتهاب في الاذن و لم تستطيع بالتاكيد استقلال اي طائرة فاضطرت للبقاء
هناك ثلاثة اسابيع .
سأل هيرمان بتحفظ :
- متي كان ذلك ؟
رفعت هيلين كتفيها ..
- منذ عدة اعوام ..
فأكدت هانا :
- و لكنك قلت لي ان ذلك حدث عندما كنت في انجلترا .. اي منذ حوالي خمس سنوات ..
قال هيرمان بنفاذ صبر :
- كم عمر اختك ؟ و هل هي تشبهك ؟
اجابت هيلين :
- ليس بلضبط و لكنها اكبر مني بأربع سنوت و منذ خمس سنوات كانت حاملا في طفلها الاول !
هكذا وضعت هيلين نهاية لشكوكه .
- كانت في اي شهر من الحمل ؟
هل تكذب عليه ؟ و لكنها اجابت رغما عنها :
- لا اعرف .. و لكنني اعتقد انها كانت في بداية الحمل .
رفع هيرمان حاجبيه و هو ينظر اليها بحنق و كانت هانا تاخذ الطبق الموجود امام هيلين و تقول لها :
- لقد اعددت الحلو خصيصا لك يا هيلين .. طبق سطلة فواكه الطازجة لا تتحركي من مكانك .. سأدبر اموري بنفسي ...
سأل نيكولا عندما ذهبت زوجته الي المطبخ :
- لم كل الاهتمام بامر سوزان ؟

- لأنها لو كانت تشبه هيلين ، فربما اكون قد تقابلت معها في هونج كونج منذ خمسة اعوام .
اكتست ملامح الفتاة بالغضب ... و لكنه لن يحكي اي شيء بشأن هذه القصة !
و أكد هيرمان :
- عندما رأيت هيلين ظننت انني اعرفها و خيل الي لنني رأيتها هناك و لكنها اخبرتني انني مخطيء .
قال والده بفضول :
- آه .. و اين تقابلت معها ؟
- خلال امسية ..
اكدت هيلين بصوت هاديء :
- لم تكن شقيقتي .
رفع هيرمان كتفيه قائلا :
- اتعتقدين ذلك ؟
- انا متأكدة من ذلك فشقيقتي تعشق زوجها و كانت سعيدة جدا بأمر حملها و لا اعتقد انها كانت ستقضي ليلة واحدة بعيدة عنه ..
قال هيرمان في ضحكة سيئة جدا :
- قد نعتقد اننا نعرف هؤلاء القربين منا ، و لكنهم يكونون اول ما يخدعنا .
- هيرمان !
- عندك حق يا أبي لا داعي لتذكر القديم .
ثم استدار نحو هيلين بطريقة مرعبة و قال :
- اذن تعشقين السفر فهل ذهبت الي اليونان خلال فترة اقامتك في اوروبا ؟
دار الحديث بعد ذلك حول المغامرات و الاحداث التي تقع للأشخاص في الغربة ثم
اتجه الجميع الي حجرة استقبال الضيوف لتناول الشاي و القهوة دار الحديث
حول برنامج هيرمان .. احاديثه الصحفية و مقابلاته خلال الاسبوعين القادمين
ثم تحدثو بشأن الإعداد لحفل الزفاف ثم سأل هيرمان عن الشخص الذي اختاره
جريج ليقوم بدور الوصيف خلال الحفل و هنا تبادلت الاسرة النظرات و الارتباك
واضح .
فتمتمت هانا قائلة :
- حسن ، فهو لم يتخذ قراره بعد ... و عندما علم بقدومك ... فكر في .. كان يتساءل ..
اخيرا قال نيكولا :
- كان يفكر هل ستقبل ذلك ؟
تمتم هيرمان بصوت اجش :
- ولم لا ... لقد قام بدور الوصيف لي بمهارة .
دهشت هيلين عندما سمعت هذا الحديث فلم يكن جريج قد تحدث معها بهذا الشأن لذلك التزمت الصمت ،
ثم تابع هيرمان حديثه :
- اعتقد انه طلب منك جس نبضي اولا .. هكذا هو دائما ... يحاول القاء المسؤولية علي عاتق الآخرين .
ثم نظر الي هيلين بحدة كأنه يتحداها أن تفكر في الدفاع عن خطبيها ، و لكنها
التزمت الصمت دائما .. فعندما يتطرق الموضوع لشؤون عائلية فإن تدخلها قد
يزيد الامور تعقيدا ... ومهما قالت هانا ، فهي لم تصبح بعد عضوا في العائلة
.
قالت هانا :
- لك يكن يعرف كيف ستقبل الأمر .
- لو كان يريد ان يعرف فيم افكر ، لكان يكفيه مجرد سؤالي بنفسه .
- ولكن ...
فقاطعها نيكولا :
- هيرمان محق في قوله يا هانا ن و لم يكن من حقنا ان نتحدث في هذا الشأن فالأمر يخصهما وحدهما .
نهضت هيلين لتساعد هانا في غسل الصحون و غابت في المطبخ اكثر من اللزم و
لأنها لم تجد الحجة المناسبة لعدم قضاء الامسية معهم ، فكرت في الاهتمام
بعملها في هذا الوقت و توجهت الي حجرة الاستقبال الضيوف حيث جلست علي
الكرسي الضخم المكسو بالقماش المملوء برسومات الازهار بينما جلس هيرمان مع
والته يتحدثان علي الاريكة في حين جلس نيكولا يدخن الغليون علي الكرسي
الهزاز .
و بعد قليل توجهت هانا الي المطبخ عندما دق جرس التلفون فأمسكت بالسماعة ثم قالت :
- مكالمة لك يا هيلين .. انه جريج من سيدني .

جرت هيلين لتمسك السماعة و هي تتنفس الصعداء تتحدث بسرعة سعيدة بشعورها بحب هذا الصوت الذي اعتادت سماعه فقالت بحماس :
- انني افتقدك كثييييييييييرا .
اجابها جريج ضاحكا :
- و انا ايضا .
ثم صمت قليلا للضوضاء التي علا صوتها علي الخط و اخيرا قال جريج :
- لقد اخبرتني امي ان هيرمان حضر الي المنزل .
- نعم كنت هنا عندما حضر لقد اتي مباشرة من نيويورك و كان من المؤكد انه متعب و لكنه لم يظهر ذلك .
- ان هيرمان كان يظهر حيوية دائمة .
كان جريج يتحدث بجفاء مما جعل هيلين تتساءل ما اذا كان ذلك اطراء ام نقدا
- هل قال شيئا عني ؟
- - كلا .. كلا ليس بالضبط .
هل تخبره بما قاله عن هونج كونج ؟ و لكنها قررت انه لا داعي لذكر ذلك في التلفون .
ثم اضافت :
- اغنا ... لقد سألته والدتك اذا كان يوافق علي ان يقوم بدور الوصيف لك ..
- حسن ... رائع ... لقد فكرت في ان ذلك سيمون حركة لطيفة ، اتفهمين .. و بماذا أجاب ؟
- بأنه كان يجب عليك اخباره ذلك بنفسك .
ساد صمت من جديد .
- حسن سنتحدث عن ذلك لدي عودتي ...سأعود غدا في المساء و ليس يوم الاثنين صباحا .. هل يمكننا ان نذهب لتناول العشاء معا في أي مكان ؟
- انا كلي لك !
- سنتحدث عن ذلك عندما اعود ، والآن الي اللقاء يا عزيزتي ... أحبك .
- انا ايا احبك يا جريج .
وضعت هيلين السماعة بينما كانت ترتسم علي شفتيها ابتسامة حالمة .
- هل تحبينه ؟
كان الصوت هامسا ومع ذلك قفزت هيلين من مكانها و نظرت حولها فوجدت هيرمان واقفا في ظل السلالم ...
فقالت بفخر :
- كثيرا .
- يا له من شخص سعيد جريد ! وهو هل يحبك كثيرا ؟
- بالتأكيد والا كا كنا اتفقنا علي الزواج !
- و لم هذه السرعة ؟ فقد علمت من والدتي انكما لم تتعارفا الا منذ شهرين اثنين .
- و لم الانتظار ؟ فلا انا ولا هو نري ضرورة لذلك !
تقدم هيرمان نحو النور و قال :
- هناك ألف سبب للزواج غير الحب ..
دهشت هيلين لهذه الملاحظة و قالت :
- حسن ... ما هي ؟
- قد تكونين حاملا !
- ليس هو الامر
- ربما تجذب ثروته انتباهك ..
- ان المال لا يمثل قيمة كبيرة كما قلت منذ قليل ، و جريج يملك مزايا عديدة
في نظري فهو جذاب ذكي .. كما انه ليس في حاجة الي ان يدعي انه تقابل مع
شخص ما قبل حتي ان يتعرف عليه ..
اكتفي هيرمان بابتسامة سريعة ثم قال :
- و من ناحية المظهر ؟
- ماذا تقصد بالمظهر ؟
- يبدو انكما متحمسان ، و قد يجذبكما المظهر و الناحية الجسدية لشيء اخر اعمق ان ذلك يحدث كثيرا .
- اشكرك علي كل حال و لكننا ناضجان بالدرجة التي تسمح لنا بتقدير مشاعرنا بدون مساعدة احد .
هيلين ...

و عندما دلفت الي حجرة استقبال الضيوف وضع هيرمان يده علي ذراعها و قال :
- انا اعتذر عما بدر مني .
ثم تركها نادما ووضع يده علي شعره كأنه يحاول تصفيفه .
- لا تحقدي علي كثيرا ... اتعرفين انه بعد فشلي في الزواج ، اصبحت متشككا
من وجود اي عقبة في طريقي ، فلأن يشعر الانسان بالحب يوما بعد يوم .. فذلك
لا يمثل لي ايه اهمية !
- فلا ترتكبي نفس الخطأ مثلي !
و الحق أن فشله في الزواج لم يكن السبب الوحيد في موقفه هذا ، اقتنعت هيلين
بحديثه و شعرت بأن غضبها يتلاشي شيئا فشيئا و عندما نظرت اليه في النور
لاحظت انه مرهق و مضطرب كما شعرت انه يعاني الوحدة و انها ترغب في مواساته و
لكنها و لكنها تخاف من ذلك .
بعد قليل ن توجهت الفتاة الي حجرتها و ارتدت قميصا من القطن المزهر كانت
هانا ق\د اعدته لابنة اختها ثم فتحت النوافذ الصغيرة للحجرة ذات سقف
المنحني ليتسلل منها الهواء الربيع المنعش لمدة دقائق قبل ان تخلد الي
النوم و ما ان قررت التوجه نحو فراشها حتي سمعت صوت طرقات خفيفة علي باب
الحجرة .
لابد انها هانا لتستفسر عن رأي هيلين في ابنها .. فكيف تخبرها بذلك بدون ان تسبب لها الضيق ؟
و لكن الطارق لم يكن هانا ن بل كان هيرمان الذي وقف مستندا علي الباب حتي كاد يقع عندما فتحت له هيلين .
القت الفتاة نظرة الي الخارج فلم تجد احدا و عندئذ تمتمت قائلة :
- ماذا تريد يا هيرمان ؟
- اريد ان اقول لك تصبحين علي خير !
كانت عيناه تشعان ببريق رقيق و كان هيرمان ينظر اولا الي وجهها ثم الي
كتفيها ثم الي جميع اجزاء جسدها و كان يرتدي برنسا من النسيج الابيض و قد
احكم غلق ازراره حتي النهاية .. ربما علي سبيل الحياء و لكنه كان يعكس لون
جسده البرونزي واضحا .
قالت هيين بجفاء :
- حسن ، تصبح علي خير !
و ما ان حاولت إغلاق الباب حتي وضع هيرمان يده علي المقبض ليحول دون غلقه فقالت هيلين :
- هيرمان ...
- هل كانت شقيقتك ذات شعر اشقر منذ خمس سنوات ؟
- كلا ! ألن تكف ابدا عن ذلك ؟ لماذا تتشبت برأيك الي هذا الحد ؟
- هل كانت عيناها خضراوين مثلك ؟
- ان عينيها تميلان الي اللون الرمادي اكثر من اللون الاخضر .لكن ...
- وهل كانت بها شامة غريبة الشكل اعلي فخذيها من الناحية اليسري .. اليس كذلك ؟
- كلا !
و بغضب شديد ابعدت هيلين يده بعنف عندما حاول ان يشير له اين توجد الشامة التي يتحدث عنها ثم قالت بصوت مختنق :
- - لم يكن لديها شامة في اي مكان من جسدها و الآن كف عن مضايقتي يا هيرمان و الا انادي من في المنزل ، تصبح علي خير !
و حاولت ان تركله في قصبة ساقه و لكنه ارتد الي اتلوراء متفاديا الضربة ، و
اخيراا اغلقت الباب في وجهه ثم اغلقت المزلاج ايضا و استندت بظهرها علي
الباب بينما قلبها يكاد يتوقف عن الحركة و عندما سمعت وقع خطواته يبتعد
جاهدت الفتاة لكي تبتعد قليلا و عندئذ لاحت لها صورتها عبر مرآة الحجرة
فشعرت بخوف شديد عندما لاحظت شحوبها و فجاة اصبحت ملامح وجهها اكثر قساوة و
لمعت عيناها و شعرت بأنها ترتجف و انها فقدت كل قوتها ثم بدات ترفع ببطء
قميص نومها وتجمدت في مكانها عندما لاحظت اعلي الفخدين لديها ... شامة علي
شكل هلال .

**************************

الفصل الثالث



- انت كثيرة السكوت !
- مم ؟
افاقت هيلين من احلامها و نظرت الي الرجل الذي يقود السيارة بجانبها .
- آه كنت افكر فقط ..
- في اي شيء ؟
ابتسم جريج و هو يثبت نظراته علي الطريق امامه و كان سعيدا حقا بسماع صوت رفيقته بجانبه و لكنها قالت :
- آه في اشياء ليس لها اهمية ، مثلا الي اي درجة أحبك .
اوقف جريج السيارة بعنف محاولا التظاهر بالدهشة لسماعه هذا الاعتراف و لكنهما انفجرا في الضحك فاستراحت هيلين قليلا .
و لكنها قررت الا تخبر جريج بتصرفات هيرمان و احتقاره لأن خوض مثل هذا
الحديث العقيم اصبح متأخرا جدا فمنذ عودة جريج من استراليا من حوالي ثلاثة
ايام و هناك جو من التفاهم و الهدوء بينه و بين اخيه و لا تريد هيلين تعكير
هذا الجو بلأضافة الي ان هيرمان يبدو كما لو كان قد نسي سوء التفاهم هذا
.. من اؤكد انها تلقت صدمة رهيبة عندما حدثها عن هذه الشامة و لكنها تماسكت
بسرعة و لم تكن ابدا تعتقد انها رفيقة غير منسية في حياة هيرمان نايت ..
انها مجرد صدفة ولو انها غريبة حقا .
قال جريج :
- أخشي ان تكوني قلقة بعض الشيء بشأن دعوة هيرمان هذا المساء
- و لم ذلك ؟ اتمني يا جريج الا تكون منزعجا لفكرة ان تطلب منن اخيك ان
يكون وصيفك ! اعتقد انك تحدثت اليه في ذلك في الليلة السابقة و ان كل شيء
اصبح علي ما يرام .
- لقد تحدثنا عن اشياء كثيرة و الحق انني كنت اريد ان اعرف هل مازال يحقد
علي بسب ما حدث بيننا فيما مضي و لكنه اخبرني انها حخكاية قديمة و كان مجرد
تفكيري فيها يمثل مشكلة كبيرة بالنسبة اليه لقد قال لي بالحرف الواحد يجب
ان تكتشف ذلك بعينيك ماذا يعني بذلك ؟ انا لا افهم !
- اعتقد ان الأمر اصبح ايجابيا ، اليس كذلك ؟ و ربما يريد ان يؤكد لك انه
لم يعد يحقد عليك .. و انه فعلا قادر علي نسيان هذه القصة و عدم الاهتمام
بها .. لماذا لا تفعل انت ايضا ؟
- لأنها لم تكن ابدا عديمة الاهمية !
فوجيء جريج بثورته هذه اكثر من مفاجأة هيلين نفسها و لكنه سرعان ما هدأ ثانية و ابتسم معتذرا ، فقال :
- اعتذر يا عزيزتي و لكن ذلك السبب الاضطراب الذي يسود حياتنا ! و لم اكن
ابدا اتخيل انه سينسي ذلك و لكن لو كان ذلك حقيقيا فلماذا لا يتحدث الي
بصراحة ؟ انه يعلم ان حديثه معي سيريحني كثيرا .. فأنا اشعر دائما
بالاضطراب في وجوده .. الم تلاحظي الطريقة التي ينظر بها الينا ؟ كم ذلك
مزعج !
- يقال ان المؤلفين اكثر الناس تأملا و ملاحظة و لابد انه هو الامر بالنسبة
له و ان كان يشوب ذلك بعض التشويه للمهنة .. و مهما كان لم يكن هيرمان
ليدعونا علي العشاء هذه الليلة لو كان مازال يحقد عليك كما انني اشعر انه
صريح جدا .
ولابد انه يفكر في جذب انتباه هذه الــ ... التي دعاها معنا .
اضافت هيلين هذه الجملة الاخيرة و هي تبتسم و كان هيرمان ينوي مقابلتهما
بصبحة صديقة قديمة تقابل معها صدفة اثناء الحديث الاذاعي قال جريج :
- لم يكن هناك داعي لأن يعذب نفسه هكذا ! ان سيان كانت دائما مغرمة به لقد
عملا في الصحافة معا ، و عندما تزوج لم تكف ابدا عن ملاحقته حتي أن اليس
ظنت في وقت ما انه علي علاقة بها ..
توقف جريج عن الحديث فجاة لقد قال الكثير ان اليس هذه هي زوجة اخيه السابقة
و لم يعد احد يستطيع ذكر اسمها في العائلة و لم يكن هناك صورة واحدة لها
في البوم الصور التي اعطته هانا لـ هيلين لتتفحصه .. تري اي نوع من السيدات
هذه المرأة لكي تنال اعجاب هيرمان لدرجة انه يتزوجها ؟
و ماذا كانت اسباب الانفصال ؟
قال جريج :
- ها نحن اولاء قد وصلنا !
اوقف جريج السيارة الـ جاجوار الزرقاء اللون علي الريصيف ثم اوقف المحرك و
فك حزام الامان ثم انحني نحو هيلين لكي يقبلها فاستجابت له بحرارة فجذبها
جريج نحوه بشدة .
و الحق انه عندما تقابل معها لأول مرة كاد الامر ينتهي بهما الي فراش جريج و
لكنها اخبرته انها عذراء فتراجع جريج و تعامل معها باحترام ولم يكن يريد
منها ان تقدم علي اي عمل مالم تكن ****ة عنه ، كما انه كان يريد ان يتاكد
من صدق مشاعرها نحوه و الحق ان طريقة تعامله معها اثرت فيها مثيرا ! كان
هيرمان و صديقته يجلسان معا و كانت صديقته سيان ميلر ترتدي ثوبا ابيض اللون
يكشف عن كتفيها و صدرها و كان شعرها يبدو كهالة رائعة حول وجهها الوضوعه
عليه مساحيق التجميل بعناية لافتة جدا و عندما راتهما هيلين علي شعرت علي
الفور بالحقد تجاه سيان .. شعرت بمزيج من الحسد و العجرفة في آن واحد و ان
كانت بعد ان تعرفت عليه زاد عندها الاحساس بالحسد توالت الاطباق الشهية تلو
الآخر و كانت هيلين تشعر دائما بالضيق و كان هيرمان يتذكر بعض الاحداث
التي مرت بينه و بين سيان في بداية حياتهما الصحفية ، و كانت هيلين تجلس
بجانبه هيرمان و تشعر مع الوقت بالقلق فقد كان هيرمان يتعامل معها كشقيق
زوج غاية في اللطف و الأدب و بعد الانتهاء من تناول الطعام تأكدت مخاوفها
عندما وضع جريج يده في جيب سترته و هو يوقول :

- حقا هيلين لقد اتيت بجاوي سفرنا من القنصلية و حصلنا علي التأشيرة و كنت اريد ان اعطيك جواز سفرك و لكنني نسيت .
قالت سيان :
- هل سترحلون الي الخارج ؟
- نعم الي البرازيل لقضاء رحلة شهر العسل .
قالت هيلين مازحة :
- شهر العسل تخيم عليه سحابة من العمل فعلي جورج الذهاب الي البرازيل لقضاء
بعض اعماله و لم أكن اريد ان يرحل جرؤيج هكذا سريعا فور زوجنا وحيد .
و ما ان مدت هيلين يدها لتناول جواز السفر من جريج حتي اسرع هيرمان و استولي عليه قبلها و عندما همت بالأعتراض رفع حاجبيه قائلا :
- هل هناك ما تريدين اخفاءه عنا يا هيلين ؟
خفف هدوء صوته من حدة الموقف و ما كان منه الا تناول الكتيب الازرق و بدأ يتفحصه .
- ربما كان هناك رحلة الي كولمبيا او الي مثلث الذهبي تريدن الاحتفاظ بها سرا ؟
- كلا بالتأكيد !
ما الذي يمكنها عمله حتي لا يبدو رد فعلها غريبا الي هذا الحد ؟
اتتحجج بأنها لا تريده ان يري صورتها الموجودة في جواز سفرها عندما كانت في
الثامنة عشر من عمرها ؟ و كان ذلك قبل سفرها الي المانيا لدي سوزان و جاك
عندما كانت وجنتيها غائرتين و كان شعرها طويلا و مقصفا الحق انها كانت تبدو
كالشبح في هذه الصورة ! فقد كانت مريضة في ذلك الوقت .
قالت هيلين و هي تراه يتفحص العلامات الموجودة بجانب الصورة :
- ليس هناك اي علامة مميزة .. لو كان ذلك ما تبحث عنه .
لحسن الحظ لم يكن من الممكن ان تظهر الشامة في الصورة !
بدأ هيرمان يتفحص جواز السفر المملوء بالأختام و هو يبتسم و فجاة ارتجف و اعاد صفحتين الي الوراء بيد مرتعشه و هنا تجمدت ابتسامته .
- كنت اعتقد انك لم تذهبي ابدا الي هونج كونج ..
- هذا حقيقي .
و بدون ان تنبس ببنت شفة مد هيرمان جواز السفر نحو هيلين و كان هناك ختمان
لوازرة الهجرة التاعبة لهونج كونج .. شعرت هيلين فجأة بتقلص في معدتها و
قالت :
- أنا ... لكن ذلك مستحيل ، انا لا افهم ..
علق هيرمان و هو يركز نظراته الكئيبة و المتهمة علي وجه الفاتاة :
- ربما يكون قد قام شخص بسرقة جواز السفر و استخدمه قبل ان يعيده اليك ثانية .
شعرت الفتاة برأسها يحترق و كادت تفقد الوعي .
ثم تمتمت قائلة و هي تنظر الي خطيبها مستعطفة :
- لا بد ان هناك سوء تفاهم ...
ثم اضافت :
- انا لم اذهب ابدا الي هناك يا جريج ، اليس كذلك ؟
و قبل ان يفتح جريج فمه قاطعه هريمان :
- و كيف له ان يعرف ذلك ؟ انظري الي تاريخ الختمين ...
لم تكوني قد تعتلافت علي جريج في هذه الفترة ! اظري الي التاريخ يا هيلين .
ازدادت دقات قلبها سرعة حتي كاد يتوقف فوفقا للتاريخ كانت هيلين قد ذهبت
الي هونج كونج منذ خمس سنوات اي في التاريخ الذي اكده لها هيرمان عندما
تقايل مع هذه الغريبة الغامضة .. كانت الفتاة تفقد وعيها تماما و كانت تحرك
شفتيها بدون ان تنطق بكلمة واحدة .
رمي جريج شقيقه بنظرة غاضبة و قال :
- دعيني أري ذلك يا عزيزتي .
ثم تناول جواز السفر من يدي هيلين الجامديت و بعد ان تفحص الختمين بسرعة رفع رأسه مبتسما و قال :
- نعم لقد قضيت يومين في هونج كونج دون ان تتذكري ذلك و ليس هذا غريبا وفقا للظروف .
قال هيرمان متسائلا :
- اية ظريف ؟
قال جريج بلهجة جافة :
- ما هذا ؟ بأي حق توجه هذه الاسئلة الي هيلين كما لو كانت متهمة ؟
- أري فقط انه شيء غريب ان ينسي شخص ما قيامه بمثل هذه الرحلة !
قاطعته سيان و هي تنظر الي هييلين بحرارة :
- آه ليس ذلك بالشيء الغريب .. لقد كانت اقامتها هناك قصيرة ! فأنا نفسي لا
اتذكر بعض الاماكن التي ذهبت اليها ... خاصة عندما افرط في تناول
الكحوليات ...
فشلت محاولتها لتهدئة الجو رغم ذلك و لكن هيرمان قال بصوت جاف و هو ينظر اليها بعنين حادتين :
- فقدان الذاكرة يا هيلين ؟ هل حدث ذلك بسبب تناول الكحوليات ؟
لم تستطيع هيلين الدفاع عن نفسها و لكن جريج قال بغضب بارد :
- لو كنت تريد الحقيقة يا هيرمان فقد كانت هيلين مريضة جدا اثناء قيامها
بهذه الرحلة .. ولو دققت النظر في الختم الثاني لفهمت انها ذهبت الي هونج
كونج و هي في طريقها الي انجلترا لقد كانت في طريقها الي لندن لاجراء عملية
جراحية انقذت حياتها .
- جريج !
لم يهتم جريج باعتراض هيين و كان سعيدا بوقف شقيقه عند حده .
- كلا يا هيلين .. فلا دخل لـهريمان بهذه القصة كما انه يتردد عن متابعة هذا الحديث مهما كان يضايقك ...
ثم وجه حديثه الي أخيه قائلا :
- نعم كانت هيلين مريضة بورم في المخ و قد أكد الاطباء انه لا علاج لهذا
الورم بالتدخل الجراحي و في هذه الحالة كان العلاج كيميائي غير مجد ايضا و
لحسن الحظ ظهرت انذاك طريقة اخري للعلاج بالليزر في لندن و كان هذا العلاج
يلائم مرض هيلين كثيرا .. بالإضافة الي ان هذا الورم كان يسبب لها فقدانا
في الذاكرة أرايت يا هيرمان ان نسيان هيلين لهذه الرحلة له مبرره .
ساد صمت رهيب بعد ذلك و شعرت هيلين بضيق فظيع كما انها كانت غاضبة جدا من
جريج الذي يشعر بالإنتصار فقد كان كل ما يشغله هو مهاجمة هيرمان كثر من
فكرة دفاعه عنها و لم يكن فعلا يهتم بها لدرجة انه لم يهتم بما ستسببه لها
هذه الذكريات الأليمة عندما يتحدث عنها حول مائدة طعام في مطعم ما .

قال هيرمان اخيرا :
- اعتذر يا هيلين ... لم اكن اعرف ..
- لا تعتذر يا هيرمان ..ز فلم يكن بوسعك ان تعرف ذلك .
تدخل جريج قائلا :
- في المرة القادمة حاول معرفة الحقائق اولا قبل الحكم علي الاشياء .
و لكن هيرمان تجاهله تماما و قال لـ هيلين :
- لكن تسمحين لي .. هل دام هذا الفقدان للذاكرة طويلا ؟
كانت هذه الاسئلة تزعجها و لكنها لن تستطيع قول ذلك و الا اعطت لجريج فرصة مهاجمة اخية ثانية ، فتماسكت قليلا حتي قالت :
- انه يخص بعض أطلال الماضي .
ثم ابتسمت و تحاشت نظرات هيرمان الثاقبة لتوجه حديثها الي سيان :
- انه شيء محير جدا لدرجة انني اجهل ماذا حدث خلال هذه الفترة .. و لكنني اعتقد انه ليس هناك اشياء مهمة ..
و فجأة ظهرت الحقيقة جلية امام عينيها و جف فمها تماما و لم تستطيع النطق بكلمة واحدة ... هي و هذا الرجل ..
حاول جريج تصليح موقفه امام خطيبته فقال في خجل :
- الحقيقة وفقا لما قاله الاطباء لم تنس هيلين كل ذكرياتها فهناك طرق كثيرة
تؤدي الي ذلك و في كلمات علمية فإن الكروموسومات التي تقترن بالخلايا
العصبية تجمع هذه الذكريات و لكي تتذكرها لا بد من اعادة تفريغ هذا الجزء
من المخ عن طريق كروموسومات جديدة .. اليس كذلك يا هيلين ؟
وافقته هيلين بابتسامة شاحبة ، فقال هيرمان :
- و كيف يتم ذلك ؟
- عن طريق تجميع افكارها مثلا لاحظت هيلين انها نسيت تماما فترة المدرسة
الابتدائية كما لو كانت لم تمر بها اساسا ، و لكن بعض الذكريات كالبالطو
الواقي من المطر و بعض الملابس الصوفية الخاصة بها اعادت الي ذكرياتها
قليلا من الافكار فتذكرت فترة وجودها في الفتاء اثناء تنالها لسندويش جبنة
ثم تذكرت مدرسا قديما لها عندما سمعت صوتا يشبه صوته و في النهاية عادت
اليها ذكريات هذه المرحلة كاملة ..
قالت سيان مازحة :
- مم .. علي كل حال .. هناك بعض الاحداث في حياتي التي افضل الا اتذكرها نهائيا ..
قال هيرمان بهدوء :
- هذا اذا لم تكن تلك الذكريات محفورة في ذاكرة شخص اخر ربما يكون ذلك مزعجا اذن ..
فانفجرت سيان في الصحك و بدات بعض ذكريات المرحلة التي كان هيرمان خلالها
مجرد صحفي مبتدئ فأعجبت هيلين بهذا الحديث و ان كانت لم تعد تريد الا
العودة الي المنزل لتبدأ في التذكر و التفكير و لكن هيرمان و جريج و سيان
كانو يريدون استكمال السهرة في هذا المكان و عندما ذهب هيرمان لدفع الحساب و
ذهبت سيان الي دورة المياه استغلت الفتاة الفرصة لتقول لجريج انها مرهقة و
لكنه لم يتفهم الموقف و قال لها :
- و لكنني لم اطلب منه بعد ان يوقم بدور الوصيف في حفل زفافي كما .. انني
لم أجد الفرصة سانحة بعد ان هاجمته بشدة بسبب موضوع الجواز السفر هذا !
اعذريني لحديثي معه يا عزيزتي ولكنه يملك موهبة دائما ليضغط علي اعصابي .. كما اعدك الا ننتظر طويلا لو كنت حقا مرهقة .
لم تتوان سيان عن دعوتهم لقضاء السهرة في ملهي ليلي ممتاز و الحق ان مهنتها
كصحفية سابة قد منحتها فرصة للذهاب الي افضل الناطق في اوكلاند لذلك
اختارت ملهي روستيز حيث يذهب عليه القوم و اكثرهم تعقلا كما ان اسعار
المشروبات هناك كانت باهضة جدا .
و ما ان جلس الجميع حتي نهضت سيان طالبة من هيرمان مشاركتها في الرقص و بعد قليل تبعها جريج و هيلين .
كان جريج راقصا ماهرا و كانت خطواته مع هيلين متناسقة جدا حتي هدات الفتاة و
سعدت لكونها مرتبطة بهذا الرجل الذي تتفق معه في اشياء كثيرة ! و لكن هناك
شيء واحد يشعرها بالضيق و هو انها كانت تتمني ان تكون حبيبة له و ان تكون
منتمية اليه ... كما انتمت الي شقيقه في ليلة ما ..و لكنها سرعان ما
استبعدت هذه الفكرة من رأسها ..
كما انه لا يوجد اي شيء يثبت ذلك و فجاة اعادها صوت هريمان الي الوقاع .
- هل يمكنني اختطاف رفيقتك ؟
و بعد قليل كانت هيلين بين ذراعي هيرمان و علي الرغم من تغير رفيق الرقصة
الا انها سرعان ما شعرت بالإنسجام مع خطواته مما جعلها تشعر بخيبة الأمل .
و ما ان لف هيرمان ذراعه حول خصرها حتي ابتعجت قليلا فلم يحاول ان يقربها
منه ثانية و عندما نظرت في عينيه لم تر يفهما هذا التعبير بالإنتصار و
لكنها وجدت تعبيرا بالحزن مشوبا بالحنان لا حد له .
و فجاة قال لها :
- هل هناك خطورة لعودة المرض ثانية اليك ؟
لا داعي للهروب منه .. كما ان هذه الاسئلة من اهم مميزاته كصحفي ناجح فاجابته بصوت ملموء بالإحساس :
- اعتقد انني شفيت تمام .
فأغمض عينيه و لاحظت الفتاة ارتعاش جفونه ذات الرموش الشقراء الكثيفة و عندما لاحظت ضعفه الي هذا الحد ارتعدت و قالت هامسة :
- هيرمان !
- لقد اخبرني جريج انك فقدت والديك قبل سن السابعة عشرة فهل كان هناك من
يتولي رعايتك اثناء هذه الفترة الصعبة من حياتك ؟ و هل جاءت شقيقتك لمد يد
العون لك ؟
هزت رأسها قائلة :
- لم اطلب منها ذلك ، فقد كانت تعيش انذاك مع زوجها في المانيا و كانت
متعبة جدا في بداية حملها و لك يكن باستطاعتها مجرد نغاردة الفراش خوفا من
فقدان الجنين .
- اذن انت لم تخبريها بشيء ... و اخفيت عنها نبأ مرضك حتي .. اخبريني حتي متي ؟
لم تستطيع هيلين مقاومة اصراره اكثر من ذلك و سردت عليه كل شيء :
الآم رأسها التي اعادها الاخصائي الي وجو\د فيروس في جسمها و سلسلة من
الفحوصات الطويلة التي لم يؤكد اي شيء و ظهور الورم اخيرا و محاولة العلاج
الكيميائي و محاولة الاخصائي للحصول علي دعم من الدولة لتغطية تكاليف
علاجها و رحلتها الي انجلترا و محاولتها الاتصال بـ جاك لتطلب منه اخبار
شقيقتها سوزان بمرضها بدون ان يزعجها كثيرا .
و كان هيرمان يستمع اليها كما لو كان يعيش نفس الآمها و أحزانها من جديد لدرجة انها بدات تشعر بالفزع ثانية و اخيرا همس قائلا :
- كنت صغيرة و وحيدة ...

- و لكني كنت محاطة بالأصدقاء يا هيرمان كما انني لم اكن طفلة ! و هذه
التجربة جعلتني قوية فلأحساس بدنو الموت جعلني ابدو متماسكة و جعلني ما
احدد ما اريده بالضبط من الحياة فبدات اقيم الاشياء من الجديد كالحب مثلا .
- و لكنك لم تجدي من يحبك و يساعدك في هذه الفترة حيث كنت بحاجة شديدة الي المساعدة اليس كذلك ؟ كما ان العلاج الكيميائي قاس جدا ...
- الشعور بالغثيان و الهزال فقط لا غير كما انني لم اضطر باللشعة و لم افقد شعري .. كل ما حدث انه اصبح فقط ...
اختنقت الكلمات في حلق هيلين و لكن هيرمان قال :
- اصبح لونه اشقر
قالت بصوت خفيض :
- لقد نسيت ذلك تماما او ربما اردت نسيانه .
- كنت متأكدا ان لونه لا يلائم لون بشرتك .. كما انني لم اتصور انك تفضلين الظهور بشعر اشقر ...
اكتسي وجهها بحمرة الخجل فاخذ ينظر اليها مبتسما و فجاة قال لها :
- هل تنوين إخبار جريج ؟
- اخباره بماذا ؟
- بما حدث في هونج كونج ؟
- و لم ذلك ؟ فانا اجهل ما حدث و لا اعرف الا ما اخبرتني به لماذا فكرت في ذلك ؟
- يمكنك اخباره بالتفاصيل ، الا تريدين ذلك ؟ انت لا تتذكرين شيئا الان و لكن من يعرف فيما بعد ؟ فقد ذهبت في هذه الليلة الي ..
قاطعته هيلين :
- هيرمان ... انا اقدر معاونتك لي ، و لكن لا داعي لذلك انها مجرد صدفة فقد
تلقيت تربية صارمة و لم اكن ابدا من النوع الذي يفكر في قضاء ليلة مع شخص
غريب .
- و لكنها ليست مغامرة ، كما ان ذلك لا يعد خرقا لعادتك و تقاليدك ، مجرد فتاة استغلت الفرصة لتصبح امرأة ...
- و لكنها ليست انا ! مستحيل ! فأنا ما ازال عذراء .
تعثر هيرمان في وقفته و اعتذر ثم نظر الي رفيقته بثبات في عينيها .
- هيلين ، هل تظنين انك مازلت عذراء ، هذا مستحيل !
سكتت الفتاة و هي تهز رأسها غير مصدقة ثم قال ثانية في لطف :
- هذا يعني انه لم يقترب منك اي رجل غيري .
تقلص وجه الفتاة في ذعر شديد .
- لا تتشبتي بهذه الفكرة يا هيلين حتي لا تصابي انت و جريج بخيبة امل اذا تخيلت ...
- كفى يا هيرمان ! كيف تجرؤ ؟
- اجرؤ لأن ذلك ضروري يجب ان تواجهي الحقيقة لقد كنا حبيبين يا هيلين و لم يقتصر الامر علي مجرد ليلة عابرة ...
- هل قرأت قصة ملاك في الظلمات ؟
انفجرت اسارير الفتاة بعض الشيء و تجابت :
- كلا لم اجد الوقت المناسب !
- حسن يجب ان تقرئيها ! فبطلة القصة هي أنت !
- ماذا ؟
جذبت صرخة هيلين الفزعة انتباه الراقصين من حولهم .
تابع هيرمان حديثه :
- انها قصة لقائنا لقد نجحت ان تجعليني افهم خلال هذه الليلة كل معاني
الحياة و الحب و الخلق انني كتبت هذه القصة تكريما لأمرأة لم تسعفني الظروف
لن اشكرها بنفسي ...
حتي ذلك اليوم .
لم تصدق هيلين ما تسمعه و تمتمت :
- لماذا تتصرف معي بهذه الطريقة ؟ ماذا تريد مني في النهاية ؟
هكذا تتحدث دائما عن ماض لم اكن ابدا مسؤلة عنه بل و لا ازال غريبة عنه !
اخيرا تماسكت الفتاة و لكن هيرمان كان ينظر اليها بابتسامة غريبة علي شفتيه ثم قالت هيلين بحماس :
- ارجوك لا تحاول اتعاس جريج بهذا الحديث !

انت تريد ان تجعله يدفع الثمن و لك ما تريد و لكن لا تفعل ذلك من خلالي ! و
حسب ما أعلم فهو لم يدمر حياتك تماما ... فقد تزوجت من اخري بعد رحيل
خطيبتك ، اليس كذلك ؟ و انت لا تتصور ايادا ان جريج اراد تعذيبك عن عمد .. و
ربما لم تخلق انت و خطيبتك لبعضكما ... ؟
رمي هيرمان رأسه الي الوراء كأنها لكمة في وجهه و قال :
- اهذا ما اخبرك به ؟
- لم يكن يقصد اي شيء مما حدث اتعتقد انه وقع في حب المرأة التي اختارها شقيقه عن عمد ؟
اجاب هيرمان ببطء :
- كلا ! لا يمكن ان يفعل احد ذلك عن عمد .
فوجئت الفتاة بتعبير وجهه و شعرت انها فهمت ما يريد هيرمان قوله و قرأت في
عينيه تأكيدا هادئا و كأن الاحساس رغما عنه ... تصريح هادئ بالحرب .
قالت الفتاة بصوت مختنق :
- انا اجهل اللعبة التي تنوي القيام بها و لكنها لن تتم بواسطتي .
و كأن هيرمان و هيلين في هذه اللحظة في الطرف الآخر من القاعة بعيدا عن
سيان و جريج الجالسين علي المائدة و فجأة جذبها هيرمان وراء احد الاعمدة
منذ متي و هما يرقصان ؟ ان هيلين لا تستطيع تحديد هذه المدة ...
وربما كان امد الدهر .
- هيرمان ...
و لكنه اسكتها بقبلة علي شفتيها بينما تلتف يداه حول خصرها كان يقبلها
بحرارة غريبة و عندما ابتعد عنها كانت وجنتاها مخضبتين باللون الاحمر و
الانفاس تكاد تكون متقطعة .
و فجاة لمعت عيناها ببريق الغضب علي الرغم من نظرات هيرمان التي تشتعل برغية عارمة و قالت :
- لماذا فعلت ذلك يا هيرمان ؟
- لكي اعيد الذاكرة اليك ... لكي افتح الطريق امام ذاكرتك ...
هل تذكرت اي شيء ؟
شعرت الفتاة بسخونة و برودة في نفس الوقت .
- كلا لم اتذكر شيئا و لا اريد ان اتذكر شيئا ! و للمرة الثانية ارجوك دعني و شأني يا هيرمان دعنا و شأننا انا و هو .
فاجابها بحدة جعلتها ترتبك :
- لا استطيع يا هيلين ، لا استطيع ان اتركك ترتكبين مثل هذا الخطأ .
انهت بقية الامسية كأنها كابوس و في النهاية عندما حاولت هيلين ترتيب
الاحداث في مخيلتها تذكرت انها لدى عودتها الي المائدة مع هيرمان كان جريج
هادئا جدا و اخذ ينظر اليهما باستغراب شديد كانه يشك في امرهما .
و ازدادت الامور تعقيدا عندما عرض جريج علي اخيه ان يقوم بدور الوصيف في
حفل الزفاف و كأنه القي بقنبلة في وجهه و كأن هيرمان كان ينتظر هذا العرض
لينفجر فقال له :
- لقد قمت قبل بدور ما في قصة زواج فاشلة يا جريج ولا اريد تكرار ذلك ثانية !
صمت جريج تماما و بعد ثلاث دقائق كان قد اصطحب هيلين و خرجا من الملهي .
و عندما عادت هيلين الي المنزل جلست مع نفسها و شعرت بتوتر شديد كما ان
جريج رفض ان يتحدث معها ثانية في هذا الشأن و ظل طوال الطريق شاحب الوجه
مقطب الجبين و لم ينطق بكلمة واحدة حتي وصلا الي المنزل .
لقد تسببت له هيلين في الألم و تركته يعتقد ان هيرمان سيقبل عرضه و لكنها لن تتركه يتعذب هكذا بدون كلمة واحدة .
كما من حقه معرفة الحقيقة ، و لكن اي حقيقية ؟

لفصل الرابع
<blockquote class="postcontent restore ">تنهدت هيلين و هي مقطبة الجبين بينما كانت تجلس امام المائدة الخشبية
الصغيرة و قد وضعت عليها قطعا من الأقمشة المختلفة الألوان و كان ما يشغلها
هو صنع بلوفر من هذه الاقمشة و لكنها لم تنجح حتي هذا الوقت .
- يا لها من ليلة سيئة !
ثم رفعت عينيها لتري الوجه البرئ الجالس امامها كانت جيني فتاة شقراء مرحة و الحق ان هيلين كانت تعشق العمل معها .
- لنقل انها كانا ليلة متعبة .
رفعت جيني حاجبيها و قالت :
- مع شخص من ظراز جريج أظن الليلة الهادئة تصيب بخيبة أمل اليس كذلك ؟
كانت ابتسامة جيني تدل علي حيوية و سعادة مما جعل هيلين تشعر اكثر ارهاقا و
عندئذ سمعت الفتاتان ضوضاء في الناحية الاخري من المحل اي من وراء الستاءة
التي تفصل بين الـ اتيليه و المحل فنهضت جيني و قالت و هي تتجه بحماس نحو
الطرف الآخر من المحل :
- ستحكين لي كل ما حدث بالتفصيل اثناء تناول الغداء .
كانت تقصد الاحداث التي جرت لها و التي جعلتها تظل طوال الليل ساهرة بلا نوم ارتعدت هيلين بمجرد تذكرها ذلك .
لقد فكرت في حوالي منتصف الليل ان تتصل بشقيقتها في هونج كونج و فعلا اتصلت
بها و لكنها عرفت ان سوزان تنوي الخروج مع زوجها لقضاء السهرة في الخارج
بعد ان اطمأنت علي اولادها .
و علي الرغم من سعادة سوزان لسماع صوت شقيقتها الا انها ارادت الحديث بسرعة
و كان ذلك واضحا و مع ذلك نجحت هيلين في الحصول علي بعض المعلومات من
شقيقتها بشأن ماضيها .. و عرفت انها بقيت في فندق هيلتون في هونج كونج لمدة
يومين مع شقيقتها قبل السفر الي انجلترا لإجراء العملية ..
و كان جاك انذاك في طوكيو يعمل في احد فروع هونج كونج المؤقتة حتي تستطيع سوزان السفر معه عائدين الي الولايات المتحدة .
و قالت لها سوزان :
- اتتذكرين عندما تكفلت الشركة بكل المصاريفك .. فقد كنت انذاك في حالة سيئة و كنت قلقة جدا بشن الجنين و بشأنك ..
ثم وصلت انت و فوجئت عندئذ بهدوئك و شجاعتك ... و كنت غاية في الضعف و كان
شعرك ... ما حدث انك التي طمأنتيني و ليس العكس كما كان مفروضا ... و لكن
لماذا تريدين معرفة كل ذلك ؟
اجابت هيلين :
- حسن ... لقد تعرفت علي شخص يدعي انه تقابل معي هناك في العيد ... و انا لا اتذكر ذلك .
- - آه تريدين ان تقولي انك نسيا ذلك ! و انا التي اعتقدت انك تريدين تكتم امر حماقتك هذه ...
- حماقتي ؟
- ممم ... اي ! اعذريني كنت احاول وضع دبوس في شعري بيد واحدة ... و الآن
... نعم ... لم أكن اجرؤ علي الابتعاد عن الفندق حيث كنت اعاني الغثيان ،
كما كنت اخشي ان اسبب لك ضيقا و كان يبدو عليك انك تريدين قضاء وقتك كيفما
تتمنين ! لذلك اععدت لك بعض النزهات و في اليوم التالي ذهبت لقضاء العيد في
الخارج .. و لم تعودي قبل حلول الليل و كان الوقت عندئذ يسمح لك بالكاد
باستقلال الطائرة في الصباح .
- سوزان ! لماذا لم تخبريني بذلك ؟
- لانني كنت اعتقد انك تعرفين كل ذلك ! و ما قيمة كل هذا الآن ؟ انها قصة قديمة !
- و لكن ... ربما كنت قلقة ...
- لقد قلت لي يا عزيزتي في المطار قبل سفرك مباشرة : ان العلاج الكيميائي
يجعلك عاجزة عن استيعاب بعض التصرفات بصفة مؤقتة .. كانت هذه كلماتك بالحرف
الواحد .
- آه !
- و انه لا داعي ان اقلق نفسي في هذه الامور و في نتائجها الصغيرة .
- انا لا اصدق انني قلت كل هذا .
- ارجوك لا تكوني غبية ! لقد كنت
يتبع بإذن الله

</blockquote>
 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
معلومات العضو
لالة بتينة

لالة بتينة

Admin

Admin
معلومات إضافية
كيف تعرفت علينا : غيره
الجنس : ounta
المهن : jami3i
الهواية : rkoub elkhayl
المزاج : ray9
الدولة : france
عدد المساهمات : 4981
تاريخ التسجيل : 14/05/2012
معلومات الاتصال
http://www.lalaboutayna.com/
مُساهمةموضوع: رد: رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي    رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي  I_icon_minitimeالسبت فبراير 16, 2013 8:25 am

الفصل السادس


قالت ابنة عم جريج :
- صدقيني ، انا لا اتقبل ابدا فكرة طلبه منك لأن تتركي عملك لكي تتفرغي
للبيت و تربية الاطفال كنت اعتقد ان جريج يفكر بطريقة اكثر مدنية !
بدأت هيلين تندم لأنها طلبت من جوزفين رأيها في دور المرأة في الحياة
الزوجية فقد أخذت هذه الفتاة – التي لا تزال طالبة في كلية الحقوق - علي
عاتقها مهمة الدفاع عن حقوق المرأة المكتسبة و ظلت طوال ربع الساعة تقريبا
تلقي الخطبة عن حقوق المراة الحديثة وواجباتها .
و لم تكن هذه أول أخر دعوة تتلقاها هيلين ! فقد حضرت عائلة نايت جميعها
الحفل المقام علي شرف عودة هيرمان و لم تكن هيلين قد تعرفت بعد علي جميع
افراد العائلة و الحق ان بعضهم كان ينظر اليها و الي جريج نظرات عدائية
لعدم اعداد حفل خاص للخطبة لدعوتخم جميعا كما اعتبر بعضهم هذه الزيجة فائلة
و أخذو ينظرون باستنكار الي هيلين التي اسأت اختيار الثوب الملائم لهذه
المناسبة فارتدت ثوبا واسعا جدا .
قالت هيلين مازحة :
- آه يبدو رجلا متسامحا و لكنه في الحقيقة لا يزال متمتعا بعقلية بدائية .
شعرت جوزفين ان هلين تخدعها فقالت بحدة :
- هيلين ...
و لكنها تماسكت و ابتسمت بخبث ثم صاحت قائلة :
- تانت ماري ! ان هيلين هنا و هي تتحرق شوقا لتبادل الحديث معك ! !
كان الوقت قد تأخر لتجنب هذا الحديث ! فقد اتجهت نحوها القبعة المزينة
بالأزهار المتعددة الألوان و الحق ان تانت ماري عندما تحدد هدفها لا تتراجع
عنه ابدا .
قالت جوزفين في ابتسامة عذبة :
- اعتقد ان امي تناديني ن هلين .. كوني لطيفة مع تانت ماري و ستشعرين
بسعادة بالغة في الحديث معها فهي تشترك معك في آراء كثيرة بشأن دور المرأة
في الحياة !
و الحق ان تانت ماري – عميدة العائلة – لديها قدرة علي اثارة المشاكل في
اقل وقت ممكن كما انها تتقن توجيه الملاحظات اللاذعة و لم تكن هيلين قد
تقابلت معها من قبل و لكنها سمعت ما يكفي لكي تفكر في تأخير فرصة لقائهما
بقدر المستطاع .
قالت تانت ماري ذات الثانية و التسعين من عمرها في صوت كأنه تنبيه :
- هل تريدين تجنبي يا صغيرتي ؟ عل هناك ما تنوين اخفاءه عني ؟
تمتمت الفتاة و هي تشعر بالأبتسام من حولها :
- كلا بالتأكيد !
- انا لم اتزوج ابدا ، فقد توفي خطيبي في جاليبولي و لم أجد بعده من يتحمل
المقارنة كما انني لا اؤمن بالزواج من اجل الزواج فقط و الآن لماذا تفكرين
انت في الزواج ؟
- لانني احبه يا تانت ماري .
- هل انت حامل ؟
كان صوتها حادا مما جعل الجميع يلتزم الصمت حولها .
تمنت هيلين لو تختفي فور الا اذا جاء جريج لنجدتها !
و كانت – للأسف – آخر مرة رأته فيها عندما كان في المطبخ يقف مع ابناء عمومته يتبادلون الحديث بشأن قيامه بوضع حد لحيته الصبيانية .
فأجابت هيلين في ضيق :
- كلا .
ردت تانت ماري بصوت حاد :
- كلا ؟ حسن اريد مزيدا من التوضيح .
ثم غمزت لها بإحدى عينيها و قالت :
- هذا ما يخرس الألسنة ، فهناك ثرثة دائمة في العائلة ! و لا يمكن ان يقول
لك اي انسان فيم يفكر في وجهك و لكنهم لا يكفون عن الحديث في ظهرك .
اجابت سوزان باسلوب جاف :
- ربما من الافضل ان اكتب علي بطاقة الدعوة : انه ليس زوجا اضطراريا .
- لا يا صغيرتي لا تكوني متشككة الي هذا الحد ! انها غلطتك فعندما يتم
الزواج بسرعة شديدة كما في حالتكما يتسبب ذلك في اثارة تعليقات البعض .
- و هل انت مسؤولة عن تحقيق هذا ؟ اي انهم قامو بترشيحك لهذا الدور ! لقد خيبت أملي يا تانت ماري كنت اسمع انك حازمة في آرائك .
بدا الضيق في عيني تانت ماري الزرقاوين الشاحبتين عندما سمعت اصوات الضحكات تعلو من حولها .
- لم تكن هذه مجرد مجاملة يا بنيتي .. فانا اعرف كل ما يحدث كما اعرف
الطريقة التي ينظر بها البعض اليك و التي تنظرين بها الي الجميع فربما اكون
متقدمة في السن و لكنني لست عمياء لقد تعرفت علي اريك منذ الطفولة و كبر
حبنا معنا و لكنني اعرف ان ذلك لا يحدث الان و في معظم الأحيان لا ينظر
المرء امامه فيصطدم بأحد ما ثم يقع ... و لا يجد بعد ذلك مخرجا و هكذا قدرت
الوضع بالنسبة لك و لـــ هيرمان
كاد الكوب يقع من يد هيلين و هي تقول :
- جريج ! تقصدين جريج يا تانت ماري !
- حقا ؟
تظاهرت عيناها الخبيثتان بالبراءة و شعرت هيلين ان خطاها مكشوف للجميع كأنه مكتوب بحروف من نار ...
هل كان ينتظر هيرمان ؟ في هذه الحالة لابد من تجنبه و لكنها لم تراه ثانية
بعد نزهتمها معا في فيكتوريا بارك بالاضافة الي ان جريج اصبح يرفض تماما
فكرة خروجهما ثانية مع هيرمان و اي شخص ولو كان يسيطلا علي عدواته لأخيه
فذلك مراعاة لواديهما فقط .
قالت هيلين باصرار :
- سأتزوج جريج يا تانت ماري فانا لا اعرف هيرمان الا منذ قليل .
قالت السيدة العجوز بدون ان تبدي اي اهتمام لاعتراضات هيلين :
- بالتأكيد فلم تكن اليس المرأة الملائمة له ... علي الاقل في هذه الفترة
.. ذكية و لكنها ليست لئيمة اما انت فعلي العكس من ذلك تبدين فتاة صغيرة
ماكرة كما انك تحبين الرحلات اليس كذلك ؟ و تحبين التغير اما جريج فلا .. و
لو لم يكن قد تورط في هذه المأزق لكان الآن سعيدا ينعم بالهناء العائلي و
الحق ان اليس قد خدمت الاثنين بفرارها و لكنها اشعلت النيران بينهما قبل
رحيلها و مازلت تشعتل الي الآن ..
بالتأكيد هيرمان مشهور بنجاحه في اطفاء الحرائق و لكنه لا يزال حيا و يحاول
القاء بعض الشرارات من جديد ، هل انت سريعة الاشتعال من جديد يا صغيرتي ؟
كادت هيلين تفقد اعصابها قائلة :
- انا لا اهتم بمن يحاولن اشعال الحرائق .
لحسن الحظ نادى نيكولا في هذه اللحظة بأن اللحم قد تم طهوه فقرر الفضولييون
التوجه لنتاول الكطعام الموضوع علي الموائد المصفوفة بجانب الاشجار .

و كانت هيلين قد قررت عدم التأثر بحديث تانت ماري فاضافت بحسم :
- ان فكرة اقامة اسرة هانئة تسعدني كثيرا .
- اطمئني يا صغيرتي فهذا امر مؤكد ! و لكن هل جريج يعرف انك امرأة متوقدة العاطفة ؟ فهو لا يحب الجدال و المناقشات ...
و لكن لو كنت من هذا النوع فأفضل لم الارتباظ بـ هيرمان .. فهو يعشق الدفاع
عن نفسه ولا يهاب الصرعات ! فلا ترتكبي نفس الخطأ اليس يا آنسة و لا تورطي
نفسك .
خرجت هيلين عن وعيها قائلة :
- تانت ماري ...
و لكن تانت ماري كانت قد وجدت فرسية جديدة انذاك : ابنة اخ لها انفصلت عن زوجها فتوجهت نحوها علي الفور .
استدارت هيلين فجاة نحو هذا الصوت المألوف الذي يتحدث قائلا :
- انها سيدة ثاقبة الفكر ! اعتقد انها قامت بدورها كصحفي رائع .
لم تتمالك هيلين نفسها فصاحت قائلة :
- تقصد مصابا بالشيخوخة .
و كانت تنظر الي هذه القبعة المزهرة و هي تبتعد عنها محاولة تهدئة نفسها قبل ان تبدأ حديثها مع هيرمان ثم قالت :
- منذ متي و انتي هنا ؟
- منذ فترة طويلة عندما سمعتك تكذبين .. و اغنت تتحدثين عن الهناء الأسري !
ربما كنت في حاجة الي زوج و اطفال يا هيلين و لكنك بحاجة الي اشياء اخري
كثيرة .. صدقي خبرتي القديمة !
كان هيرمان يرتدي تي – شيرت ابيض اليون و شورتا أزرق يبرز ساقيه الطويلتين و كانت اشعة الشمس تجعله يبدو مشرقا و رأئعا .
- او كنت تجرؤ علي قول اي شيء لجريج او غيره ..
قاطعها هيرمان :
- يالك من جبانة ! فأنت لم تخبريه بأي شيء بعد اليس كذلك ؟ هكذا تتركينه
يبكي علي كتفيك ، انت لا تعتقدين انه قادر علي تحمل الصدمة ؟
- ليس هذا ... و لكن ..
- انت غير واثقة في حبه .. هذا كل شيء .
- انا ...
- عزيزتي ؟
قفزت هيلين من مكانها عندما لف جريج ذراعيه حول خصرها و جذبها نحوه بطريقة متملكة .
- انت لم تتناولي شيئا ؟ هيا اسرعي .. فلم يعد يتبقي الكثير ! اعتقد ان هذه العائلة مملوءة بالجوارح ..
قال هيرمان بالي\بتسامة ساخرة :
- كنا نتحدث قليلا يا جريج .
قال جريج :
- اعتقد ان هيلين غير سعيدة بهذا الحديث .
اسرعت هيلين قائلة :
- آه .. لا داعي لذلك يا جريج .. انت تعرف هيرمان ... فهو دائما ..
قال هيرمان :
- مستفز ؟
فقالت هيلين بثبات :
- كنت اقصد كريها .
- هيا لنري هل اعد والدي لي قطعة كبيرة من اللحم ! فانا اتضور جوعا ! لم
يتركها جريج وحدها و علي الرغم من ان هيلين شعرت بحمايته لها الا انها
تضايقت بعض الشيء و فكرت كم ستشعر بالراحة بعد ا علان زواجهما رسميا !
فسيجد عندئذ كل فرد منهم الهدوء ... و لكن هل هذا وهم ؟
هل سيضع الزواج حلا لجميع المشاكل ؟
كان جريج ينوي السفر في رحلة عمل لثلاثة ايام في بانجوك و لن يعود الا علي
موعد الزفاف و كانت هيين تشعر بالخوف كلما اقترب موعد اخبار جريج بالحقيقة و
هي لم تكن جبانة كما يقول هيرمان و لكنها كانت تريد ات تؤكد لـ جريج انها
غفرت له ما في الماضي ن حتي يغفر لها بدوره ما حدث لها في الماضي ايضا .
تحول لون السماء الي الأحمر عند الغروب الشمس و أضيئت المصابيح الموجودة في
الحديقة و في هذا الوقت كان الصغار قد بدءوا في اللعب بينما توجه الكبار
الي داخل المنزل للحديث اثناء تناول الشاي اما المراهقون فقد استعانو
بالكاسيت و جلسو علي الحشائش الرطبة يستمعون الي الاغاني .
اماالكبار بعض الشيء – اي البالغون سن العشرين و الثلاثين .. فقد التفو حول
الموائد ليحكي كل منهم عن حياتهم لأنهم – في الحقيقة – لم يتقابلو منذ
فترة طويلة .
و بالتأكيد كان هيرمان محط اهتمام الجميع و كان الجميع يوجهون اليه الاسئلة
و كان يرد عليهم بلطف و يحكي لهم عن مغامراته و عن الشخصيات التي تقابل
معها اثناء فترة عمله كصحفي .
شعرت هيلين ان جريج متضايق بهض الشيء من اهتمام الجميع بـ هيرمان فعرضت
عليه القيام بنزهة قصيرة بين الاشجار التفاح و الخوخ و الكريز التي تعبق
الجو برائحتها .
و عندما سارا قليلا التف الاطفال حولهما و اخذو يطلقون الصيحات فدهشت هيلين
كثيرا عندما وجت جريج بدأ يهتم بهم و يعد لهم الالعابلدرجة انه نسي الن
يشرح لـ هيلين تماما اصول اللعبة و اكن يتصرف بطريقة رائعة مع الاطفال علي
الرغم من انع اعزب و هكذا بالتأكيد سيصبح جريج رب عائلة ممتاز .
و بعد قليل ابتعدت هيلين عنهم و تجهت نحو مجري مائي بعيد في الحديقة و كانت
في الحقيقة بحاجة ان تبقي وحيدة بهض الشيء و شيئا فشيئا تملكها الهدوء
نتيجة للصمت و الظلام اللذين يخيمان علي المكاتن حولها فجأة تذكرت شيئا
فبما انها لا تتذكر شيئا مما مضي يكفيها ان تقول لجريج انها تعرفت منذ فترة
علي شخص ما و عندئذ لن يطلب منها اي تفسير اما هيرمان فمن الؤكد انه ليس
قاسيا و عديم الرحمة الي هذا الحد الذي يجعله يخبر شقيقه بكل شيء حتي يسبب
له الالم .
و الآن ما السبب في كونها مكدرة و حزينة الي هذا الحد ؟
فعلي الرغم من كل شيء ... لا يبدو الموقف سيئا الي هذه الدرجة ...

الفصل السابع
- اوه هيلين ، انا لم اقض ليلة رائعة كهذه طوال عمري يجب ان تتزوجي كثيرا .
ثم انفجرت جيني وست في ضحكة مجنونة فاهتزت خصلات شعرها الاشقر و بعد ذلك هدأت لتشرب قليلا من العصير .
- انه اكثر الاحتفالات الزواج التي حضرتها اثارة فلم احضر مثله ابدا و اجابت والدة جريج ووجهها يكتسي بحمرة الارتباك :
- كل ما استطيع ان اقول : انني سعيدة جدا بعدم اصطحاب تانت ماري معي .
قالت جين و هي تأتي من جهة المطبخ حاملة الصنية بين يديها :
- لم نكن نعلم انك تنوين الحضور يا مدام نايت و الا كنا قمنا بالازم علي الاقل ما كنا طلبنا منك المساهمة في نفقات هذا الحفل .
و كانت تشير بيديها بحركات معبرة اثتاء الحديث فأخذت هيلين تضحك بعصبية فقد
قامت زميلاتها بتأجير عرض غير اخلاقي للمشاركة في هذا الحفل الصغير حين
تتسلم هيلين هدايا زواجها و لكن هانا وصلت مع شقيقتها أيدا بدون ان تعلمن
بقدومها مما تسبب في ضيق مؤقت للبعض و لحسن الحظ تعاملت هانا بطريقة طبيعية
و سرعان ما اندمجت معهن و لم تستطيع هيلين ان تحدد ما اذا كانت هانا قد
سعدت ام انزعجت من مشاهدة هذا العرض غير اخلاقي و ان كانت تشك اكثر في
سعادتها و عندما انتهين من تناول الشائ قالت هانا علي المضض :
- اعتقد انني و إيدا مضطرتان اآن للعودة لقد اعددتن حفلا رائعا يا فتياتي آه لو يعلم نيكولا بما رأيته هنا ربما يصاب بنزيف في المخ .
قالت جين مازحة و هي ترفع الهدايا الموجودة علي الارض :
- و لكن ، انتبهي يا مدام نايت و لا تفكري في عقد مقارنة بعد العودة الي
المنزل فنحن سعيدات باحتفالنا بعقد قران ولا نريد ان نصبح مسؤولات عن حادث
طلاق .
اجابت هانا :
- حقا ، يبدو هذا الشاب المشترك في الحفل وسيما و ذا عضلات و لكنني افضل
نيكولا عنه اكثر من مئة مرة لقد كان نيكولا شابا مغامرا في شبابه .. نعم
كان مغامرا جدا ..
ثم غمزت بعينيها لهلين علي الرغم من نظرات إيدا المستنكرة فأخذت إيدا بيد شقيقتها من احدي ذراعيها و سحبتها نحو الباب قائلة :
- هيا بنا يا هانا ! يكفينا هذا .
بعد رحيلهما غادر المكان عدد كبير من الفتيات و اخرا بقيت هيلين مع ست من
صديقاتها و اخذن يتحدثن عن علاقاتهن بالرجال بصراحة متانهية حتي رن جرس
الباب فجاة فقامت هيلين لتري من الطارق و عندئذ قالت جين و هي تضحك :
- احترسي ربما يكون فتي العرض قد حضر من جديد 1
و لكن هيرمان كان الطارق و كان يقف مستريحا و مبتسما و يرتدي تي شيرت ذا
لون براق و سروالا من الجينز و في احدي يديه لفافة يبدو من شكلها انها هدية
.
قالت الفتاة دهشة :
- انت ثانية ؟
- لقد عرفت انك تقمين حفلا صغيرا .
- حفلا للسيدات فقط و يمكنك لاننتظار حتي يقيم جريج لتوديع حياته الصبيانية فربما يدعوك ..
استعدت الفتاة لتغلق الباب و لكن هيرمان وضع احدى قدميه ليحول دون اغلاق الباب و كان ينتعل حذاء انيقا ايطالي الصنع .
- ابعد قدمك يا هيرمان .
- الا تريدين هديتي ؟ لقد احضرت لك ايضا زجاجتين من الشراب لنشرب نخب سعادتك .
اجابت هيلين و هي تحاول ابعاد قدم هيرمان :
- .. سعادة تريد تدميرها بكل الوساءل !
صاحت جين فجاة و جرت نحو هيلين :
- هل تحدث احد عن الشراب ؟ من هذا ؟
- مندوب مبيعات
- و يحمل شرابا ؟ و هل معه كتيب لوصفات الحب ؟ و هل يبرهن هو علي ذلك ؟
قال هيرمان :
- انه مخصوص للعميل الممتاز .
- من هذا الرجل ؟
كانت عينا جين تلمعان ببريق الفضول بينما كانت هيلين تتشبث بالباب مصرة علي عدم سماح له بالدخول .
- هيرمان نايت .
- شقيق جريج ؟ هيرمان نايت الكاتب ؟ هذا الذي ظهر في التلفزيون مساء امس ؟
كانت جين تتحث بصوت منخفض غير مسموع كانه تمتمة مختنقة .
ثم اضافت :
- و تطلبين منه ان يرحل ؟ هل جننت ؟
قالت هيلين :
- لم ادع رجالا لهذا الحفل .
- اسمعي سأواصل الحفل مع هيرمان نايت في اي مكان و في اي وقت ..
ثم ازاحت هيلين من موقعها الاستراتيجي و فتحت الباب علي مصراعيه .
- مساء الخير اسمي جين ..ز و اعمل ممرضة غير متزوجة و ابلغ من السن الرابعة و العشرين و قلبي خال تماما .
ومدت يدها نحو هيرمان فقبلها بأناقة عندئذ قالت هيلين بجفاء :
- دعيه يري اليد الأخري يا جين التي تضعين فيها خاتم الخطبة .
قال هيرمان منتحبا :
- يا له من قدر قاس ! الفتاة الوحيدة في العالم وقعت في حبها موعودة لشخص آخر !
ثم ركز نظراته علي هيلين التي اكتسي وجهها بحمرة الغضب و لكن لحسن الحظ لم تلاحظ جين ذلك و قالت :
- ها هو ذا الشراب ... هل هو طازج ؟ ممم ... رائع !
كم كنت اتمني ان يكون لي شقيق زوج مثلك علي الغرم من ان ستيف له اربعة
اشقاء .. انت لا تعرفين مدى سعادتك يا هيلين هيا ادخل يا هيرمان لأعرفك علي
الجميع .
جذبت جين هيرمان و تبعتها هيلين فقابله الجميع بفرح و تهليل و جلست هيلين
تراقب هيرمان و هو يمارس طرقه الرائعة في استمالته صديقاتها و اخيرا قالت
جيني بنفاذ صبر :
- متي تقررين فتح الهدية يا هيلين ؟
و الحق ان الفتاة لم تكن تريد فتح الهدية و كانت تنظر الي لفافة الورق
المفضض كأنها طرد من اللغم .. هل هيرمان يمكنه ان يقدم لها هدية عادية ؟
كانت سيرينا هذه تتحرق شوقا دائما لمعرفة المفاجات انها طفلة حقيقة ! و
هكذا بدات تفك العقدة بسرعة و لكن جين طلبت منها ان تكف عن هذا قائلة :
انها هدية هيليت ! و هي التي يجب ان تفتحها !

كانت هيلين محقة .. فلم يكن هيرمان من النوع الذي يقدم هدية عادية و كانت
العلبة تحتوي علي قطعة من الخزف الفاخر من نوع السيفر القديم و عليها صورة
ملاك .
صمت الجميع بينما كانت هيلين تتفحص الهدية علي الجانبين و كانت الصورة
لملاك نحيف ذي شعر ذهبي ووجهه يعبر عن صفاء و هدوء لا حدود لهما اما جناحاه
فكانا منقوشين ببراعة .. و كذلك ثوبه .
لابد ان هذه التحفة تمثل ثروة .
قالت هيلين في النهاية بصوت مرتعش :
- انها شاذة جدا في وسط الاشياء الموجودة هنا و التي تملأ المكان .
قال هيرمان بصوت هاديء :
- و لكنها مناسبة جدا .
تقلصت هيلين في مكانها و لحسن الحظ لم تلاحظ اي من صديقاتها ذلك لأنهن كم مشغولات بتفحص الهدية و قالت جيني :
- انها رائعة يا هيلين كما انك محق يا هيرمان انا مناسبة جدا ... هيا اذن احضري له هدية يا هيلين .
- آه . كلا ، انا...
- هدية ؟ لي انا ؟. ما هذا ؟
قالت جيني باصرؤار :
- هيا يا هيلين ، انا متأكدة انك ستعجب بها يا هيرمان ..
اضطرت هيلين لأحضار البلوفر و الحق انها لا تعرف السبب الذي جعلها تهتم بتصميمه بسرعة علي الغم من كثرة عملها انذاك .
اثناء خروجها من الحجرة استقبال الضيوف قالت هيلين
- يتبفي فيه بعض الغرز للأنتهاء منه .
و أتت هيلين بهدوء شديد كأنها تتأخر عن عمد في اشبع فضول هيرمان و كم كانت
تتمني الا تبدأ في هذا العمل ابدا ... لابد انه سيعتقد الآن انها تفكر فيه
فهو لا يعلم ان هانا طلبت منها البدء في تنفيذه اكثر من مائة مرة .
و اخيرا فردت البلوفر .. و كان اسود اللون هادئا جدا و مصمما الصوف و
الموهير و كان علي شكل 7 و في وسطه حلية مزينة من القطفية الذهبة بخيوط من
اللون الذهبي و الفضي علي شكل هالة .
و عندئذ قفز هيرمان من مكانه بينما كانت عيناه تشعان ببريق السعادة و الاعجاب .
- انه رائع يا هيلين ! انت حقا موهوبة ! هذا ما كنت اتخيله بالضبط فيما عدا ... انه اكثر روعة مما كنت اتخيل .
لم تستطيع هيلين ان تممنع نفسها من الاحساس بالسعادة ثم قالت جيني بابتسامة :
- بالاضافة الي انه يمكن ارتداؤه علي الوجهين هيا دعيه يري الوجه الآخر يا هيلين .
ترددت هيلين قليلا حتي شعر هيرمان بتعبير عينيها الترددة بين الخبث و القلق
و لكنها تقدمت منه و قلبت البلوفر علي الوجه الآخر ثم وضعته علي صدره
فكانت الحلية عبارة عن شيطان مزين بقرنين و ذيل و قدمين من الساتان الاحمر
...
انفجر هيرمان في الضحك .
- رائع جدا ! سأرتدي أذن الوجه الملائم لكزاجي ، متي سينتهي ؟ اريد ارتداءه فورا .
اعترضت هيلين قائلة :
- و لكننا مازلنا في فصل الصيف .
قالت جيني و هي تأخذ البلوفر من بين يدي هيلين بسرعة :
- يمكنني ان اكمله لك فورا اذا اردت حتي تستطيع ارتداءه قبل العودة الي المنزل .
صاحت هيلين :
- و لكنه سيسبب له حرارة رهيبة .
- حسن في هذه الحالة يمكنني الانتظار حتي حلول الشتاء ...
تسببت الملاحظة في استغراق هيلين في اتفكير في المستقبل ففي خلال شهور
قليلة ستصبح امراة متزوجة و ربما تكون حاملا ايضا و سيصبح هيرمان عم طفلها .
و تخيلت انها بمجرد زواجها من جريجد سيختفي هيرمان تماما من حياتها .. تري هل سيزورها قليلا نظرا للرباط العائلي الذي يجمع بينهم .
- هيلين ؟
قفزت الفتاة من مكانها عندما قال لها هيرمان :
- هل تحلمين و انت مفتوحة العنين ؟ و هل ما قلته هو السبب الحقيقي فيما تفكرين فيه ؟
خمنت هيلين انه يعرف الاجابة من نظراته اليها فبدأت ترفع الهدايا التي
تلقتها بما ان هيرمان لك يكن مستعدا بعد لفتح زجاجة الشراب الثانية بدأت
الفتيات في الرحيل الواحدة تلو الخري و لكن علي المضض و جاء الوقت المنتظر و
قامت ثلاث فتيات بتوديع هيرمان بالقبلات الحارة و اخيرا رحل الجميع و بدأت
هيلين و جين و سيرينا في اعادت ترتيب المكان و لكن سيرينا القت نظرة سريعة
نحو الساعة يدها فم يعد متبقيا سوى 38 دقيقة لإقلاع طائرتها و كان الرجل
الذي تعمل لديه قد منحها اذنا لـ 24 ساعة و لكن يجب عليها العودة بسرعة الي
ولنجتون حيث يبقي السناتور و اسرته خمسة عشر يوما فقط .
و هكذا بدأت الفتاة في جمع حاجاتها المتناثرة هنا و هناك بينما اسرعت جين
نحو التلفزيون تطلب لها سيارة اجرة و عندما لاحظت جين طريقة سير صديقتها
المتأرجحة عرضت عليها مرافقتها حتي المطار ثم قالت :
- اتركي كل شيء كما هو يا هيلين .
و كانت تشير الي كومة الاطباق و الاشياء الاخري المتناثرة علي الارض و هي
تمسك بذراع سيرينا التي اخبرت هيلين بعجزها عن حضور الزفاف ثم جذبت جين
سيرينا نحو الباب و غادرا المكان .
و بعد رحيل الفاتين شعرت هيلين اخيرا انها اصبحت وحيدة مع هيرمان فذهبت علي
المضض في اتجاه حجرة استقبال الضيوف فوجدته يهتم بتفحص البلوفر و كان
يرتديه علي ناحية الشيطان .
- مم .. انه رائع في الارتداء ، كما هو رائع في النظر اليه .
قالت هيلين بهدوء :
- انا سعيدة لأنه اعجبك
- و الآن ، كم تريدين مني ؟
- لا شيء انه هدية .
و كانت هذه فكرة جيني ... الا تدعه يدفع ثمنه ..
- حين اشكرك يا هيلين زز لقد تأثرت بعنايتك هذه !
- لم تكن فكرتي .
- و لكنك نفذتها و علي العموم هذا لطف منك مهما كانت الظروف .

شعرت هيلين بالهدوء الشديد الذي يسيطر علي المكان بعد الضوضاء التي كانت تماؤه ... عموما مهما كانت الظروف كما يقول .
لابد لها الآن تطلب منه الرحيل في اسرع وقت ممكن و لكنه كان قد بدأ يجمع الاطباق التسخة و اتجه نحو المطبخ .
- ماذا تفعل ؟
- احاول مساعدتك فانا اعرفك لن تتركي كل ذلك لـ جين بعد العناء الذي تكبدته في اعداد هذا الحفل .
قالت له بحزم و هي تأخذ من يديه كومة الاطباق :
- هذا ليس شأنك ، سأهتم بذلك بنفسي .
و لكنه استدار ليجمع بقية الاطباق و تبعها نحو المطبخ ثم همس قائلا و هو يفتش في الصواني المطيخ عن سائل غسيل الاطباق :
- انت تعرفين انني اجيد التصرف عندما اريد .
تنازلت هيلين عن اعتراضها و ذهبت لتاتي ببقية الاكواب و الاطباق و كان هيرمان قد بدأ الغسيل بعد رفع كمي البلوفر .
قالت هلين :
- لقد وضعت كمية كبيرة من السائل .
- هكذا تصبح الاطباق اكثر نظافة ... مثل الحب تمام ... المزيد منه افضل .
لم تجد هيلين ما تجيبه به و بدات تجفف الاكواب بنشاط ثم تضعها في الصوان .
قال هيرمان :
- مم .. اتمني ان تكوني رقيقة مع ملاكي عندما تنظفينه من التراب .
- لم يكن مفضلا ان تتصرف بهذا الجنون !
- لم اكن انوي ذلك و لكنني رأتيه في زجاج محل فشعرت انه يشبهك كثريا لدرجة
انني لم استطع مقاومته و لم احتمل فكرة ان يشتريه احد غيري .
اعترضت هيلين :
- و لكنه لا يشيهني ... فهو نحيف و اشقر ... ولا يشبهني في اي شيء .
قال هيرمان بهدوء :
- ربما يشبهك من الداخل فهو يشع بالرقة و القوة و الحنان ... كما انه يمنح الحب لمن لا يستحقه .
رمت هيلين المنشفة علي النضدة و قالت :
- لماذا يا هيرمان ؟. كان يمكنك ان تكلف والدتم بإحضار الهدية بدلا منك ..
- كنت اريد ان اراك سعيدة يا هيلين ن و لكني لا اعتقد انك ستجدين سعادة في زواجك مع جريج و انا اتيت اليوم هنا بسببه هو .
- بسبب جريج ؟ انا لا افهم !
- اهدئي فهو لم يغير رأيه للأسف ! و ينوي اتمام الزواج في الاسبوع المقبل و لكنه رجع من بانجكوك.
- اعرف ذلك فهو اتصل بي هذا الصباح ثم بعد ؟
- اذن لقد لغي عهدنا .
- اي عهد ؟
- يجب علي الا اراك اثناء غيابه .
- ماذا ؟
- لقد منعني من رؤيتك اثناء غيابه ... فهو لا يثق بي .. او بك ! لذلك عقدنا اتفاقية .
- اتفاقية تخصني انا ؟ انتما الاثنان ؟ بدون علمي .
في هذه المرة تركت هيلين العنان لغضبها و انزعاجها و تماسكت كثيرا ختي لا
تصفعه و خرجت من المطبخ الصفير و اسرعت نحو حجرة الاستقبال الضيوف بحثا عن
شيء تنفث فيع غضبها فوقعت عيناها علي الملاك .
سألها هيرمان بهدوء :
- هل ستصلين الي هذا الحد ؟ تدمرين شيئا رائعا كهذا بهدف الانتقام مني ..
استدارت هيلين نحوه انه يقرأ افكارها كانها كتاب مفتوح الا تستطيع ان تخفي
عنه اي شيء ؟ كلا لن تكسر هذه التحفة من الخزف حتي لو كانت هدية هيرمان لن
شيئا بهذه الروعة لابد من احترامه .
صاحت هلين فاقدة ةعيها :
- هكذا تجرؤ .. بم اعبر عن هذا ... التحدث من وراء ظهري ؟
لا اهمية لما اظنه .. فانا مجرد بضاعة رخيصة الثمن ! و هذا
و هذا بسبب خطئك ... كما انك لا تمف ابدا عن اشعال مخاوف جريج ! ولو حضرت
الي هنا عشر مرات في اليوم الواحد لن يغير ذك من شيء ! و لن يغير ذلك
مشاعري نحوه !
- و لكمه لا يشاركك هذا التفكير كما انه يرتاب من تصرفاتك .
لو كان جريج يرتاب فيّ لأمكنه ان يتحدث اليّ فنحن لسنا في حاجة الي وسيط و خاصة وسيطات محايدا و غير مبال مثلك !
- لا تهاجميني هكذا يا هيلين فلم تكن فكرة هذه الاتفاقية فكرتي و كل ما في
الامر انني قلت : انني احبك و انني سأحاول جاهدا انتزاعك منه .. و لكن بدون
التحدث او المكر من وراء ظهرك و بدون اللجوء الي طريقة التي اتبعها مع
زوجتي ...

- يا الهي ! كيف استطعت قول ذلك ؟ اخيرا فهمت السبب في هدوء جريج عندما اخبرته ..
- اخبرته بماذا ؟ ماذا قلت له يا هيلين ؟
اجابته هيلين بتحد :
- قلت له ما كنت قد قررت قوله انني كنت علي علاقة بشخص ما .
- هذا كل شيء ؟ و كيف بررت السبب في صمتك طوال هذه المدة ؟
اجابت هلين بغضب :
- انا لم اكن اكذب .. لقد اخبرته انني ذهبت الي الطبيب ... و هذا حقيقي ...
لكي اعرف منه وسيلة لمنع الحمل و انه اخبرني انني ... انني ...
قال هيرمان برقة مصطنعة :
- عذراء ؟
- لقد اخبرته انني لا اتذكر شيئا مما حدث لي في هذه الفترة و لكن ذلك حدث قبل العملية ... و قد وافقني علي ذلك .
- بدون ان يطلب مزيدا من التوضيح ؟
- بدون ان يطلب مزيدا من التوضيح.
لقد استقبل جريج هذا النبأ بهدوء شديد مما ادهش هيلين و ذلك عندما اخبرته
بهذا الامر و هما في طريقهما من المطار و كل ما فعله هو انه ربت علي يدها و
طمأنها بسرعة ان ذلك لن يغير شيئا .
شعرت هيلين ببعض الضيق قبل ان تفتح فمها !
و لكن يبدو انه يريد الاحتفاظ بعلاقة طيبة بينهما و هكذا فهمت السبب الذي جعله يخشي ان يستغل هيرمان سوء التفاهم الموجود بينهما .
- ربما شعر بالضيق لأنك رفضت منحه ما وافقت علي منحه لشخص غيره .
-قالت هيلين بصوت ينم عن الانتصار :
- حسن لو كنت تريد معرفة كل شيء فلم اكن انا التي رفضت منحه نفسي و لكن العكس !
- حسن ؟
لمع بريق غريب في عيني هيرمان .
- في هذه الحالة لقد تصرف معك إذن بنبل و ارتكب خطا جسيما و اعتقد انه يتحرق شوقا الآن لأعادة النظر في الموقف الجديد .
- في الحقيقة لا ، كما اخبرني اننا يمكن ان ننتظر حتي اتمام الزواج ...
- حقا ؟
في هذه المرة شعر هيرمان الضيق من اخيه و قال :
- انا اتساءل هل كان ذلك مصلحتك ام لمصلحته ؟
- بمعني ؟
- هل تريدين معرفة رأيي حقا ؟
ابتسم هيرمان فتمنت هيلين لو يلتزم الصمت و لكنه لم يفعل .
- صدقيني لو كان خاتم خطبتي هو الذي في يدك ما كنت منعتني ابدا عن القيام
بذلك ! فأنتما تشعران بالحب الشديد و مع ذلك تقاومان شيء غريب االيس كذلك ؟
- انا لم اقل ذلك !
قال هيرمان ساخرا :
- ماذا ؟ انك تحبينه ؟ ام انه من السهل المقاومة ؟
الم تسالي نفسك ابدا ما السبب الذي يجعلك منجذبه الي جريج ؟
حسن .. ذلك لانه ينجح في اشعارك بالأحاسيس التي تشعرين بها نحوي !
نظرت الفتاة اليه بثبات و تذكرت فجاة اول مرة فكر فيها جريج تقبيلها ن لقد
شعرت انذاك انها وجدت بين ذراعيه وطنها الحقيقي و سعد جريج بقولها هذا حتي
اخبرته انها تشعر انهما كانا حبيبين في حياة سابقة .
استظرد هيرمان قائلا :
- ان ما تشعرين به نحو جريج هو انعكاس لما تش\عرين به نحوي ... اتعتقدين
انني لا اري ذلك ؟ كما انني اعرف انك تشعرين بجانبه بالسعادة و الاكمان ، و
لكن ذلك لا يكفي ...
قالت هيلين فجاة :
- انت مخطيء .
ووجدت هيرمان كانه سبح بعيد يقف علي حافة الهاوية و خطوة اخري ستجد نفسها في هوة مخيفة و مجهولة .
فقالت مؤكدة :
- انا احب جريج ن و سأكون زوجة صالحة له .
- يا له من طموح متواضع !
كانت هيلين تجاهد في مقاومة اضطرابها و ارتباكها و لم تلاحظ ابدا ان هيرمان يقترب منها .
- هل امنيتك تقتصر علي كونك زوجة صالحة يا هيلين ؟
منزل و اطفال و شعور بالأمومة.. كنت اعتقد ان تأملين كل ذلك و لكن يمكنك
الحصول علي هذا معي انا ، ثم لماذا تفكرين في منح جريج كل ما قد نجحت انا
في خلقه بداخلك من احتياجات و رغبات منذ خمس سنوات ؟
ثم وضع يديه علي كفيها برقة و اخذ يتحسس ذراعيها حتي وصل الي كتفيها ن فهمست بوهن بدون ان تستطيع الحركة :
- كلا .
استطرد هيرمان قائلا :
- ربما لا تتذكرينني و لكن الماضي محفور بداخلك و علي اهبة الاستعداد
للظهور في اي وقت ... تخيلي لو ان اقتراب جريج منك في ليلة زفافكما يذكرك
بما حدث في الماضي ؟ و ان تشعري بيدي انا بدلا من يديه هو ؟
و ان تسمعي صوتي انا يردد احلي الكلمات في اذنيك بدلا من صوته هو ؟ و ان تتداخل ملامح وجهه في ملامح وجههي ؟
حملتها كلماته في دنيا اخري ... و كان هيرمان قد اقترب منها و التصق بها ن
فشعرت بدفء جسده بالقرب منها ، ثم شدد قبضته عليها حتي بدأت تتأرجح بينما
تشتعل الرغبة بداخلها .
لف هيرمان ذراعه حول رقبتها ثم انحني نحوها قائلا في همس :
- من انا ؟

- هيرمان ..
فجاة شعرت انها تحررت من هذا الحلم فقد اعادتها كلمات هيرمان الي الواقع فقالت هامسة :
- كلا .
و لكن هيرمان بدأ يقبلها بحرارة و دفء
- انا هيرمان و انت تعرفين ذلك و قلبك يعلم انني اول من اخذك بين ذراعيه
واول من ساعدك في اكتشاف سعادة كونك امرأة ... و كم كنت تحبينني طوال هذه
الليلة ! و كم كنت رقيقة و دافئة و نافذة الصبر ايضا و تتحرقين شوقا لمعرفة
كل شيء ..
كنت اكثر الفتيات اللاتي تقابلت معهن دفئا و حرارة ...
كنت اخر حبيباتي و اروعهن .. كنت حبيبي الوحيدة ..
ثم قبلها بحرارة شديدة فشعرت الفتاة باحساس رقيق و رائع ينتشر في كل جسدها و
اخذ هيرمان يتحسسها و حاولت الفتاة ان تعترض و لكنه اسكتها بقبلة رائعة و
بسرعة شديدة خلع هيرمان البلوفر و بدا صدره عاريا فالتصقت فيه هيلين و هي
سعيدة و عجزة عن ابعاجه عناه فقالت :
- هيرمان ....
و لكنه طمأنها قائلا :
- سيكون كل شيء علي ما يرام يا عزيزتي ... اعرف ذلك .. اعرف ذلك ...
ثم وضع يديه علي راسها و اقترب منها و هو يشدد قبضته عليها و أخذ يقبلها في رقبتها و كتفيها و هي سعيدة جدا
- هيرمان !
و هكذا حتي فقدت قوتها تماما و شعرت انها لم تعد تستطيع السيطرة علي نفسها و
لكن لو كرر هيرمنا فعلته الاولي معها و قضي ليلته بجانبها لن يستطيع
الابتعاد عنها ثانية و كانت هذه حقيقة مؤكدة بالنسبة له لقد انتظرها طوال
خمسة سنوات و لن يجعلها تفقد ثقتة به مقابل ليلة عبرة ن و اخيرا استجمع
قواه و ابتعد عنها و ظل يراقب ملامح وجهها البريء و قال :
- كم انت جميلة !
ثم اقترب منها ثانية ليقبلها قبلة اخيرة و قال و هة يمسك خصرها :
- لقد صرخت باسمي منذ لحظة هل تذكرينني دائما عندما تجدين نفسك بين ذراعيه ؟
و تخذ يتأملها قليلا حتي لاحظ انها بدات تعي ما حدث بينهما منذ لحظات فارتسمت علي ملامح وجهها الدهشة و الخوق .
- هل عادت لك الذاكرة يا هيلين ؟ .. هل قفزت الي ذهنط بعض الذكريات ؟
كانت هيلين تتأرجح كأنها علي وشك ان تفقد وعيها فأمسك هيرمان بها حتي تماسكت بصعوبة و قالت بصعوبة :
- كلا !
- ولا اي شيء ؟
- كلا !
- ومع ذلك رأيتك تزدهرين بسن ذراعي كأزهار في الصحراء عقب الامطار الغزيرة
... كان يمكنني استغلال ضعفك ... و انت تعرفين انك كنت ترحبين بذلك و لكنني
اريد اكثر من ذلك ، اريد مشاركتك حياتك كلها و اتمني ان تدعوني بنفسك
لمشاركتك اياها .
- ثم انمسك بيديها بين يديه و كانت هليين ترتعش بدشة و فجأة ابتعدت عنع بعنف و عصبية و قالت :
- كلا ! أبدا .. لن اسبب اي الم لـ جريج ... إنه يحبني .
- ذلك إذا لم يكن يلجأ إليك لملء فراغ حياته بشخص يحنو عليه ؟ و هو لا يحبك
يا هيلين لأنه لن يتمكن أبدا من طرد أليس من ذهنه ... انه يريد أليس و لم
يرد غيرها طوال عمره ن و لكنه تأكد انه لن يستطيع الوصول اليها فقرر البحث
عن بديلة لها ... و كنا انت البديلة !
- انت تكذب انت تقول ذلك لــ ...
- انت مجرد بديلة بالنسبة له :لذلك لم يحاول الاقتلااب منك قبل الزواج لأنه
يخشي مواجهة الحقيقة و هكذا قرر اختيار الوقت الذي يصبح خلاله غير مخير
كالعادة .
قالت هيلين بصوت مرتعش بينما كان هيرمان يحيطها بذراعيه حتي لاتفقد توازنها :
- انا لا اصدقك .
- هل حاول احاطتك بذراعيه كما افعل انا معك ؟
هل حاول النظر اليك كما انا افعل معك ؟ هل نجح في اشعال رغبتك كما ...
- كفي !
ابتعدت هيلين و هي تضع يديها علي اذنيها كأنها تحمي نفسها منه .. إن كلماته لها تأثير قوي عليها و هي لا تريد الاستماع اليها .
كلا جريج لم يكن ابدا بعيدا عنها ... و لكنه يحترمها ، و عندما يفكر في
الاقتراب منها يكون ذلك دائما تحت ستار الظلام ... في السيارة او علي ضوء
الشموع في شقتها ، و لم تتخيل ابدا ذلك شيئا غريبا فهو يحترمها و هذا كل
شيء و لكن هيرمان يريد غرس القلق بداخلها لذلك يذكرها دائما بــ اليس .
قالت الفتاة بصوت حازم :
- اذهب فورا و الا اتصلت بـ جريج و اخبرته بكل شيء .
كان لابد له الخضوع لأمرها نظرا لنظرات العداء التي تملأ عينيها .
قال هيرمان :
- أريد ان تصبحي انت و جريج صرحين مع نفسيكما هذا كل ما اتمناه .
أجابت بشراسة :
- أهذا كل ما تتمناه ؟
- هذه هي البداية ... فنحن نتمني لبعضنا يا هيلين و ستعترفين بذلك في يوم
ما ... و لكن كل ما اريده ان تصلي الي هذه النتيجة قبل فوات الاوان و الآن
سأرحل .
ثم أخذ البلوفر الخاص به و ارتدي الـ تي –شيرت الموجود علي الاريكة و قال :
- سأرحل رغما عني ... و كلن ما بيننا لن يتلاشي ابدا مهما فعلت .
- هيرمان ..
وقف هيرمان ليستمع اليها قبل ان يفتح الباب و عندما استدار نحوها ارتبكت
هيلين بشدة لرؤية نظرة الأمل التي تضيء وجهه ... و كان يبدو اصغر من عمره
..
كأنه عاد خمس سنوات الي الوراء .. فكان وجهه هادئا مملوءا بالطمانينة .. كما رأته تماما في اليوم التالي لأول ليلة قضتها معه .
لم تكن تريد ان ترحل في الصباح و لكنها كانت مضطرة لذلك ... فكان الوداع
حزينا جدا وشعرت انها ستحتفظ بذكري هذه الليلة بداخلها علي الدوام فنهضت من
جانبه و هي مقبوضة القلب و نادمة ...
و اخيرا قالت هيلين :
- زجاجة الشراب التي اتيت بها ... لقد نسيتها ...
نظر هيرمان الي شحوب وجهها و ارتعاش شفتيها و قال :
- احتفظي بها ... احتفظي بها ليوم الزواج .. يوم زواجنا .
ثم تركها وحيدة وسط ذكرياتها .

<blockquote class="postcontent restore ">
الفصل الثام
- هنا ستؤدي القسم يا جريج ، بعد ذلك يتم القيام بمراسم لبس خاتم الزواج ..
اعاد صوت القس هيلين الي الواقع و لم يكن من السهل ان يلاحظ احد اضطرابها و
احمرار وجهها في ضوء الغروب فسعدت هي بذلك .. ألا يعتبر تفكيرها في اشياء
شهوانية في هذا المكان خطيئة كبيرة ؟ و خاصة اثناء البروفة الاخيرة لحفل
زفافها ؟ و عندما تفكر في رجل آخر ؟ انها تتألم بشدة منذ البارحة نتيجة
للصور و الافكار الملحة التي تراود مخيلتها و خاصة بعد ان اغلقت الباب خلف
هيرمان و لم تكف لحظة عن التفكير فيه فقد نجح خلال اسابيع قليلة في قلب
حياتها رأسا علي عقب .. في قلب كل ما أسسته بنفسها ...
حتي الفكرة التي كونتها بنفسها عن نفسها ، انه لا يحبها من المستحيل ان
يحبها لمجرد انه قضي معها ليلة عابرة منذ خمس سنوات مضت ! و لكن ما الذي
تشعر به هي تجاه هذا الرجل هذا الغريب الحميم ؟ انها عاجزة عن مجرد التعبير
عن ذلك .
و كم من الاحداث توالت خلال هذه الفترة لدرجة انها لم تعد متاكدة من اي شيء .
حتي مشاعرها تجاه جريج اصبحت مضطربة و متناقضة علي الرغم من انها حاولت تصفية الامور و توضيحها اكثر من مرة !
كما توسلتالي الله ان يغفر ما تعتبره خطيئة و لا بد من التأكد من قدرتها
علي الوفاء بهذا الوعد قبل الاقتران بـ جريج و لابد لها ان تثبت لنفسها ان
هيرمان مخطيء .
جريج العزيز .. ظلت تنظر اليه بينما كان يتبادل الكلمت المازحة مع القس ...
انه طيب القلب ! و لا يمكنها ان تصدق انه لا يزال يحب امرأة اخري لم يرها
منذ عشر سنوات ! و لكن هل اليس لا تزال تشغل قلبه بعد كل ما حدث ؟
و لكن الم يقم هيرمان ببناء هيكل لتعظيم ملاكه الشاهد الوحيد علي لحظة صدق
حقيقة ؟ والآن هاهي ذي تواجه ذكريات حب مضي ان هيلين تفهم جيدا اه من الصعب
التخلي عن ذلك عندما يكون الانسان مفعما بالأحاسيس و قد يبقي الفرد محبا
لذكري شخص ما و لكنه لا يحبه هو شخصيا .
و منذ خمس سنوات نجحت هي في استمالة شخص غريب و الآن تحاول استمالة صديق و
اخيرا قررت هيلين ان تؤدي هي و جريج بروفة لليلة زفافهما ...
انه لا يزال يجهل هذا القرار و لكنها قادرة علي اقناعه لقد اتخذت هذا
القرار المهم بعد زيارة هيرمان لها في سوق فيكتوريا بارك و في هذا اليوم
تركت هيلين هيرمان و ذهبت لأحدى صديقاتها اللاتي يعملن في التجارة لتنقذها
من ورطة ما و كان محل صديقتها قريبا في المحل و عنئذ بحث عنها في السوق كله
ثم عاد ليتحدث مع جيني لأكثر من ساعة قبل ان يقرر الرحيل و كانت هيلين
تخاف مجرد مواجهته !
ومع ذلك لم تستطيع الاختفاء عن نظره كما انه يعلم انها تنوي الاقامة لدي
عائلة جريج لمد اسبوع قبل اتمام الزفاف و خاصة ان الكنيسة لم تكن بعيدة عن
المنزل و هكذا لم تستطيع رفض دعوتهم لها .. ان هيرمان نايت يستطيع التفاخر
بأنه يجعلها منافقة و متكتمة لكثير من الامور ...
لقد رفضت تناول العشاء معهم في اليوم السابق للبروفة الزفاف ، و بعد ذلك
قامت هانا لتحضير معا بروفة ثوب الزفاف و ثوبي جين و جيني وصيفتيها ثم
عليها ان تتفقد هي و هانا كل شيء فيما يخص الاستعدادات لحفل الزفاف و خاصة
الاستقبال الذي سيقام في المنزل كما ان جميع افراد عائلة جريج مدعوون لهذا
الحفل و يجب دعوتهم فردا فردا عن طريق التلفون كما يجب ان يتاكدا ايضا من
حضور كل شخص .
و عندما خبرها جريج انه ينوي قضاء الليلة مع اسرته لأن رائحة دهان منزله
تسبب له الضيق قررت قضاء الليلة بين ذراعي جريج و هي الطريقة الوحيدة التي
تمكنها من ابعاد ذكري هيرمان عن رأسها كما انه يمكنها بذلك العثور علي
الهدوء و الثقة في كل مرة تواجه هيرمان .
و كل ما تتمناه الآن ان تنجح هذه التجربة .. كما نجحت التجربى الأولي ... لا بد من ذلك .
و بعد ان خرج الجميع من الكنيسة انتبهت هيلين فجأة الي أنها لم تستوعب اي شيء مما حدث اثناء البروفة حفل الزفاف .
و لكن لا بد لها من معرفة ما حدث يوم السبت ! و هكذا رحب نيكولا بالذهاب
معها ثانية الي المذبح بصحبة صديقتها جين و في الناحية الخري كان الوصيف
دوج سليرز يحاول استمالة جيني و عندئذ وضعت جيني ذراعها في ذراع جريج
محاولة ابعاده عن الجميع قليلا .
- جريج .. لقد احضرت معي جزءا من جهاز العروس هذه الليلة ..
كان جريج يعلم انها تنوي قضاء الليلة السابقة للزفاف في منزل العائلة "
نايت " و كما قالت هانا لابد من تزينيها و تدلليلها كما يحدث دائكا في اخر
ليلة لأي فتاة قبل الزواج و بالتأكيد يسقضي جاك و سوزان و اطفالهما هذه
اليلية معهم ... ان ضيافة عائلة نايت لا حدود لها .

- ممم ؟؟
رفع جريج رأسه نحو السماء السوداء فلم ير سوى نجمة واحدة تلمع .
- نعم ... فلدي قميص نوم رائع من الدانتيل ارسلته لي سوزان من الدانتيل الاسود صنع في باريس .. يمكنني ارتدائه الليلة ..
بدا تعبير وجه جريج غريبا .. ربما يتخيل هذا الرداء ؟ كم انها تتمني ذلك .
التصقت هيلين به و هي تهمس قائلة بطريقة موحية :
- يمكنني عمل استعراض خاص للملابس هذه الليلة ..
- هيلين ..
توقف جريج و كانا علي مقربة من المبني الابيض في هذا الشارع الهاديء الذي
تقطن فيه عائلة نايت و كانت فروع اشجار الكرز تهتز برقة وفقا لاتجاه الريح
مع اصدار خفيف هادئ .
قال جريج بهدوء بينما الجميع يتوجهون الي المنزل مباشرة :
- هيلين .... هل تنوين ما اتخيله حقا ؟
لم تجب هيلين عنه و اكتفت بان تحيط رقبته بذراعيها و ان تقرب فمها من فمه
في البداية كانت قبلة جريج دافئة و فجأة شعرت هيلين بشيء ما ة لكنها سرعان
ما استبعدته ، فمهما حدث لن تندم ابدا ..
و اخيرا بعد ان ابتعد عنها قال جريج بضعف :
- هيلين ... اعتقد اننا كنا مقتنعين بضرورة الانتظار .
- و لكن ما الذي ننتظره ؟ انت تعرف انني اعتبر نفسي فعلا متزوجة .. ارجوك جريج ، انا احبك ن كما انني انتظرت طويلا !
- و لكن هذه الليلة ... في منزل والدتي ..
فوجئت هيلين بفكرة لو عرضت ذلك علي هيرمان لم يكن ليرفض ابدا ..
- جريج .. ان اسرتك تنام نوما عميقا ... و هذا يعتبر نوعا من المزاح ...
انها حقا تريد قضاء هذه الليلة معه و لكنها لا تريد مشاجرته و اخيرا التصقت به و ركت نفسها الي الوراء بطريقة مثيرة .
- انت ترغبني يا جريج ؟
سادت دقيقة من الصمت المطبق و اخيرا قال جريج بصوت دافئ و مطمئن :
- بالتأكيد ن ارغبك يا عزيزتي ... لكن ... لماذا هذه الليلة ؟ لماذا لا ننتظر حتي نكون في منزلنا ؟
تجاهلت هيلين الاجابة عن اسئلته و اخذت تتحسس شفتيه بأصابعها
- انني لم ارك كثيرا خلال هذه الفترة الاخيرة و اشعر انني افتقدك ..
- و لكنني اريد لك الكمال ..
- سيكون ذلك يا جريج .
وافق جريج في النهاية و لم يحاول التعمق اكثر من ذلك في هذه الطلب المفاجئ .
- حسن جدا مادامت هذه رغبتك .
- لابد ان تكون اكثر حماسا !
ابتسم لها جريج فقالت له :
- هل سنتقابل في حجرتك ام في حجرتي ؟
قال جريج و هو يجذبها نحو الممر :
- في حجرتك اذا اردت لقد وعدت باصطحاب دوج و والدي لتناول مشروب في الخارج عندما انت تقومين ببروفة لملابسك .
و هكذا لو رأني احد و انا اسير في مئزري فسيكون اهون من رؤيتك بقميص نومك المصنوع من الدانتيل الاسود ..
سارت هيلين و هي تضحك بعصبية .
- اعتقد اننا اتفقنا يا جريج ... لا اعرف اذا كنت تتذكر او لا و لكننا
سنزوج يوم السبت و سيري الجميع ان عدم تحركنا لنبجث عن بعضنا لهو شيء
الغريب و ليس العكس .
تلاشت عصبية هيلين عندما لاحظت صفاء وجه جريج و ابتسامته فقالت :
- انني حقا احبك .
لابما دهش جريج لقولها هذه الكلمات باصرار و الم و لكنه لم يقل شيئا و اكتفي بقوله :
- انا ايضا احبك يا هيلين .
قالت هيلين و هما يدخلان المنزل :
- انتبه لا اريدك ان تأتي الي و انت ثمل سأنتظرك في الفراش و معي عصا غليظة ..
- لا تخافي ، سأعودة الي المنزل و انا اقود السيارة و تاكدي انني لا اريد
ان اقضي اخر ليلة لي كعزب في السجن لمخالفة تعاليم القايدة .
ثم دخلا المنزل معا ولو كانا استدارا لرؤية من يخرج في ظل الجراج لشلهدا هيرمان نايت .
هكذا يرمي ملاكه بنفسه بين ذراعيه منافسه .. لقد حذرها منذ البداية و الآن مادامت هناك مخاطرة لا بد له من التدخل مهما كان الثمن ..
لماذا تحاول هيلين ان تبدو مخلصة ؟ هل حقا تحب جريج ؟
ان الموقف يتحول ضد هيرمان و اصبح مجال الحركة ضيقا للغاية و الحقيقة انه
لم يعد امامه خيارا .. ولكن هيلين تتصرف بيأس شديد بدون ان تعمل حسابا
للعواقب .
لابد له من ان ينقذها من نفسها كما انقذته هي من نفسه منذ خمس سنوات انها
تحتاج الي صدمة هي ايضا لتجد نفسها و لكن من المؤكد انه يخاطر باحتقارها و
بكرها له و مع ذلك ستفكر جيدا .. و لن تسير هكذا بدون تفكير نحو ما تسميه
مصيرها .
و بعد ذلك .. سيحاول .. لو لم يعد متبقيا امامه الا الثقة في الحظ و الحب و ربما يمكنه منع ملاكه من السقوط مع الاحتفاظ به للنفسه
يتبع بإذن الله

</blockquote>
 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
معلومات العضو
لالة بتينة

لالة بتينة

Admin

Admin
معلومات إضافية
كيف تعرفت علينا : غيره
الجنس : ounta
المهن : jami3i
الهواية : rkoub elkhayl
المزاج : ray9
الدولة : france
عدد المساهمات : 4981
تاريخ التسجيل : 14/05/2012
معلومات الاتصال
http://www.lalaboutayna.com/
مُساهمةموضوع: رد: رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي    رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي  I_icon_minitimeالسبت فبراير 16, 2013 8:30 am

<blockquote class="postcontent restore ">

الفصل التاسع

هبطت هيلين السلالم و دخلت الي المدبخ و هي تقول بسعادة بينما ترحب السيدة العجوز بقدومها بابتسامة :
- صباح الخير يا هانا !
فوجئت هيلين بـ نيكولا نايت جالسا علي المنضدة و هو يتمتم بكلمات غير
مفهومة من وراء الجريدة ، انه مشهور بأنه يكون طيب المزاج في الصباح و يهتم
كثيرا بقراءة النشرة الجوية ، كما يسرد ما ينوي عمله في الحديقة .
و كانت هانا تجلي امام زوجها و هي تمسك بفنجان الشاي و تشير الي هيلين
بطريقة موحية ... هل ينويان الاهتمام بشؤون المنزل اليوم ؟ ان ذلك مغاير
لعاداتهما و حقا لم تقابل هيلين زوجان متفقان الي هذا الحد ..فيما عدا هي و
جريج ... و بينما كانت تنظر باهتمام كأنها تراه لأول مرة كانت ملامح وجهها
تكشف عن ابتسامة رائعة ، الاشياء ، الاشكال ن الالوان ، كل شيء يبدو في
عينيها اكثر تناسقا و اكثر لمعانا .
قالت هانا :
- يبدو انك في احسن حال هذا الصباح .. انا سعيدة لأنك قضيت ليلة امس ن فكان يبدو علي وجهك الارهاق كثيرا .
جلست هيلين و اخذت تعد الفطور الخاص بها و ما كان يزعجها ان تشعر – لشدة سعادتها – انها تبدو شفافة .
الحق انها لم تكن سعيدة بمعني الكلمة و لكنها مملؤة بشعور غريب و احساس
رائع بالهدوء .. لقد انتهت مخاوفها و شكوكها ! و الآن يمكنها ان تسعد
بزواجها و هي تنعم بالهدوء في روحها والانشراح في قلبها .
تناولت هيلين عصير البرتقال و بدأت تتناول فطورها و هي تستمع الي حديث هانا
الهاديء انها تشعر بالحيوية و السعادة كم انها تتحرق شوقا لحضور جريج
لرؤية وجهه في ضوء الصباح و لاكتشاف سعادته الشخصية .
هل يشعر هو ايضا بالسعادة بعد هذه الليلة التي قضياها معا ؟ فلم يعد هنام وجود لذكريات الماضية .
لقد ذهبت الي حجرتها بعد الامسية التي بدت لا نهاية لها و بعد ان دخلت الي
الفراش امسكت بأحد الكتب حتي لا تفقد صبرها تماما و لكنها لم تستطيع
التركيز في القراءة .
و هكذا قررت الاسترخاء في الظلام بحثا عن الراحة و الهدوء و لكن هيهات ان
الساعة حوالي الرابعة .. هل يحتاج الي كل هذا الوقت ليحضر الي المنزل ؟ هل
لـ جريج اهتمامات اخري تشغله امثر من رغبته بها ؟ كلا ... انه يحبها ، و
سيحضر ..
ربما لا يريد جذب انتباه والده فقط اذا اصر علي العودة مبكرا و لكن كيف يمكنها النوم و هي تشعر بكل هذا القلق و العصبية ؟
و فجأة انتبهت عندما وجدت من يقبلها بحرارة شديدة .
- جريج ..
رفعت يديها نحو جريج و كان عندئذ بجانبها في الفراش .
و فجاة اخذ يتحسسها بقوة و تملك ففوجئت هيلين بتعجله الي هذه الحد ، و الحق
انها لم تكن تتخيل ذلك و ظنت انهما سيقضيان بعض الوقت اولا في الحديث و
التقرب من بعضهما ..
- جريج ... انتظر ...
و هاهي ذي تستعيد هذا المشهد من جديد عندما التصق بها جريج و ضغط عليها
بثقله و بقوة غريبة حتي كاد قلبها يتوقف عن الحركة فهي لم تعهده ابدا عاشقا
رقيقا كما كانت تتمني دائما و اخذ يقبلها من جميع انحاء جسدها حتي شعرت
هيلين كأنها وقعت في الفخ لدرجة انها ندمت علي قرارها هذا ، كان يمكنها
الانتظار حتي يتم الزواج لكي يتلاشي كل مخاوفها و لكنها اثبتت له حبها بهذا
القرار و جريج يستحق ذلك .. قالت الفتاة بيأس :
- جريج ... انتظر ...
انه يتجاهل المها و لكنها هي التي دعته الي فراشها ولو حاولت ابعاده عنها و
الآن ، بالتأكيد فسيحقد عليها .. و لكن لابد من تهدئته بأي طريقة حتي يهيئ
نفسه للاستماع اليها ، و لكن كيف السبيل الي ذلك ؟ لقد فاجأها اثناء نومها
فلم تقو علي المو اجهة ... لقد ظنته هيرمان خلال لحظات قليلة ...
من يعرف ، ربما لو نظرت الي ملامح وجهه الهادئة الأن فستفقد سيطرتها علي نفسها ؟
مدت هيلين يدها لتضيء النور و لكنها كادت ترمي بالمصباح عندما صرخ قائلا :
- كلا !
ثم امسك بذراعيها و انحني فوقها ليسيطر علي حركاتها فشعرت هيلين بشيء غريب و احساس جديد جعلها ترتبك فهمست قائلة :
- و لكنني ... اريد رؤيتك .
- كلا ... لست في حاجة الي رؤيتي ... و اكتفي بما افعله معك و بما تفعلينه معي ..
سرت قشعريرة في جسدها لدرجة انها عجزت عن الحركة فهمي لم تشعر ابدا بمثل هذا الاحساس .
اخذ يقبلها و يشدد قبضته عليها حتي فقدت سيطرتها علي نفسها تماما و كادت تصرخ طالبة منه التوقف ، كلا الاستمرار دائما ..
ثم همس في اذنها بصوت غريب :
- انا حبيبك ... حبيبك الوحيد الذي يرغبك ..
- نعم – آه .. نعم ..
كرري ذلك ... حبيبك الوحيد .

- حبيبي الوحيد
- قولي انك لن تحبي احدا غيري ..
- ابدا ... لن احب احدا غيرك ... انت فقط ..
- و إنك لن تبتعدي ابدا عني .
- ابدا ... اتوسل اليك ..
انها تتمني الان ان يقترب منها اكثر و اكثر و اخيرا التصق بها و غابا معا في عالم رائع ...
- هيلين ؟
ارتجفت الفتاة و اكتسي الان وجهها بحمرة الخجل كانت هانا تتجدث اليها و تنتظر اجابة عن سؤالها :
- انا اسألك هل تريدين مزيدا من البيض ؟؟
نظرت هيلين الي الطبق الموجود امامها و دهشت عندما لاحظت انها تناولت كل طعامها من دون ان تعي ذلك .
- سأكون سعيدة جدا لو اعددت لك مزيدا من الطعام و لكنني اعتقد انك ترفضين تناول كمية كبيرة من الطعام قبل البدء في العمل ..
رفع نيكولا الجريدة عن وجهه و هو جالس علي الطرف الآخر من المنضدة و قال :
- هانا ، بحق السماء ن كفي عن مضايقة الفتاة !
ظلت هيلين دهشة فلم تر ابدا نيكولا يتحدث الي زوجته بهذه الطريقة و لم تكن
قد لاحظت عينيه المحتقنتين وججه الشاحب قبل ان يبعد الجريدة من امامه .
هزت هانا رأسها موافقة و قالت :
- دائما ثمل ..
ثم قالت :
- هلي تريد مزيدا من القهوة يا عزيزي ؟
وضع نيكولا الجريدة و نظر بحقد الي زوجته .
- هل ترين ذلك شيئا غريبا ؟
- اسمع انت تستحق ذلك ! و ستدفع غايلا ثمن غلطاتك !
ثم وجهت حديثها الي هيلين التي بدت مهتمة بعض الشيء :
- انه مصر علي الشرب دائما و لهذا السبب يشجعني اهلي علي الخروج معه دائما ..
- لتعلمي انني قادر علي ...
انفجرت هيلين في الضحك .
- يجب ان تعترف انك كنت عاجزا حتي علي صعود السلالم !
نظرت هانا الي هيلين بطرف عينيها .
- لقد ارتمي علي اريكة حجرة الاستقبال الضيوف ! و لكن ذلك لم يمنع من سماع صوت زمجرته ..
- يبدو انك مرهق جدا هذا الصباح يا ابي !
ارتجفت هيلين عند سماع هذا الصوت وراءها .
- ما رأيك في كوب أخر اذن ؟
نظر نيكولا الي الكوب المملوء الذي يمده نحوه ابنه ثم وضع يده علي فمه و اسرع يختفي وراء الباب .
- هيرمان ألا تخجل من نفسك ؟
ثم انفجرت هانا في الضحك قائلة :
- انت تعرف ان والدك لا يحتمل ذلك ..
- الي هذه الدرجة ن ليس هناك خطر ! و الآن سأتناول هذا الكوب بنفسي !
و بينما ذهبت هانا لأعداد القهوة جلس هيرمان في مكان والده و كانت هيلين
تركز نظرها علي الفنجان القهوة الموجود امامها و هي تعي تماما ان نظرات
هيرمان مثبتة عليها .
- صباح الهير يا هيلين .
رفعت عينيها نحوه و هي تقول بثبات :
- صباح الخير يا هيرمان .
كان يجلس واضعا ذرايعه علي المنضدة و يسند ذقنه بيديه و كان وجهه جادا و منتبها .
ثم همس قائلا :
- هل نمت جيدا ؟
اكتسي وجه القتاة بحمرة الخجل ن هل عرف شيئا ؟ هل سمع جريج و هو يسير قادما اليها ؟ هل سمع صرخاتها ؟
- نعم ، اشكرك .
و لكنها لم تفعل اي خطأ .. لقد عبرت فقط عن حبها للرجل الوحيد الذي ملأ
عليها حياتها و هذه الحقيقة ، فقد قضت الليل بين ذراعي حبيبها تنعم بدفء
جسده و لكنها لم تجده عندما استيقضت و عندئذ شعرت بالوحدة اكثر من اي وقت
مضي حتي ايام مرضها .. و كم كانت تتمني ان تستيقظ بين ذراعيه .. اين كان ؟؟
و لماذا لم يأت اليها ؟
قال هيرمان :
- انا ايضا .
انه يحاول مضايقتها من جديد انه لم يعد ينظر اليها بنفس نظرة الضيق و الغضب
ن و لكنه يبتسم برقة و هي تشعر بأن هذه الابتسامة تتحسس جسدها انه لا يزال
يشعرها بالأضطراب حتي بعد هذه الليلة التي قضتها مع جريج ..
استدارت الفتاة نحو وجه هانا المطمئن .
- اين جريج ؟ هل ذهب مبكرا الي عمله ؟
- اشك في انه ذهب الي اي مكان !
كان صوت هانا مملوءا بالسخرية و هي تصب القهوة في فنجان هيرمان .
ثم استطردت قائلة :
- انه في حالة اسوأ من حالة ابيه ... الم تسمعيهما عند عودتهما في هذه الليلة يا هيلين ؟ كانا يغنيان و يرقصان !
و يبدو ان جريج وقع مغشيا عليه علي ارض حجرة الاستقبال الضيوف ن ولا يزال
هناك .. انه فقد القدرة علي الوصول الي اريكة حجرة المكتب .. اما انت يا
هيرمان فكف عن التصرف بهذه الطريقة الملائكية ! خاصة عندما طلبت منهما ان
ترافقهما لتقود السيارة حتي يستمتع جريج بليلته كما قلت ! لقد اخبرني
نيكولا بكل شيء و قال لي : انك لم تكف عن شراء المشروبات الكحولية لهما
بينما جلست انت بهدوء .
تحولت الرجفة التي سرت في جسد هيلين عند بداية حديث هانا الي خوف شديد ... إذن فقد جريج وعيه ..
تجمد الدم في عروقها وز دهشت كثيرا ... لو كان هيرمان هو الذي ...
لم تنتبه الي انها نهضت من مكانها الأ عندما امسكت بطرف المنضدة حتي لا تقع
علي الارض ... شعرت كأن ساقيها من المطاط و أن رأسها مملوء بالأفكار
المختلطة ..
نظرت الي هيرمان فوجدت علي وجهه تعبير الانتصار هادئا اذن لقد اتضح كل شيء .
- أنت ! ! ! ! !
انفجرت الكلمات من شفتيها الشاحبتين و لكن صوتها كان مسموعا بالكاد و رددت في هلع :
- هذه الليلة ... كنت انت !!
استراح هيرمان في الكرسي و عندئذ فتحت أزرار قميصه فظهرت في صدره علامة حمراء ... العلامة التي احدثتها له .
ظلت الفتاة جامدة في مكانها ن جاحظة العينين عندما رفع هيرمان اصابعه نحو
هذه العلامة اسفل رقبته ، و لم يبدو علي وجهه اي احساس بالضيق او بالندم .
همست قائلة :
- اي نوع من الرجال أنت ؟ كيف تفعل شيئا كهذا ؟
اجابها بهدوء :
- حسن .. بسهولة لم اكن اتوقعها !
تدفق الدم فجاة الي وجهها الشاحب وصرخت :
- انت شخص كريه يا هيرمان نايت ... أسوأ شخص قابلته طوال حياتي ! أتمني ان تدفع ثمن ذلك غاليا !
ثم انفجرت في البكاء و خرجت مسرعة من المطبخ تاركة هيرمان الذي قفز من مكانه و هانا في رعب شديد .
فرت هيلين نحو اول غرفة وجدتها في طريقها لتخفي عارها و ألمها و عندئذ كادت
تتعثر في جسد ملقي علي الارض ، و من خلال دموعها رأت جريج يتحرك ببطء و
يحاول النهوض بألم و اخيرا فتح عينيه قائلا :
- هيلين ... هذا أنت ؟ ماذا حدث ؟ ما كل هذه الضوضاء ؟
حاولت السيطرة علي نفسها ، فقد كانت تتمني ان تركله بقدميها عقابا له علي ما تسبب في حدوثه لها :
و لكنها تماسكت و جرت نحو النافذة و فتحتها لستنشق الهواء الطيب محاولة تهدئة ثأرتها .
هيرمان ، كان هو ... لهذا السبب لم يحاول اضاءة المصباح ، لهذا السبب كان
يتصرف معها بسرعة شديدة و الا كانت فهمت كل شيء ... حتي في الظلام لم يكن
هو جريج بشعره الطويل و عضلاته القوية و صوته الغريب ... و لكنها لم تلاحظ
اي شيء ..
و مع ذلك راودتها ذكري ما و قكرت انها لا تحب هذا الرجل بما فيه الكفاية
... و لكنها غابت معه في هذا العالم .. و تحولت مقاومتها الي رغبة عارمة ؟
- هيلين ؟
تعرفت هيلين علي صوت هيرمان فصرخت قائلة :
- لا تلمسني ... انت وحش !
- و لكنني سعيد لأن هذه الفكرة لم تكن لديك ... منذ ساعات قليلة ..
ابتسم هيرمان ، و فجأة اختفي ضعفها ورقتها و صرخت بصوصت عال :
- هل هذا شيء غريب ؟ هل تجد الاغتصاب موضوعا يستحق المزاح ؟
- لم يكن اغتصابا .
- اعتقدتك جريج .
- في الدقائق الخمس الاولي ن ربما ... كنت تطلبين من جريج الانتظار و لكن انا .. كنت تطلبين مني بل و تتوسلين الي لكي اواصل .
- لم ... لم أكن اعرف انه انت ... كانت الحجرة مظلمة ...
كانت كلماتها كاذبة حتي في اذنيها .
- كنت تعرفين انه انا يا ملاكي ... و هذا ما يسمي برد الفعل المنعكس .. كنت
تعرفين .. و لكنك لم تسمحي لنفسك بتأكيد ذلك خوفا من اضطرارك للأبتعاد عني
، كان ادعاؤك الجهل دافعا لسعادتك ... ربما كانت النية سيئة ... فكيف
تسمحين لنفسك بالزواج من رجل تضطرينه لمشاركتك الفراش رغما عنه ؟
- انا لا اعرف عن اي شيء تتحدث .
- يا لك من كاذبة يا عزيزتي ! لقد كنت في الحديقة مساء امس و رأيتك و انت
تحاولين اقناع جريج المسكين بالموافقة ، و شعرت ان الرغبة لم تكن هي التي
تحركك و لكن اليأس ..
و جريج ايضا يعاني نفس الشيء فقد كان سعيدا بمحاولتي دفعه الي الشراب و كان يوافقني مثلك انت .
- اذن ، انت ...
- موقف يائس و تصرفات يائسة ، لم اكن لأستطيع ان اتركك هكذا يا هيلين ! علي
الاقل ليس قبل ان اعرف الدافع المفاجئ الذي جعلك تطلبين الحب من شخص لا
تبالين به ن و لم اذهب هذه الليلة اليك في حجرتك إل لأؤكد لك و أوضح لك
الامور و الغموض و لكن بمجرد ان اقتربت منك و شعرت بتعلقك بي ، فقدت عقلي
تماما ...
صاحت هيلين :
- انت تكذب ! لقد حضرت الي و انت عار و ..
- الحقيقة كنت ارتدي مئزر النوم و لكن بمجرد ان لمست كتفيك نظرت نحوي ووضعت خدك علي يدي و همست بأسمي ...
- كاذب !
- ثم قذفت بالغطاء بعيدا عنك ، و عندما لمست فميص النوم الشفاف الذي ترتدينه ، ضعفت تماما
صاخت هيلين :
- و نوياك حسنة ؟ انت شخص قذر ! و عديم الذمة ن لقد استغللت موقفي ..
- حقا ؟ لم اشعر ابدا انك تقدمين تضحية ..
و عندما اغمضت هيلين عينيها ، اشفق هيرمان عليها و تحدث اليها بعذوبة :
- لقد فقدت عقلي تماما يا هيلين ... لقد كنت رقيقة و دافئة و ذكرت اسمي
اثناء نعاسك ... انا لم اقترب من اي امرأة منذ خمس سنوات و اخيرا وجدت
الاحلام التي طالما ارقتني ليالي طويلة تتحول الي حقيقة وواقع امامي ، انت و
انا ، معا من جديد ... عنئذ عاودتني الذكريات فلم اقاوم رغبتي ... اتفهمين
ذلك ؟
كان ضوء الصباح يملأ الحجرة حولهما و فجأة ارتسمت علامات الارتباك الشديد علي وجه هيلين رغما عنها ن فقال هيرمان :
- يا الهي ! لقد عادت اليك الذاكرة ! و هذا هو السبب في ضيقك المفاجيء ! لقد تذكرت كل شيء اليس كذلك ؟
و انت الآن لا تتمنين الانتماء الي جريج و لا تريدين التخلص مني . كان وجه هيلين المكسو بحمرة الخجل يؤكد حقيقة كلماته .
- الا تعرفين انك بذلك تستطعين ان تقضي حياتك هئمة علي وجهك من عشيق الي
عشيق بحثا عن السعادة التي وجدناها معا ؟ و لكنك لن تجديها ابدا .
- ان اقتناعك بنفسك يدهشني دائما ...
- كفي عن ذلك يا ملاكي ... لقد قلت بحثا عن السعادة التي وجدناها معا ... و
انت تعرفين انك شاركتني هذه السعادة . و لكن كيف و متي عادت اليك الذكريات
؟
انه لا ينتظر اجابتها : فهو يعرفها مقدما .
- في منزلك عقب الاحتفال الصغير ؟ بعد ان قبلتك ؟ نعم هو ذلك .
بدا الانتصار و السعادة علي وجهه و انفجر ضاحكا .
- لن تستطيعي الهروب من قدرك هذه المرة يا هيلين ... و لا يمكنك ان تدعي ان الماضي لا يعنيك في شيء بعد هذه الليلة .
ارحلي معي يا هيلين .. او افضل من ذلك ن لنتزوج يوم السبت ... ان كل شيء
معد ... و كل ما ينقصنا عمله هو تغير العريس في الدقيقة الاخيرة ...
كيف يمكنه المزاح ؟ و لكن لو لم يكن يمزح ، فأن الامر بغاية البشاعة .
قالت هيلين بجفاء :
- ان رأيك فيّ سيء جدا يا هيرمان لو تخيلت انني اوافق علي التخلي عن جريج لكي اهرب مع شخص اخر .
علي الرغم من الحرارة التي تشعر بها احست الفتاة بالقشعريرة اسفل ثوبها الخفيف الذي ترتديه .
ثم تابعت :
- و معك بالذات ... كيف اقترحت ذلك ؟ تلا اذا كان هذا هو المخرج الذي تبحث عنه منذ البداية !
- انت ايضا سيئة الظن بي ! لو كنت اريد منع هذا الزواج فذلك من اجلك و
لأنني احبك انت و ليس الأمر بسبب جريج ن انا احبك يا هيلين و اعتقد انك
تحبينني ... هل تنوين افساد حياتك كلها بسبب شعور واه بالذنب مثلما فعل
جريج ؟ و تتسببين في الآم اخري لا داعي لها ؟
اخذت هيلين تفكر لحظة عن اي شيء يتحدث و لكنها تراجعت عن ذلك و شعرت فجاة
بالأرهاق شديد يستولي عليها لدرجة انها شعرت ان رأسها يكاد ينفجر ن انها لا
تستطيع الزواج من هذا الـ جريج و لكنها لا تستطيع التخلي عنه بهذه الطريقة
و بعد كل ما فعلاه معا .
ربما لو كانت قد وقعت في حب شخص اخر لكان يمكنه ان يفهمها و لكن ليس هيرمان
..ز سيعتقد ان شقيقه حاول استمالتها ... و هنا ستكون القطيعة الحقيقة
بينهما و سينظر لها الجميع نظرة احتقار و سيبتعدون عن هيرمان اشمئزازا منه ،
اما السيدة و السيد نايت فألمها سيكون رهيبا و عندما تخيلت كل ذلك اغرورقت
عيناها بالدموع .
- لا تبكي يا هيلين ن سنحاول تسوية كل شيء .
كان ذلك صوت هانا التي ابعدت هيرمان عن طريقها و طلبت منه المغادرة الحجرة و
عنئذ حاول هيرمان الاعتراض علي محاولة والدته ابعاده عن هيلين التي
استسلمت لدموعها و هو يقول :
- ولكن ... اننا في حاجة الي الحديث معا .
- ربما تكون في الحاجة الي الحديث الآن ن و لكن فكر في هيلين ايضا انها علي وشك الانهيار ز
- انا ....
و لكن هيرمان لم يجد حججا مقبولة فتحسس بيديه خصلات شعره الاشعت بطريقة عصبية و عندما لاحظت هانا انه يرتجف بدت حانية عليه ..
- انت لا تفهمين شيئا يا امي ...
- آه انا افهم اكثر مما تتخيل ن انا لست عمياء و انت تعرف ذلم ... لقد تلقت هيلين المسكينة ضربة قوية علي رأسها !
و احاطت كتفي الفتاة بذراعها .
- امي ....
- انا لا اريد ان اعرف كيف استطعت ان تجعلها تصل الي هذه الحالة و لكنني افضل الاحتفاظ ببعض افكاري عنك يا هيرمان .
- انا لم اقصد ايلامها .
صاحت هانا غاضبة و هي ترتعش :
- حسن ، يمكنك الآن ان تتفاخر بنجاحك !
و عندئذ نظرت اليه هيلين فوجدت وجهه يكتسي بالحمرة كأنه طفل صغير و عندئذ اكتفي هيرمان بذلك و ابتعد فاستطردت هيلين و هي تصرخ :
- لو كانت هناك جائزة عن البشاعة لحصلت عليها منذ زمن بعيد !
قالت هانا :
- انه يريد إغاظتك فقط ن والان تعالي معي الي المخبأ يا هيلين ... اريد ان اريك شيئا .
تبعتها هيلين نحو المبني الصغير الموجود وراء الجراج و هي تتساءل هل يمكن
لهذه المراة الدافئة و الحانية ان تغفر لها الارتباك و القلق الذين
يستتبعان الغاء الزواج و لكن لو رفضت الارتباط بجريج فستكون علي وشك قطع اي
علاقة ثمينة بالنسبة لها .
كان هناك مصباح وحيد يتدلي من سقف المخبأ فيضيئه و كانت ارض المخبأ و جدرانه حافله بأشياء كثيرة .
قالت هانا :
- كل هذه الاشياء ملك لـ هيرمان لقد احضرها له نيكولا منذ ان كان في
الرابعة من عمره و حقا انا دهشة جدا لكون هذا الفتي المشاغب لم يحاول كسر
لعبة او افسادها فتبدو كأنها لم يمسها احد لقد احتفظ بها علي امل ان يسعد
احفادنا بالعثور عليها في يوم ما .
- و لكن ايت اشياء جريج ؟
تجاهلت هانا سؤال هيلين و قال :
- ها نحن اولاء هنا الآن !
و اخرجت صندوق كبيرا يحتوي علي عدد كبير من الصور وز الالبومات القديمة ثم
وضعت كرسيين مكسوين بالتراب بجانب بعضهما و عندئذ جلست هانا و هي تمسك بين
يديها الصغيرتين الالبوم الي تناولته من الصندوق .
- انت تعرفين انني اعتبرك كأبنتي يا هيلين و لا داعي لشعورك بالذنب هكذا
فأنا لست عمياء و اعرف ان هناك شيءا ما يسبب الانزعاج ... فانت لست كما
عهدتك منذ فنرة .
- هانا ...
قالت هانا مبتسمة :
- لا تقاطعيني مادمت بدات الكلامي ... كما انني الحظ ان اضطرابك منذ عودة هيرمان .
تنهدت هانا طويلا ن ثم تابعت :
- انني احب ابنيّ و لكنهما يتفننان دائما في تحطيم كل منهما سعادة الآخر و
قد اكتفيت حقا بكل هذه القصص ! فلو كنت تحبين جريج فلتتزوجيه و لو كنت
تشكين في حيك فلا تتزوجيه .... ان الامر سهل يا هيلين و لكنني اعتقد ان ذلك
لا يمثل المشكلة الرئيسية لك اليس كذلك ؟
لم تسطع هيلين الانكار امام نظرة الام الحانية لـ هانا فقالت بصوت مرتعش :
- ما الذي حدث بالضبط في قصة اليس ؟
هزت هانا رأسها قائلة :
- هذا ما تخيلته .
ثم استراحت في الكرسي و هي تضبط ثوبها المصنوع من القطن ذا تصميم المكون من الازهار ن و استطردت قائلة :
- ربما أكون سيدة عجوزا تدس انفها فيما لا يعنيها و لكن لا ضرر في ذلك
عندما فشل زواج هيرمان اعتقد اننا لم نقف بجانبه و اننا اهتممنا بـ جريج و
اليس اكثر منه و كم كنت اتمني انذاك ان تنتهي الامور علي خير وألا يتألم
هيرمان و لكنني شعرت انه بتدخلي قد اصل الي حد كره ابني لي و بعد ذلك فهمت
خطئي و لا أنوي تكرار ذلك ثانية لقد كنت احب اليس كثيرا و احتفظت بعلاقتي
معها بعد رحيلها .
صمتت هانا لتترك فرصة لـ هيلين لاستيعاب الموقف ثم قالت بعد قليل :
- و لدي بعض صورها .

امسكت هيلين الالبوم الذي اعطته لها هانا و عندما رأت صورة الزفاف شعرت بانقباض في قلبها ..
كان هيرمان صغيرا في السن .. اما اليس فكانت تبدو سعيدة جدا كانت طويلة
القامة نحيفة و رائعة الجمال و عنئذ شعرت هيلين انها تكرهها ثم اخذت تتصفح
الالبوم و تراقب الصور المختلفة التي تحكي قصة زواجهما و بعد عدة صور لاحظت
ان الصور تجمع بين جريج و اليس اكثر من الصور التي تجمع من هيرمان و اليس
...
و كان هيرمان يبدو عصبيا في بعض الصور كما لو كان يتمني عدم الظهور فيها .
قالت هانا :
- اعتقد ان اليس كانت تعرف منذ البداية انها ترتكب خطأ و لكنها قررت
المواصلة ثم وقعت في حب جريج و اعتقد انها لو كانت تقابلت معه منذ البداية
لاختارته دون منافسة او مشكلة لقد عاشت اليس طفولة رهيبة و ذلك لانفصال
والديها عن بعضهما اكثر من مرة عندما كانت صغيرة في السن ، و لكنها اخفت
ضعفها وراء مظهر التفاخر و اعتقد انها كانت تجهل الي اي حد تتمني بداخلها
مجرد زواج تقليدي لقد خلقت هي و جريج ليعشا معا وهو ايضا يفضل الزواج
التقليدي ... و هذه الفكرة جزء من المشكلة ..
ارتجفت هيلين ما السبب في حديثها عن الحاضر ؟ الم يكن من الافضل ان تقول
كان يفضل ؟ ثم لا حظت انها تركز عينهيا علي صورة ما ... صورة اليس و هي
اكبر في السن و تحتضن بين ذراعيها طفلا صغيرا ضعيفا في العاشرة من عمره
كانت الصورة بعيدة لا تجعلها قادرة علي تحديد لون عينيه و لكن هناك شيء ما
في شكل الطفل و هيئته جعلها تسأل :
- من هذا ؟
اجابت هانا بهدوء :
- انه جوشوا . ابن اليس
كررت هيلين بدهشة :
- ابنها .
و لكنه لا يشبه اليس ..ز انه حقا من عائلة نايت من اعلي رأسه حتي اخمص قدميه ثم همست هيلين بصوت حزين :
- انه لم يحدثني عنه ابدا ... و لم يخبرني ابدا بأنه أب لطفل ... آه يا الهي ..
- من هو الذي لم يخبرك ؟
- حسن اقد هيرمان !
نطقت هيلين اسمه بصوت مخنوق و كأنها تشعر بالخيانة .
- لم يكن هو المسؤول عن اخبارك بوجود هذا الطفل ، فهو ليس ابنه .
وقع الالبوم من بين يدي هيلين علي الارض مسببا سحابة من التراب بينما تدفق الدم الي وجهها و تجمدت يداها .
- ماذا تقصدين ؟ ان جوشوا طفل جريج ؟
هزت هانا راسها و انحنت لتمسك بالالبوم تاركة هيلين الفرصة لتتماسك قليلا .
- لقد كانت اليس لدي اسرتها في استراليا عندما علمت بأنها حامل و ان الجنين
ليس طفل هيرمان لذلك فضلت اخفاء السر و لكننا عرفنا بعد ولادة الطفل اصيبت
اليس بانهيار عصبي و ارسلت لنا اسرتها تطلب من جريج الاهتمام بالطفل حتي
تتماثل امه للشفاء .
- آه ، هانا !
اغرورقت عيني هيلين بالدموع .
- الحقيقة ان جريج شعر فورا بمسؤوليته عن حالة اليس فأخرجه هذا النبأ من
حالة اللامبالاة المقلقة و عندئذ سافر لرؤية جوشوا و ما ان تماثلت اليس
لشفاء حتي طلب منها الزواج و لكن الانفصال لم يكن قد اعلن رسميا انذاك و مع
مرور الوقت ازداد حجم الشعور بالذنب لديهما و كان هيرمان يزج نفسه في خضم
الاخطار المستحيلة ... فشعرا بأن لا حق لهما في السعادة معا و هكذا قرر
جريج زيارة ابنه فقط و كان يذهب بصفة دورية الي استراليا لرؤية جوشوا كما
يشارك في تربيته بوضعه في مدرسة داخلية و اليس لا تزال ترسل لي تؤكد حبها
لـ جريج و لكنه لا يستطيع الاقتراب منها الا و يتخيل خطاه ... و شيئا فشيئا
قلت زيارته لهما ثم قرر قطع علاقته نهائيا مع الماضي ... انه يحب جوشوا و
لكنه يعتقد ان الطفل في حاجة لوجود اب بجانبه طوال الوقت و ربما قرر
الابتعاد عنهما نهائيا حتي يمنح الفرصة لـ اليس للأقتران بغيره و ان كنت
اشك في ذلك .. و في رأيي انه لو لم ير جوشوا والده لكان من الؤكد سيشعر
بحزن عميق و هأنذي حكيت لك كل القصة حتي يكون قرارك علي اسا و يمكنك اذن
عمله ما ترينه في مصلحتك و ليس في مصلحة جريج ... او هيرمان .
- و لكنني لا اعرف شيئا .
قالت هانا بجدية :
- لو كان هيرمان ...
- لا اعرف ... يقول .. انه يحبني ، و لكن ... ربما يكون ذلك بسبب هذه الظروف و ربما يكون حقيقة .
لم تحاول هانا ان تسألها عن طبيعة هذه الظروف الغامضة .
- في هذه الحالة الامر يتوقف عليم انت اليس كذلك ؟ يتوقف علي احساسك ...
علي حقيقة ثقتك به ام لا .. انه رجل يا هيلين ... و اعتقد انه ناضج بالدرجة
التي تسمح له بتقرير مصيره و لكن لو كانت الشكوك تراودك فلماذا لا ترحلين
لمدة قليلة و تنتظرين وضح الامور ؟ لماذا لا تذهبين لزيارة شقيقتك ؟ و
يكفيك مجرد الاتصال به ... اعتقد انك في حاجة الي زيارة هونج كونج .
هونج كونج ... بالسخرية القدر .
اعترضت هيلين قائلة :
- و لكنني ... ى استطيع الرحيل هكذا ... اريد ان اقول ... الزواج ، الثوب .. الهدايا .. الاستعدادات ... العائلة ..
و فجاة شعرت انها تفقد القدرة علي المواصلة فقالت اها هانا بهدوء :
- دعي لي كل هذا ن و سنتحدث خلال خمسة ايام .
رفعت هيلين يديها نحو صدرها في رعب قائلة :
- و لكن جريح ... سيعرف ان الامر يتعلق بـ هيرمان .
قالت هانا :
- ليكن ... ربما ذلك افضل كما يقول هيرمان ن ربما سيشعر جريج بانه تحرر
انذاك من دينه و يصبح قادرا علي اتخاذ قرار حازم بشأن اليس و هذا ما تحتاج
اليه اليس حقا : دليل حب جريج لها و محاربته للحفاظ علي حبها ..ز و رمبا
يكون ذلك ما تحتاجين اليه انت ايضا من هيرمان .
- تعتقدين ان الامر سهل جدا !
ابتسمت هانا :
- ولم لا ؟ و ربما تكون الساعات الطوال التي قضيتها في صنع ثوب الاحلام لم تذهب ادراج الرياح ..

الفصل العاشر
كان هو !
شدت هلين قبضتها علي الكوب و هي تركز عينيها علي الرجل الذي يقف في الطرف
الآخر من البهو المزدحم بالناس تحت اضواء الساطعة لحمام السباحة .
كان يوليها ظهره و لكن خصلات شعره تداعب ياقة سترته الزرقاء و كانت مألوفة و مربكة لها .
و نسيت تماما ضيقها و مزاجها المعكر من سوزان الي احضرتها معها لحضور هذا الحفل الاسترالي المقام علي حافة حمام السباحة .
و كانت سوزان قد اصلات علي اصطحاب شقيقتها معها قائلة :
- من المؤكد ان هذا الحفل سيجعلك تغيرين افكارك !
و لكن هذا الحفل لم يفعل شيئا سوى مضايقتها اكثر و شعرت بأنها تمل من مجرد رؤية اي رجل علي هذا الكوكب الا هذا الذي تركته و رحلت ...
و هناك بعيدا عن حمام السباحة توجد ملاعب تني و الاسكواش و ملاعب الاطفال
حيث يتنزه الاطفال بصحبة المربيات الفلبينيات و هذا شيء مألوف بالنسبة
للسيدات اللاتي يردن النفرغ لأزواجهن رجال الاعمال امثال جاك .
و كانت هيلين تقضي اوقاتها في التنزه مع كارولين و مايكل و ليزا و لكنها لم
تنجح في التخلص من حزنها و قلقها اللذين يفسدان عليها اي متعة .
و لكن هل نجحت هانا في حل هذه المشكلة كما قالت لها ؟ و هل صفح عنها جريج فعلتها ؟
و الحق انه بعد ان افاق من سكره فهم ان هيلين قررت الغاء الزواج و حاول ان
يعبر عن حزنه لأنها خدعته ثم اخذ يكيل لها الاتهامات و لكنه لاحظ انها لم
تحاول الدفاع عن نفسها او مجرد النطق بكلمة واحدة فغضب كثيرا ثم اخذ يلعن
جميع السيدات و الفتيات علي وجه الارض .
وعندئذ قالت لها هانا :
- سيهدأ بعد قليل .
ثم قامت هانا بالاتصال بـ هونج جونج و حجزت لها في الطائرة المتوجهه الي
هناك في اليوم التالي و لم تفصح لـ هيرمان عن اي شيء مما ينويان عمله و
اخيرا قرر هيرمان ان يترك فرصة لـ هيلين للبحث عنها في اليوم التالي ليكتشف
انها رحلت .
و كانت تعتقد انه سيتصل بها تلفونيا فور وصولها و ربما يسافر اليها و لكن
الايام تمر دون اي بارقة امل و هنا قررت هيلين مواجهة الحقيقة انها لن تراه
ثانية .
فجاة عادت هيلين الي الارض الواقع فاكتشفت ان الرجل الذي كان يقف هناك
اختفي تماما ... بالتأكيد لم يكن هو ، لم يكن هيرمان زز لابد لها من التخلص
من هذا الوسواس حتي لا تصاب بالجنون .. لقد تركته دون كلمة واحدة دون ان
تترك له رسالة ... فلماذا يهتم بالبحث عنها ؟ ربما عاد الي نيويورك ليغرق
نفسه في تأليف كتاب جديد .
انها تلوم نفسها لتسرعها في الرحيل قبل معرفة العواقب هذا التصرف .
من المؤكد ان هيرمان يحتقر جبنها .. انها لم تخبره ابدا انها تحبه .. لماذا لم تواتها الجرأة لتعترف له بما تشعر به ؟
انها تكن له حبا عظيما و ليس العكس ن لقد تصرفت بطريقة مؤلمة .
- هل تريدين قضاء الليلة معي ؟
تركت هيلين الكوب فجاة فوقع علي الارض الف قطعة فلطخ الحذاء الباهظ الثمن الذي اشترته في الصبح بناء علي نصيحة شقيقتها سوزان .
همس هيرمان و هو ينظف البقع التي تناثرت علي سرواله الازرق اثر وقوع الكوب :
- ان ذلك يفتقر الي الرومانسية ، اليس كذلك ؟
قال سوزان التي كانت تقف بجانب هيلين :
- هل سمعت جيدا ما قلته الآن ؟
ابتسم هيرمان وهو يتأمل وجه هيلين ثم قال :
- لقد سألت هذه المرأة ان كانت توافق علي قضاء الليل معي .
كان يمكن لسوزان ان تتصرف بطريقة رهيبة و لكن رؤية هذا الرجل الوسيم الانيق الذي يرتدي سترة علي احدث موضة جعلتها تهدأ بعض الشيء .
و كانت هيلين تتطلع اليه بعنين واسعتين و لكنها دهشة جدا ..
اجابت سوزان بثبات و هي تسحب هيلين بعيدا عنه :
- حسن ن ذلك لا يهم هذه المرأة .
و لكن هيرمان تحرك عدة خطوات ليلحق بهما ، فقالت سوزان معترضة :
- يكفينا هذا يا سيد ! انها حزينة بما فيه الكفاية و ليست بحاجة الي سماع كلمات شخص مغامر مثلك !
- حقا ؟ حزينة ؟
هزت هيلين رأسها وهي تضع يدها علي صدرها ..
ان قلبها يكد يقفز من مكانه !
- يجب ان تستعيني برأي شخص مجرب .. فالحزن خطير جدا و خاصة عندما يحاول الفرد تحمله وحده .

ثم ابتسم بطريقة مثيرة و قال مؤكدا :
- ولكنني املك كفاءة لا مثيل لها في علاج هذه الآلآم .
اجابت هيلين بصوت اجش :
- في الفراش ؟
- هيلين !!
شعرت سوزان ان اختها تتصرف بطريقة غريبة .
- هل تقيم هنا يا سيدي ؟ هل لديك دعوة ؟
قال هيرمان دون ان يجيب عن السؤال الموجه اليه :
- في الفراش ، بعيدا عن الفراش ، في اي مكان ..
- اسمعني يا سيد ، لو لم تبتعد فورا فسأبلغ رجال الامن ...
- انني اقيم في جناح في الـ هيلتون .
ثم اخذ يفتش في جيب سترته دون ان يرفع عينيه عن وجه هيلين .
- ها هوذا مفتاح حجرتي ... لو شعرتي انك بحاجة الي وقت للتفكير .. فأنا لا اتعجلك ، و سأنتظرك طوال عمري .
انفجرت سوزان قائلة عندما وضع هيرمان المفتاح في يد هيلين :
- ما الامر بحق الشيطان ؟
و لكن هيلين نظرت الي المفتاح المعدني في يدها ثم شددت قبضتها عليه كما لو كان كنزا ثمينا .
انه مفتاح الحياة ، مفتاح الحب ن مفتاح باب السجن الذي وضعت نفسها فيه بأحزانها و شكوكها .
قالت سوزان :
- يبدو ان شقيقتي تلقي نفسها ين ذراعي اول رجل يأتي اليها ؟ اين جاك ؟ سترين انه سينمعك من ذلك !
قالت هلين بهدوء :
- لست في حاجة الي التفكير سأحضر اليك .
ثم اعطته المفتاح ، فقال لها هيرمان بصوت حاد :
- لا اريدك ان تخطيء فهم شيء لا اقصده ، و افضل ان تتضح الامور امامك فورا :
انني لا ارغب في مشاركتك الفراش طوال الليل و النهار فقط بل بقية حياتي ..
قالت هيلين بصوت مرتعش :
- آه ؟
انها تؤدي هذه اللعبة تحت مرأى و مسمع من سوزان المسكينة و عندئذ اقتربت منها سوزان و همست في اذنها :
- هيلين ! ارجوك لا تزجي بنفسك في الامر ! الا ترين انه شيطان ؟
و لكن هيرمان تابع حديثه قائلا :
- اريد الزواج منك .
- شيء طبيعي و انا موافقة .
ولأول مرة ابتسمت بينما لمعت عيناها ببريق خبيث و قالت :
- بعد ان حاولت استمالتك بهذه الطريقة ن لابد لي من رد اعتبارك بالزواج منك .
سألتها سوزان في قلق :
- هيلين ، هل تعريفن هذا الرجل ؟
اجاب هيرمان مبتسما :
- لقد اخذت وقتها و لكنها وصلت اخيرا ، انت سوزان علي ما اعتقد ؟
ثم استولي علي يدها و صافحها بحرارة .
- اقدم لك نفسي : هيرمان نايت .
- هيرمان ؟
اخذت سوزان تنظر اليهما الواحد تلو الاخر بعنين واسعتين ثم قالت لـ هيلين :
- هذا هيرمان ؟ هذا الذي ...
اكد هيرمان :
- نعم انا هو .
قالت سوزان بجفاء :
- حسن ... لا يمكن ان اقول انك متعجل ... والا لماذا لم تستقل اول طائرة قادمة الي هنا ؟
اجاب هيرمان بهدوء :
- كان لدي بعض الاشياء اريد تسويتها اولا .
تقلصت هيلين و قالت :
- جريج ؟
- وما شأنك بهذا ؟ هل تريدين الحصول علي موافقته ؟
هزت هيلين رأسها بدون تردد فتنهد هيرمان و قال :
- كنت اظن انه سيهاجمني و لكن ذلك لم يحدث فقد اكتفي بجعل الحياة مستحيلة
لاسرتنا خلال هذه الايام الاخيرة كما لو كان والداي غير حزنين لالغاء
الزواج ..
همست هيلين كانها مذنبة :
- كنت اعرف ان الواجب يحتم عليّ الانتظار .
- كلا كان من الافضل ان تبتعدي عن المنزل في هذه الفترة يا عزيزتي ، كما انني ساعدتهم .. بكل سرور ...
ولقد رحل جريج الي استراليا امس ... لنقل مثلا انه ذهب لزيارة جوش و ربما يستطيع ان يجد هو و اليس و السعادة اخيرا .
- وهل سيضايقك بهذا ؟
نظر هيرمان اليها بدهشة ، ثم لف ذراعه حول خصرها و جذبها نحوه وهو يتحسس خصلات شعرها الاسود فاقتربت منه و التصقت به
و قال لها :
- هل تعرفين انك جعلتني اعيش في جحيم خلال هذه الاسابيع الاخيرة ؟ والآن يا
ملاكي امامنا متسع من الوقت لأصلاح ما حدث و العيش في سلام .
قالت له هيلين نعم بعينيها و بعد ان اشارت لـ سوزان مودعة اياها ، رحلا معا الي فندق الـ هيلتون .

تمـــــــــــــــت
</blockquote>
 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» رواية اقدام في الوحل - كاي ثورب - عبير القديمة - عدد 73 كاملة
» رواية زهرة لفرجينا - ديانا كلارك - عبير الجديدة (كاملة)
» رواية المربية الحسناء وعدو المراة
» صنع حليب مركز محلى او نستلي
» شراب مركز لتزيين للحلويات والعصائر

خدمات الموضوع
 KonuEtiketleri كلمات دليليه
رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي , رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي , رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي ,رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي ,رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي , رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي
 KonuLinki رابط الموضوع
 Konu BBCode BBCode
 KonuHTML Kodu HTMLcode
إذا وجدت وصلات لاتعمل في الموضوع او أن الموضوع [ رواية ليلة عابرة كاملة مركز الدولي ] مخالف ,, من فضلك راسل الإدارة من هنا
صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
لالة بثينة  :: المنتدى الثقافي :: القصص والروايات-