لا يخلو شخص من نقص، و من المستحيل على أي زوجين أن يجد كل ما يريده أحدهما في الطرف الآخر كاملاً.
كما أنه يكاد لا يمر أسبوع دون أن يشعر أحدهما بالضيق من تصرف عمله الآخر، وليس من المعقول أن تندلع حرب كلامية كل يوم وكل أسبوع على شيء تافه كملوحة الطعام، أو نسيان طلب، أو الانشغال عن وعد "غير ضروري"، أو زلة لسان... فهذه حياة جحيم لا تطاق.
ولهذا على كل واحد منهما تقبُّل الطرف الآخر والتغاضي عما لا يعجبه فيه من صفات أو طبائع، وكما قال الإمام أحمد بن حنبل: "تسعة أعشار حسن الخُلق في التغافل". وهو تكلف الغفلة مع العلم والإدراك لما يتغافل عنه تكرُّمًا وترفعًا عن سفاسف الأمور.
وبعض الرجال يدقِّق في كل شيء وينقب في كل شيء، فيفتح الثلاجة يوميًّا ويصرخ لماذا لم ترتبي الخضار أو تضعي الفاكهة هنا أو هناك؟!
لماذا الطاولة علاها الغبار؟!
كم مرة قلت لكِ الطعام حار جدًّا؟... إلخ،
وينكد عيشها وعيشه!!
وكما قيل: ما استقصى كريم قطّ.
كما أن بعض النساء كذلك تدقِّق في أمور زوجها ماذا يقصد بذلك؟
ولماذا لم يشترِ لي هدية بهذه المناسبة؟
ولماذا لم يهاتف والدي ليسأل عن صحته؟
وتجعلها مصيبة المصائب وأعظم الكبائر.. فكأنهم يبحثون عن المشاكل بأنفسهم.
كما أن بعض الأزواج يكون عنده عادة لا تعجب الطرف الآخر، أو خصلة تعوّد عليها ولا يستطيع تركها مع أنها لا تؤثر في حياتهم الزوجية بشيء يُذكر إلا أن الطرف الآخر يَدَعُ كل صفاته الرائعة ويوجِّه عدسته على تلك الصفة محاولاً اقتلاعها بالقوة، وكلما رآه علّق عليها أو كرّر نصحه عنها، فيتضايق صاحبها وتستمر المشاكل،
بينما يجدرُ التغاضي عنها تمامًا، أو يحاول لكن في فترات متباعدة، وليستمتعا بباقي طباعهما الجميلة.
فلنتغاضى قليلاً حتى تسير الحياة سعيدة هانئة لا تكدرها صغائر، ولتلتئم القلوب على الحب والسعادة؛ فكثرة العتاب تفرِّق الأحباب.
جميل أن نتغابى لنكسب من نحب، وجميل أن نُوهِم من أمامنا أنه أكثر حكمة ودراية ومعرفة، فينفش الطاووس ريشة وكأن لا أحد مكانه