نظام التوثيق في المغرب
الدارس لنظام التوثيق في المغرب يجده مقسم إلى ثلاثة أنواع: توثيق عصري، وتوثيق عدلي، ثم التوثيق اليهودي، المتعلق بالأحوال الشخصية لليهود المغاربة.
وقد اهتمت الحماية بنظام التوثيق العصري عندما عملت على إصدار قانون 4ماي;1925 المعدل بظهير 26 فبراير1937 وفاتح ماي 1951 وهو قانون يأخذ شكل قانون عصري يمارسه من يتوفر على الجنسية الفرنسية غير أنه بعد الاستقلال وصدور قانون المغربة والتوحيد سنة 1965 أصبحت الجنسية المغربية هي المعول عليها،الشيء الذي يفيد أن الشرط الأول من الفصل 7 أصبح ملغيا،
وقد اشترط هذا القانون أن يخضع من توفرت فيه شروط ممارسة مهنة التوثيق الخضوع إلى التمرين واجتياز امتحان الكفاءة المهنية بنجاح، إلا من استثني بنص صريح، وهو الاستثناء الوارد في الفصل12 الذي نص على إعفاء مفتشي** مصلحة التسجيل والتبر شريطة قضائهم** 10** سنوات في** هذه الإدارة،** وكذا المحافظين والمحافظين المساعدين العاملين بالوكالة** الوطنية للمحافظة على الأملاك العقارية والرهون على أساس أن** يقضوا مدة لاتقل عن سنتين من الخدمة بهذه الصفة،** وما عدا هؤلاء من الموظفين** يخضع لشرطي** التمرين والنجاح في** الامتحان قبل اكتماله شروط الأهلية لممارسة مهنة الموثق**.
وإذا كنا نزكي** هذه الوضعية بالنسبة لزملائنا في** إدارة التسجيل والمحافظة العقارية،** فإننا نتساءل عن أسباب هذا الامتياز؟
وإذا كانت إدارة التسجيل والتنبر مؤهلة قانونا الآن في** تلقي** العقود المحررة من طرف الجهة المختصة قصد خضوعها للتسجيل واستخلاص مستحقات الدولة المالية،** كما أن المحافظين** يراقبون هذه العقود ويخضعونها للتسجيل بالسجلات العقارية متى رتبت حقا عينيا على عقار محفظ،** أو اعتمادها كوثائق مصاحبة لمطلب التحفيظ واستخلاص الرسوم عند ذلك،** وهي** مهمة لا شك تولد لدى هؤلاء حنكة وثقافة قانونية من شأنها المساهمة في** معرفة خبايا تحرير العقود،** إلا أن هذا لا** يجب أن** ينسينا أن هناك من الموظفين الذين بحكم وظيفتهم مؤهلون قانونا لتحرير تلك العقود قبل إحالتها على إدارة التسجيل والتنبر للتسجيل أو المحافظة العقارية لإقرار حق عيني** على عقار محفظ أو حق الأسبقية على عقار في** طور التحفيظ**.
ويستحضرني** في** هذه الوقفة ما** يقوم به أطر مديرية الأملاك المخزنية من مهام تكاد تكون** يومية بخصوص إنشاء وتنفيذ العقود**.
ولتوضيح ما سلف أرى انه من الضروري** إعطاء لمحة قصيرة عن اختصاصات هذه المديرية،** إذ أنه طبقا لمقتضيات الفصل** 14** من المرسوم المنظم لاختصاصات وزارة المالية الصادرة بتاريخ** 22** نونبر** 1978** فإن هذه المديرية تتولى القيام على الخصوص بالمهام التالية**:
**- الاقتناءات العقارية،** سواء بالمراضاة أو عن طريق نزع الملكية لأجل المنفعة العامة**.
**- الكراء والتخصيص لفائدة المصالح العمومية**.
**- التفويتات العقارية وتهم**: المساكن للموظفين الذين** يستغلونها،** والمساكن التابعة لقطاع السكنى**.
**- التفويتات المتعلقة بالأراضي** الفلاحية في** إطار الإصلاح الزراعي**.
ـ بيع المعدات** غير الصالحة للاستعمال والحطام البري** والبحري** وكذا ثمار ومحصولات ملك الدولة الخاص والعام**.
ولهذه الاعتبارات فإن أطر مديرية الأملاك المخزنية** يقومون بتحرير جميع أنواع العقود المتعلقة بالمعاملات العقارية وغيرها من قبيل**:
1** ـ تحرير عقود الكراء والبيع المتعلقة بالعقارات والأصول التجارية وفحص وتدقيق قوانين الشركات بمناسبة عمليات الكراء والبيع لفائة الأشخاص** المعنوية الخاضعة للقوانين التجارية
2** ـ تحرير عقود اقتناء عقارات أو حقوق عينية عقارية** من طرف الدولة** (الملك الخاص**) بالمراضاة** أو عن طريق نزع الملكية لأجل المنفعة العامة**.
3** ـ إجراء الخبرات العقارية،** سواء تعلق الأمر بالكراء أو البيع أو الإقتناء،** ضمن المعاملات العادية أو الاستثمارات الكبرى**.
4**: مباشرة إجراءات التحفيظ طبقا لمقتضيات القواعد** العامة والخاصة ولاسيما ظهيري** 1913** و** 1916** المتعلق بالتحديد الإداري** لأملاك** الدولة**. وكذا تسجيل الحقوق العينية العقارية والتشطيب عليها وفقا لظهير** 2** يونيو** 1915** المحدد للتشريع المطبق على العقارات المحفظة**.
5**: تقديم جميع العقود المحررة من طرف مديرية الأملاك المخزنية لإدارتي** التسجيل والتنبر والمحافظة العقارية قصد التسجيل،** والتقييد بالسجلات العقارية للمحافظة على الأملاك العقارية والرهون**.
ومجمل القول تعتبر مديرية الاملاك المخزنية الخبير العقاري** للدولة وفي** المستشار القانوني** مجال ملك الدولة الخاص والساهر على التسيير والضبط والدفاع عن هذا الأخير أمام القضاء**.
إن شخصاً** بهذه الصفة،** تتوفر فيه شروط تحرير العقود،** أي** الإعداد والتنفيذ** يُقصى من الإمتياز المنصوص عليه في** الفصل** 12** من ظهير** 4** مايو** 1925** المنظم لمهنة التوثيق العصري،** لايكون مبررا**.
وفي** اعتقادنا انه** يجب تدارك هذا الأمر من طرف الحكومة وهي** بصدد إعداد مشروع قانون** 03** ـ** 86** لتعديل الظهير المذكور،** ذلك أنه سيكون عدلا شمول أطر مديرية الأملاك المخزنية من الاعفاء من شرطي** التمرين وامتحان الأهلية لممارسة مهمة التوثيق العصري،** خاصة وأن المشرع نفسه من خلال مقتضيات الفصل** 418** من قانون الإلتزامات والعقود** يعتبر الوثائق الرسمية المحررة من طرف الموظفين عقودا رسمية**.
لذلك نقترح إدخال تعديل على الفصل** 12** من ظهير** 4** مايو** 1925** بجعله على الشكل التالي**:
**»يعفى الآتي** ذكوهم من التمرين ومن امتحان الأهلية المفتشون**….
وكذا مفتشي** ومتصرفي** مديرية الأملاك المخزنية الحاصلون على شهادة الإجازة في** الحقوق أو ما** يعادلها** والذين قضوا على الأقل** 10** سنوات من الخدمة الفعلية بهذه المديرية**.«
والأمل معقود على السلطة التنظيمية وكذا التشريعية لإنصاف هذه الفئة من الموظفين إسوة بزملائهم في** إدارة التسجيل والتنبر والمحافظة العقارية والرهون لأن التجربة والكفاءة ثابتة بحكم الواقع والقانون،** وكما قال ابن فرحون في** تبصرته فإن التوثيق صناعة،** والصناعة هي** وفن حرفة لايدركها إلا ممارس متمكن من أدواته،** وهو الشيء المتوفر في** من** يُنشىء للعقد النموذجي،** الذي** لاتجد فيه مصلحة التسجيل والتنبر ولا المحافظة على الأملاك العقارية ولا حتى المواطن ما** يقدح فيه.